قضية العدد.. من الجرائم المثيرة التي يكتنف الغموض جوانبها وظروف ارتكابها.. وأيضا الدوافع وراءها.. ومما يزيد من كثافة الغموض حول الجريمة أن شخصية "المجني عليها" مجهولة ليس لعدم وجود مستندات تدل علي هويتها فقط.. بل لتعمد "الجاني" اخفاء ملامحها بتشويه وجهها بعد قتلها. وإذا كان الدافع وراء ارتكاب الجريمة مجهولا.. إلا أن الطريقة البشعة والقسوة في ارتكاب القتل يشير إلي أن الانتقام هو المحرك الأساسي للجاني في ارتكاب جريمته.. والتشفي كان الدافع وراء القسوة في ارتكابها وتشويه وجه القتيلة يؤكد الرغبة الدفينة لدي "الجاني" في الانتقام والتشفي في القتل.. وإن كان أيضا رغبة في تضليل رجال المباحث بالبحث عن شخصية "المجني عليها" وإبعاد الشبهات عن نفسه رغبة في الهروب بجريمته. وهذا يؤكد أن الجريمة لم ترتكب في مكان العثور علي الجثة.. بل في مكان آخر بعيدا.. وتم نقلها أو القاؤها بأرض زراعية مكان العثور عليها مما يشير إلي أنها من مكان آخر..ويؤكد ذلك عدم تعرف أحد من أهالي القرية علي الجثة. وإذا كان الانتقام والتشفي بالقتل وراء الجريمة فحتما كان هذا الانتقام بدافع الشرف.. ويتضح هذا جليا في طريقة ارتكاب الجريمة وتشويه وجه "المجني عليها" التي يشير عمرها إلي أنها في كامل أنوثتها وربيع شبابها. بدأ الكشف عن فصول الجريمة ببلاغ إلي مأمور مركز شرطة سنورس بعثور الأهالي علي جثة لامرأة مشوهة الوجه بقطعة أرض زراعية مرتدية كامل ملابسها.. ولم يتعرف عليها أحد من أهالي القرية. علي الفور أسرع رئيس مباحث المركز إلي مكان البلاغ حيث عثر علي جثة "المجني عليها" وهي لامرأة مجهولة الشخصية في العقد الثالث من العمر ترتدي عباءة وبنطالاً وليس بها إصابات ظاهرة سوي تشوهات بالوجه.. وليس معها ما يدل علي شخصيتها أو محل إقامتها. كما انتقلت النيابة إلي مكان العثور علي جثة "المجني عليها" وأجرت معاينتها الظاهرية.. وقامت بمناظرة الجثة.. وأمرت بنقلها إلي مشرحة النيابة لتوقيع الكشف الطبي لمعرفة أسباب الوفاة وساعة حدوثها وكيفيتها.. كما انتدبت خبراء المعمل الجنائي والأدلة الجنائية لتصوير الجثة ورفع بصماتها للنشر عنها والتحري عن شخصيتها. كما طلبت تقريرا عما بها من إصابات إن وجدت والأداة المستخدمة في إحداثها.. وكلفت المباحث بالتحري عن شخصية القتيلة وعن الواقعة وملابساتها وظروف ارتكابها.. وسماع أقوال "المبلغ" عن اكتشاف الجثة وسرعة التحري عن "الجاني" وضبطه واحضاره أمام النيابة مع الأداة المستخدمة في ارتكاب الحادث.. للتحقيق والقصاص. علي الفور أعد مدير إدارة البحث الجنائي بالفيوم فريق عمل بقيادة رئيس مباحث المديرية لكشف غموض الحادث.. وراح رجال المباحث يفحصون بلاغات الغياب بالقرية والقري المجاورة بالمركز والمراكز القريبة وإن كانت أوصاف إحداها تنطبق علي "المجني عليها" من عدمه.. كما قام خبراء الأدلة الجنائية بإعداد صورة لشكل "المجني عليها" من خلال الكمبيوتر في محاولة للتعرف عليها. أيضا قام فريق من رجال المباحث بالتحري عن العلاقات العاطفية التي أدت إلي مشكلات أو خلافات والبحث عن أصحابها لعل القتيلة تكون من بينهن.. وأيضا تم فحص المسجلات أعمال منافية للآداب والمشتبه فيهن بممارسة الرذيلة وإن كانت "المجني عليها" منهن أم لا. وإذا كانت التحريات رجحت أن يكون الانتقام للشرف وراء الجريمة وركزت في تحرياتها علي هذا الخيط والترجيح إلا أن رجال المباحث لم يستبعدوا أي احتمال آخر وراحوا يفحصون كافة الاحتمالات ويجمعون المعلومات ويجرون التحريات التي أكدت أن القتيلة ليست من المقيمات بالمركز وأنها من خارجه وأن "الجاني" ارتكب جريمته وقام بنقل الجثة وإلقائها بقطعة أرض زراعية علي طريق سنورس لإبعاد الشبهات عن نفسه..وان عملية تشويه الوجه كانت لاخفاء شخصية القتيلة وتضليل رجال المباحث. وعلي مدي أيام وليال طويلة من البحث والتحري قام خلالها رجال مباحث الفيوم بفحص كافة الاحتمالات ودراسة كل التحريات والمعلومات إلا أن أياً منها لم يقدهم إلي خيط يؤدي لتحديد شخصية "القتيلة" ينطلقون منه لفحص علاقاتها وخلافاتها والتحري عن أهليتها وسلوكها وخصوماتها.. لتستمر شخصية "المجني عليها" مجهولة حتي ورود تقرير البصمات وإن كانت مسجلة بسجلات الأحوال المدنية من عدمه. وما دامت شخصية "المجني عليها" مجهولة حتي الآن فإن دوافع الجريمة ستظل في طي الكتمان.. وأيضا يستمر الغموض محيطا بالحادث.. وبالتالي لا توجد أدلة أو خيوط تقود إلي شخصية "الجاني" الذي مازال مجهولا حتي الآن!!!