سوف تظل أرض سيناء المباركة البوابة الشرقية لمصر مثار أطماع الغزاة المتطلعين لنهب خيرات هذه المنطقة التي تضم كنوزاً في ثنايا ترابها الطاهر. بالاضافة إلي غزو أرض الكنانة ومن يستقرئ التاريخ ويستعرض فصوله يجد هذه الحقيقة ماثلة أمام عينيه منذ هجوم الهكسوس علي بلادنا ووقوف أحمس في مواجهتهم بجنود مصر الأوفياء. وهاهو التاريخ يعيد نفسه وتؤكد مسيرة الأيام أن أرض الفيروز مطمع للأعداء ويتطلع كثيرون للاستيلاء عليها والتقدم نحو السيطرة وفرض الإرادة علي مصرنا العزيزة. ولعله لا يغيب عن خاطرنا تلك الأسطورة التي تتردد علي ألسنة الصهاينة "إسرائيل من النيل إلي الفرات" وكأنه لا يكفيهم احتلال فلسطين ومطامعهم لا تتوقف من أجل تحقيق هذه المطامع. ألوان كثيرة من المكر والخداع والتربص للاستيلاء علي هذه الأرض المباركة وتدبير المؤامرات لتحقيق الأهداف الخبيثة. ولعله لا يغيب عنا جانب من هذه الحيل الماكرة في نقل فصائل من الاشقاء الفلسطينيين إلي مساحة من أرض سيناء. الأطماع تبدو واضحة للعيان خاصة في غياب العمران والعنصر البشري بكثافته في البناء والتعمير. مما يؤكد ان تنمية وبذل أقصي الجهد لنشر العمران في كل ربوع أرض الفيروز يبدد هذ المطامع ويوقف زحف الأعداء والغزاة. ولابد أن تكون هذه المهمة في مقدمة أولويات الحكومة ومختلف الأجهزة التنفيذية في شتي المجالات. واتخاذ التدابير اللازمة لقيام نهضة تنموية والاستفادة بخبرة وجهود أهل سيناء الذين تحملوا أعباء ومعاناة عبر سنوات طويلة من الكفاح ضد ألوان مختلفة من أطياف هؤلاء الطامعين قديماً وحديثاً. ولاشك أن أرض سيناء المباركة تضم مساحات تنبع بالخيرات من كل جانب. وقد أشار القرآن الكريم إلي جزء من هذه الثروات التي تسد احتياجاتنا من إحدي السلع الغذائية بالاضافة إلي استغلال طاقة الشباب والعاملين في العمل والإنتاج وتوفير فرص عمل والانطلاق بعيداً عن ذلك الشريط الضيق الذي انحشرنا فيه علي سنوات طويلة علي جانبي ضفتي نهر النيل. وإشارة آيات الله تؤكد أن علينا التزاماً نحو هذه الأرض المباركة. وتتضح هذه المعالم بقول الله تعالي "وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين" "سورة المؤمنون 20". إن هذه الإشارة توقظ في ضمائرنا حقيقة تتضمن أن أرض سيناء صالحة للزراعة وتضم في باطنها ثروة معدنية في حاجة إلي خبرة العلماء ورجال الجيولوجيا لاستخراج كنوزها واستغلال هذه المساحات في استنباط سلالات من المحاصيل سواء الزيتية كالزيتون الذي أشار إليه القرآن الكريم أو غيره من السلع الغذائية والثروات التي تحفل بها هذه المنطقة من أرضنا الطيبة. الخير يكمن في ربوعها ويحتاج إلي الأيدي العاملة التي تبذل العرق في تنمية مواردنا والخروج من أزماتنا وتحقيق آمال الأجيال في مستقبل أكثر إشراقاً وطموحاً. حقيقة إننا في أشد الحاجة خاصة في هذه الأيام لاتخاذ أفضل الأساليب وأيسر الوسائل لتعبئة كافة الجهود لتعمير وتنمية هذه الأرض الطيبة. بعيداً عن العبارات والتصريحات التي مللنا سماعها علي مدي سنوات سابقة يجب أن تكون هناك برامج وخطط واضحة المعالم لتنفيذ التنمية والتعمير. وأن تكون معدة علي أيدي خبراء وعلماء وهم كثير في بلادنا. لأن الأسلوب العلمي هو أفضل الطرق لتحقيق الأهداف. ولنتأمل مسيرة الأمم المتقدمة ولعل الصين أقرب النماذج. فلسنا أقل من تلك البلدان التي استطاعت استغلال امكانياتها وطاقة ابنائها في العمل الجاد والانتاج. مما جعلها تتمتع بالثراء وتحقيق طموحات شعوبها. يأتي في مقدمة هذه المهام أن يقوم الخبراء والعلماء بإجراء مسح كامل وأعتقد ان مراكز الأبحاث في الجامعات وغيرها من الجهات تضم كثيراً من الأبحاث العلمية التي تتضمن كيفية استغلال هذه المساحات من الارض في الزراعة والصناعة والسياحة حيث إنها تشتمل علي آثار يرجع تاريخها إلي آلاف السنين. ويتطلع الكثيرون لكشف هذه المعالم والكنوز وتحديد مواقعها بصورة تجذب ملايين السياح من شتي أنحاء الدنيا. ولا يغيب عنا الاستفادة بخبرة علماء الزراعة في تنمية واختيار أفضل أنواع التقاوي لزراعة المحاصيل خاصة بعد وصول مياه النيل إلي أرض سيناء. وهناك أبحاث في مراكز البحوث الزراعية يجب أن تخرج من الأدراج إلي حيز التنفيذ بهمة لا تقبل التقاعس أو المماطلة. الواجب يحتم علينا ونحن نحتفل بأعياد سيناء هذه الأيام أن نري الخطط والخرائط يتم اعدادها بصورة جدية واهتمام بالغ لتنفيذها وفق الامكانيات المتاحة بخطوات مدروسة وثابتة لا تتعطل عند تغيير الرؤساء أو القائمين علي شئون التنمية والتعمير. نريد نظام مؤسسة تعتمد علي قواعد ثابتة. بحيث يمضي التنفيذ بلا عوائق أو معوقات. حتي نري في فترة نقلة تؤكد أننا عازمون علي تنفيذ برامج تستهدف استغلال هذه المساحة من الأرض.. إن المزارعين والفلاحين لدينا علي أتم الاستعداد للانتقال فوراً إلي المناطق التي يتم استصلاحها وتهيئتها لاستقبال دفعات من هؤلاء المزارعين والفلاحين بحيث يجدون وسائل التعمير جاهزة لاستغلال طاقتهم. المياه متوافرة. الطرق معدة علي أحدث الاساليب. المساكن وشروط بنائها ميسرة. وسائل المعيشة مهيأة. إن مزارعينا وشبابنا في انتظار إشارة البدء والحصول علي تلك البرامج ووسائل التنفيذ علي أرض الواقع. أعتقد أنه إذا خلصت النوايا وكانت لدينا العزيمة الصادقة للتنمية والتعمير فإن انجاز هذه الأماني الوطنية ليس ببعيد. الأهم أن تكون لدينا البرامج التي تكفل التنفيذ علي مراحل وسوف نري في خلال سنوات قصيرة أن أرض الفيروز تنبت ليس بالزيتون فقط وإنما بكل الثروات الزراعية والتعدينية وغيرها. ان تنمية وتعمير الأرض المباركة هو أفضل الوسائل لمواجهة الاطماع وتوفير ثروات نحن في أشد الحاجة إليها. ولن يخيب أمل يقف وراءه رجال لديهم العزيمة والقوة لقهر الصعاب لتحقيق طموحات الاجيال المتعاقبة.