السهرة التي اقامتها دار الأوبرا بالمسرح الصغير بذكري ميلاد الفنان الراحل سيد مكاوي في "1926- 1997" تعد من الاحداث الهامة لأنها حققت بجانب الحشد الجماهيري مجموعة من الإيجابيات التي نادرا ما نجدها في هذا النوع من السهرات. السهرة بدأت بندوة ثقافية تبادل الحديث فيها كل من د. زين نصار استاذ النقد الموسيقي وإيناس مكاوي الابنة الكبري للفنان الراحل والتي تشغل منصب وزير مفوض بجامعة الدول العربية. الريادة البداية كانت مع د. زين الذي كشف لنا بطريقة علمية مبسطة عن القيمة الموسيقية في إبداعات مكاوي وأوضح لنا من خلال تسلسل تاريخي دوره في النهضة الفنية وريادته في الغناء الجماعي والموسيقي المسرحية منها مسرحيات "الصفقة وهالو دوللي ومدرسة المشاغبين والحرافيش ودائرة الطباشير والإنسان الطيب لبريخت والسحاب لأرستوفان ولمسرح العرائس قدم "الليلة الكبيرة والفيل النونو والغلباوي وقيراط حورية" كما كان له ريادة ايضا في وضع مقدمات غنائية للمسلسلات الإذاعية كما تناول فترة تعاونه مع صلاح جاهين ومن خلال تسجيل نادر له عاش جمهور الحفل مع آراء مكاوي الفنية وروي بداياته الفنية بصوته ولكن الجديد الذي ذكره الدكتور زين كان الحديث الشيق عن ابداعاته في الصور الإذاعية وعن تعاونه مع فؤاد حداد في أعمال للاذاعة منها حلقات "نور الخيال وصنع الأجيال" وأوضح ثرائها الموسيقي كيف انها مليئة بالتراكيب اللحنية الشيقة والمعقدة والمركبة وكيفية التسلسل اللحني وحسن النقلات الغنائية ووسط هذا الحديث العلمي استمتع الجمهور بحديث ابنة سيد مكاوي فهي شخصية لبقة ذات حضور تتحدث بوعي كبير عن والدها الذي تناولت بذكاء كبير مواقفه الوطنية واتجاهاته الثورية بدون تصريح وانما بتلميح حين قالت اشعر ان والدي ولد من جديد مع مصر التي أيضا تعيش مرحلة ميلاد حقيقية أيضا أهدت للحفل أغنية لوالدها مسجلة فيديو كليب اتضح من خلالها تطور مكاوي في التناول الموسيقي.. قدمت إيناس والدها باسم فنان الشارع وربطت بينه وبين سيد درويش ولكن بصبغة إنسانية ممزوجة بوطنية تثير الإعجاب وقد ألقت كلماتها عن والدها بصوت رخيم وجميل وإلقاء بديع. الفقرة الفنية الفقرة الفنية في هذه السهرة أحياها كل من رحاب مطاوع وخالد عبدالغفار وهما من نجوم فرق الموسيقي العربية بالأوبرا بمصاحبة مجموعة من أمهر عازفي هذه الفرق يتصدرهم عازف العود سيد منصور.. غنت رحاب 3 أغاني بدأت بأغنية "أنا هنا يابن الحلال" لصباح و"أوقاتي بتحلو" لوردة و"يامسهرني" لكوكب الشرق وبتمكن المحترفين أدت هذه الأغاني المتنوعة بأسلوبها التعبيري التي تعلمته من المايسترو سامي نصير حين كانت بداياتها مع فرقة أم كلثوم قبل انتقالها لفرقة عبدالحليم نويره تحت قيادة المايسترو صلاح غباشي اما خالد عبدالغفار نجم الفرقة القومية بقيادة سليم سحاب شدا مجموعة من الاغاني التي غناها سيد مكاوي بصوته منها "مصر تحيا مصر" التي أنفعلت معها الجماهير واخذوا يرددونها ويصفقون مع نغماتها كما ادي "الرباعيات" التي تعد من أهم ابداعات الثنائي صلاح جاهين وسيد مكاوي والتي تخصص في أدائها حيث لديه قدرة علي التنقل بين المقامات بسلاسة حيث حرص في هذا الحفل ان يقدم مجموعة جديدة من الرباعيات التي يؤديها بدون فرقة موسيقية مكتفيا بعزف اللحن علي آلة العود.. ولكن الجديد والذي يعد من إيجابيات الحفل ان النجمين اجتمعا في فقرة واحدة حيث قدما بصيغة الدويتو اغنية "ماتفوتنيش أنا وحدي" كلمات حسين السيد وتباري الاثنان في الأداء وحرص كل منهما علي بيان قدرات صوته التطريبية والتعبيرية وكانت النتيجة استمتاع الجمهور والتصفيق لكليهما. الطفل المعجزة مفاجأة الحفل وأهم إيجابياته المطرب شهاب الدين محمود الذي تم تقديمه من مركز تنمية المواهب الذي فوجئنا بطفل صغير لا يتعدي عمره العاشرة من كورال المركز ويشاركه 6 من زملائه في الفريق حيث غني "حلوين من يومنا" و"الأرض بتتكلم عربي" ظهرت فيهما بصمات الدكتورة نادية عبدالعزيز الاستاذة المتخصصة في أغاني الطفل والمشرفة والمدربة لهذا الفريق منذ تأسيسه حيث تم اختيار الاغاني بعناية لتجئ مناسبة للاطفال من حيث الكلمات والألحان لنجد طفلا يغني بشخصية وبدون تقليد للكبار أيضا باتقان وبأداء جيد لتفاصيل اللحن..النجاح ليس فقط في الغناء وإنما في اختيار هذا الطفل الجريء والمبتسم والذي يحيي الجماهير بثقة ولكن أيضا ببراءة الطفولة والتي اتضحت حين قال كلمة عقب الغناء شكر فيها الفرقة الموسيقية والجمهور واستاذته التي نزل من المسرح ليقبلها وسط التصفيق الحار من الجماهير.