الأزمة القائمة حاليا بين مصر والسعودية والتي علي أثرها قامت الأخيرة بإغلاق سفارتها في القاهرة وقنصليتيها في السويس والاسكندرية وعودة السفير إلي بلاده تثير العديد من التساؤلات علي رأسها ولعله الأهم هل تستدعي أزمة حول شخص ما كل إجراءات التصعيد هذه؟ لاشك أنه كان بإمكان السعودية التعبير عن غضبها من تجمهر البعض حول سفارتها بطرق أخري أقل حدة خاصة وانه معروف عنها الحكمة في تناول مثل هذه الموضوعات والدليل انه اثناء مشكلة الرسوم المسيئة للرسول لم تقم بسحب سفيرها في الدنمارك فهل ما قام به الجيزاوي أشد وطأة ممن قام به صاحب الرسوم المسيئة؟.. أم ان هناك غرضا ما في نفس يعقوب من وراء ذلك وهو مايجعلنا نحتار حول الاسباب الخفية وراء هذه التداعيات. إن هذه ليست المرة الأولي التي تعكر فيها صفو العلاقة بين الشقيقتين إلا أن أي أزمة كانت تنتهي سريعا لتبقي العلاقة الوطيدة القائمة علي المحبة وتعود العلاقة لطبيعتها بل أقوي من سابقتها. في رأيي ان مازاد الطين بلة بين البلدين هي أبواق الفضائيات المصرية والسعودية أيضا التي تبث الوقيعة وتهول المواضيع وتجعل من "الحبة قبة" كي تجذب انتباه المشاهدين وتحقق أعلي نسبة مشاهدة حتي ولو كان ما تتناوله عاريا من الصحة ولايمت للواقع بصلة.. فشاهدنا التحليلات المصرية التي تناولت الأزمة واتهمت من خلالها السعودية بأنها تخشي علي الداخل ان تصله رياح التغيير والثورة التي تنسمتها مصر رغم انه اتضح كما نشر فيما بعد أن أحمد الجيزاوي قبض عليه لكونه مهرب مخدرات وليس ناشطا انتقد الذات الملكية السعودية.. علي الجانب الآخر فاجأتنا صحيفة عكاظ السعودية باتهام الجيزاوي بأنه عميل إيراني هدفه تشويه صورة المملكة في الخارج إلي جانب ان البعض هدد بالاستغناء عن العمالة المصرية واستبدالها بأخري من بلد مختلف وبين هذا وذاك وغيره من وجهات النظر التي لايسعها المقال يتوه المواطنون في البلدين ويدفع ثمن ذلك العامل المصري بالسعودية والذي اصبح مهددا بفقد لقمة عيشه نتيجة أزمة ليس له ناقة فيها ولا جمل. علي أية حال العلاقة بين السعودية ومصر أزلية ومتينة وما حدث هو زوبعة في فنجان لن تؤثر علي مشاعر المواطنين في الدولتين لأن البلدين لايمكن ان يستغني أحدهما عن الآخر لذلك نتمني ان يحتوي المسئولون الأزمة سريعا قبل ان تتدخل فيها اطراف اخري من مصلحتها بث الفرقة والشقاق بين الأخوة الأشقاء.. فهناك من يتربص بهما الدوائر لنشر الفوضي الخلاقة التي يسعون لتحقيقها في المنطقة.. فهل تستجيب الدولتان لجهود التهدئة أم نظل نحن العرب ندور في حلقة مفرغة كما هو معروف عنا أمام العالم دائما؟!