لقيت الأحكام التي صدرت علي الرئيس السابق ووزير الداخلية بالإدانة وببراءة نجليه وعدد من مساعدي وزير الداخلية حسني مبارك اهتماما عالميا واسعا. وصفت وسائل الإعلام الفرنسية من إذاعات إلي قنوات إخبارية الصحف عبر مواقعها الالكترونية جلسة المحاكمة بأنها "يوم مشهود في تاريخ مصر" حيث يصدر القاضي حكمه في قضية الرئيس المخلوع حسني مبارك وهو أول رئيس عربي يدخل قفص الاتهام. في الوقت نفسه اكتفت صحيفة لومانيتيه الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الفرنسي بنشر تسلسل محاكمة حسني مبارك بالتفصيل الممل والإشارة إلي انها احتاجت 45 جلسة بالإضافة إلي جلسة الحكم وهي الجلسة رقم .46 قالت صحيفة الفيجارو: بعد ثلاثة عقود متتالية من حكم مصر بلا منازع مثل الرئيس المخلوع حسني مبارك في 3 أغسطس 2011. في سابقة من نوعها في تاريخ مصر والمنطقة أمام محكمة جنايات القاهرة لمواجهة تهم بالتحريض علي القتل وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين خلال الثورة المصرية. مبارك لم يمثل وحده أمام القاضي بل رافقه في قفص الاتهام نجلاه. علاء وجمال. وكذلك وزير داخليته. حبيب العادلي. وستة من معاونيه بنفس التهم التي قد تصل عقوبتها إلي الإعدام شنقاً. وفي مفارقة من مفارقات القدر انعقدت المحكمة بكامل هيئتها في المكان الذي كان يحمل اسم مبارك نفسه يوماً ما "أكاديمية مبارك للأمن". لينطق القاضي أحمد رفعت الحكم الذي لا ينتظره فحسب الملايين من أبناء مصر ولكن ينتظره العالم أجمع. اكتفت عدة صحف بنشر معلومات توثيقية عن محاكمة مبارك مثل أسماء المتهمين وطبيعة الاتهامات الموجهة إليهم وتطور جلسات المحاكمة التي استغرقت نحو عشرة شهور وبلغ عددها 46 جلسة بما فيها جلسة النطق بالحكم. وأكدت صحيفة لوموند ان الحكم يمكن أن يتردد صداه في أنحاء العالم العربي وسط مخاض تغيير سياسي. في ألمانيا قالت صحيفة سو دويتش تسايتونج انها تميل إلي ما قاله بعض المعارضين من أن الحكم "سياسي" بالدرجة الأولي وهو أقرب إلي تبرئة مبارك والعادلي بعدما تم تبرئة كل لواءات ورجالات الداخلية وجمال وعلاء. ولفتت الصحيفة الأنظار إلي أن الحكم يعد خبرا سعيدا لإسرائيل حيث يقنن استمرار تصدير الغاز المصري إليها. وأشارت إلي أن لجوء مصر إلي التحكيم الدولي في هذه القضية لن يكون مفيداً وستخسر مصر القضية لأنه تم تبرئة المتهمين أنفسهم أمام المحاكم المصرية. اتفق معلق صحيفة دي فيلت الألمانية مع زميله معلق سودويتش تسايتونج فأكد أن الحكم سياسي بامتياز وكان كل القصد من المحاكمة انها محاكمة ضد التوريث فقط ويجب ألا نتحدث عن قضية مبارك والعادلي بمعزل عن القضايا الأخري التي تم اتهام الضباط فيها بقتل المتظاهرين ولكن في النهاية حصلوا جميعاً علي البراءة. وفي بريطانيا أشارت صحيفة "مورننج ستار" إلي أن منظمة هيومن رايتس ووتش التي تراقب حقوق الإنسان والتي يقع مقرها في نيويورك سبق وتوقعت العقوبات بصورة تقديرية علي مبارك وأعوانه. ولم تذكر الصحيفة المعايير التي اعتمدت عليها في هذا التقدير. فقد توقعت أن يصدر الحكم علي مبارك بما يتراوح بين السجن 3 سنوات والإعدام. وقالت المنظمة إن عقوبة الاتهامات الموجهة إلي علاء وجمال تصل إلي السجن ثلاث سنوات. وأضافت أن العادلي ومساعديه قد توقع عليهم عقوبة تتراوح بين السجن لمدة عام والإعدام. اهتمت هيئة الإذاعة البريطانية بشكل خاص بردود فعل المرشحين المتنافسين في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة أحمد شفيق ومحمد مرسي. فقد نقلت عن شفيق قوله إنه يحترم أحكام القضاء. مؤكداً أن منهجه إذا ما حصل علي ثقة الشعب سيكون احترام القانون وتعزيز استقلال القضاء وانه كمرشح لرئاسة الجمهورية يؤكد إصراره علي قبول كل حكم قضائي. وأضاف في بيان له "ان أي رئيس قادم للدولة لابد أن يمعن النظر ويعي الدرس التاريخي وقد رأي أن رئيس الجمهورية السابق قد مثل أمام محكمة مصرية ينتظر حكم القانون عليه وأن هذا يعني انه لم يعد أي شخص في مصر فوق الحساب والمساءلة. علي الجانب الآخر استعرضت هيئة الإذاعة البريطانية رد فعل جماعة الإخوان المسلمين الذين يخوض مرشحهم جولة الإعادة. فقد أصدرت حركة الإخوان المسلمين بياناً جاء فيه "إذن من قتل الشهداء ومن أخفي الأدلة؟!". وتابع البيان قائلاً إن "الحكم في قضية قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير جاء صادماً لأهالي الشهداء والشعب المصري كله. وعاد ليطرح من جديد السؤال: من قتل الشهداء ما دام قادة الشرطة أبرياء؟". قالت صحيفة الديلي ميل البريطانية ان صدور الحكم علي الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالسجن المؤبد في اتهامات بقتل محتجين في الانتفاضة التي أطاحت به من السلطة في فبراير .2011 يجعله ينضم إلي قائمة حكام طغاة سقطوا في افريقيا والشرق الأوسط والمصير الذي لاقوه. ذكرت الصحيفة أمثلة عديدة مثل الرئيس العراقي صدام حسين بعد أن غزت قوات أمريكية وحليفة العراق في عام .2003 وحوكم علناً في اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية شملت أعمال قتل في الثمانينيات وأعدم في عام .2006 وانتقلت إلي ليبيريا حيث تولي الرئيس الأسبق صامويل دو السلطة في عام 1980 وأطيح به في حرب أهلية بدأها تشارلز تايلور. وفي عام 1990 قتل دو. وقطعت أذنه في شريط فيديو سجل لحظات إعدامه. وفي ليبيريا حكم علي الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور بالسجن لمدة 50 عاما أمام محكمة لجرائم الحرب قبل أيام لمساعدة متمردين في سيراليون ارتكبوا فظائع. ووجهت المحكمة الخاصة بسيراليون الاتهام إلي تايلور في عام 2003 وهو نفس العام الذي أطيح به من السلطة في تمرد. وألقي القبض عليه في عام 2006 بعد أن غادر إلي المنفي في نيجيريا ونقل تايلور إلي المحكمة. ولم تنس الصحيفة بالطبع الملف الليبي حيث قتل معمر القذافي الذي تولي السلطة في ليبيا 42 عاما في أكتوبر تشرين الأول .2011 ألقي القبض عليه وهو يختبئ في أنبوب صرف صحي بعد أن حاول الهرب من مسقط رأسه في سرت بعد حرب استمرت سبعة أشهر للإطاحة به. وأشارت أيضاً إلي الملف التونسي حيث هرب الرئيس زين العابدين بن علي يوم 14 يناير 2011 منهياً 23 عاما من حكمه الشمولي. وطار إلي السعودية حيث يقيم في جدة منذ ذلك الحين. وكان بن علي أول الزعماء الذين أطيح بهم في انتفاضات الربيع العربي. وعلي الساحة الافريقية أشارت الصحيفة إلي عيدي أمين المتهم بقتل الآلاف من أبناء شعبه أثناء حكمه الذي امتد من 1971 إلي عام 1979 بعدما أطاحت به قوات تقودها تنزانيا. ومات عيدي أمين في منفاه بالسعودية عام .2003 وهناك مثال الكونغو الديمقراطية هرب موبوتو سيسي سيكو الذي ظل رجل زائر الساقة القوي علي مدي ثلاثة عقود في عام 1997 عندما اقترب المتمردون من العاصمة. وتوفي في منفاه بالمغرب في نفس العام. وفي ذلك العام أعيد تسمية بلاده جمهورية الكونجو الديمقراطية. أما صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية قد أشادت بالحكم وقالت انها سيكون رسالة لأي رئيس مصري قادم قالت الجبهة الحرة للتغيير السلمي في بيان رسمي لها اليوم أن الحكم علي مبارك رسالة للرئيس القادم انك لن تكون خارج المساءلة. قالت صحيفة البوسطن جلوب التي هاجمت الحكم انه يبطل المقولة التي تقول إن رئيس الجمهورية القادم أياً كان لن يكون بمقدوره الإفساد والفساد مع نظره إلي مصير "مبارك"؟ لكن بهذه النتيجة التي ستفضي غالباً إلي البراءة فلن يكون هناك رادع لأي رئيس مقبل ليسير علي نفس خطي "مبارك" والرسالة واضحة. ومن هنا فإننا نؤكد أن الحكم يحمل مؤامرة خطيرة علي الثورة والثوار ورسالة لكل المنظومة الأمنية التي ستعود بصفة رسمية مع صعود الفريق "شفيق" علي الأرجح لكرسي الرئاسة ليعود معه كل رجال مبارك بترقيات جديدة للاستفادة من خبرتهم في القمع والتنكيل بكل صور المعارضة. أما صحيفة لوس انجلوس تايمز فقد أكدت محاكمة مبارك تؤثر في العالم العربي وتهز الأنظمة الاستبدادية. واعتبرت الصحيفة "الأمريكية ان الحكم الصادر في حق الرئيس المخلوع حسني مبارك بالسجن المؤبد مدي الحياة بتهمة التواطؤ في قتل المئات من متظاهري ثورة 25 يناير. أنهي محاكمة صاخبة أثرت في العالم العري وهزت الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط. وأضافت الصحيفة في سياق تعليق أوردته علي موقعها الالكتروني. ان الحكم كان له وقع جلل علي الشعب المصري المختلطة والمتباينة مشاعره وأشعل الهتافات يمتد صداها من المدن إلي القري البعيدة. كما أكدت الصحيفة أن الحكم من شأنه أن يؤول إلي تفاقم حدة التوترات بين مؤيدي الثورة والموالين لمبارك بما في ذلك المرشح الرئاسي أحمد شفيق. لفتت إلي أن هذه المحاكمة تعد هي المرة الأولي التي يتم فيها الحكم علي زعيم دولة عربية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الدولة من قبل محكمة مدنية. لافتة إلي أن الأحداث التي شهدتها المحاكمة جسدت "مصر غير المستقرة" خلال المرحلة الانتقالية. لكنها قد ترقي في الوقت ذاته إلي تجسيد "المثل العليا" التي ساعدت علي إلهام الحركات الثورية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وأكدت أن العديد من المتظاهرين الغاضبين قد وقفوا خارج وداخل قاعة المحكمة حاملين صوراً لمن قتلوا علي أيدي قوات أمن مبارك. بالإضافة إلي آخرين شعروا بالاستياء من تبرئة ستة من مساعدي العادلي. فيما طالبت عائلات وأسر الضحايا بإصدار حكم بالإعدام. ونقلت الصحيفة عن محمد إبراهيم الذي قتل شقيقه في 28 يناير 2011 أن "مبارك والعادلي سيتم تبرئتهم في الاستئناف أيضاً". مضيفا "في حال لم تجد المحكمة مسئولي الشرطة الذين أمروا بإطلاق النار مذنبين سيتم نقض حكم مبارك والعادلي".