في الوقت الذي تتزايد فيه الأزمة الاقتصادية بارتفاع أعداد العاطلين عن العمل إضافة للمطالبات المستمرة بضرورة رفع الحد الأدني للأجور لضمان حياة كريمة تواكب ارتفاع الأسعار.. نجد أن قضية رواتب المستشارين بمختلف الوزارات وقطاعات الدولة تفرض نفسها من جديد وتعود. بعد طلب الإحاطة الذي تقدم به نائب في مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة. جدل وتساؤلات كثيرة لأن راتب البعض يصل إلي مئات الآلاف شهرياً مما يمثل إهداراً للمال العام ويتنافي تماماً مع مبدأ العدالة الاجتماعية التي ننادي بها منذ قيام الثورة. وصل عدد المستشارين في الجهاز الإداري للدولة إلي حوالي 450 ألف مستشار طبقاً لما جاء في طلب الإحاطة. مما يؤكد أن مسلسل الفساد مازال مستمراً حتي هذه اللحظة. أكد الخبراء وأساتذة الاقتصاد والإدارة أنه لا توجد معايير أو شروط واضحة ومحددة لتعيين واختيار المستشارين وأن معظمهم يعمل في أكثر من مكان مما يجعل جهده مشتتاً وعطاءه أقل. وبالتالي لا يقدم للعمل أي قيمة أو نتائج إيجابية بقدر ما يحصل عليه من مزايا ومكافآت. قالوا: إن الرواتب الكبيرة التي يتقاضونها من قيمة المنح والمعونات التي تقدم لبعض الهيئات أو الوزارات بهدف إقامة مشروعات تفتح أبواب الرزق والعمل أمام الملايين. طالب الجميع بإعادة النظر في تلك القضية الشائكة والاهتمام بإعداد كوادر قيادية من العاملين في الجهاز الإداري للدولة بالاستعانة بالمستشارين الذين يلتهمون وحدهم 20 مليار جنيه في أضيق الحدود. وبما لا يخل بالهياكل التنظيمية. * د.شريف قاسم.. أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية.. يشير إلي عدم وجود سقف واضح ومحدد للمكافآت والأجور التي يحصل عليها المستشارون مما يشكل خللاً حقيقياً في منظومة الأجور. أوضح أن العديد من الوزراء والمسئولين في القطاعات المختلفة يتعاملون مع أموال المنح أو القروض التي تحصل عليها الدولة بهدف التطوير أو إقامة العديد من المشروعات التنموية علي أنها ليست جزءاً من أموال الدولة وخلال السنوات الأخيرة تفاقمت تلك الظاهرة مما تسبب في العديد من الكوارث التي تعيشها مصر. خاصة أنه لا أحد يسأل: ماذا يقدم هؤلاء. وكم الأموال التي تنفق عليهم في صورة الرواتب والمكافآت.. بالإضافة إلي المزايا الأخري. مما يشكل عائقاً أمام التقدم لا يتناسب علي الإطلاق مع وضعنا وظروفنا الاقتصادية الصعبة في ظل استمرار نزيف الأموال بلا حساب أو مراجعة؟! طالب بضرورة أن يقتصر عمل المستشارين علي الجهات والأعمال التي تتطلب توافر خبرات وكفاءات معينة لتقديم المشورة للإدارة العليا حتي لا يكون الأمر إهداراً للمال العام. وبشرط أن يتم تقنين الحد الأعلي للأجور بحيث لا يتجاوز 30 ألف جنيه. ظاهرة خطيرة * د.يوسف إبراهيم.. مدير مركز صالح كامل للدراسات الاقتصادية بجامعة الأزهر.. يري أن ارتفاع أعداد المستشارين في مصر ظاهرة تستدعي التوقف والدراسة. خاصة أنه لا توجد دولة في العالم تطبق الأسلوب والنظام المصري مع تلك الفئة بهذا الشكل الصارخ في الأجور. وبالتالي لابد من الترشيد في الإعداد والمرتبات في حالة الاستعانة بهم. أما إذا كانت طبيعة العمل لا تستدعي خبرات إضافية. فيجب عدم الاحتفاظ بأي شخص بلغ السن القانونية تحت أي مسمي مستشار. لفت النظر إلي ضرورة أن تكون هناك مواصفات محددة بحيث لا تكون هذه الوظيفة مجرد تعويض للبعض أو مكافأة نهاية خدمة لشخص لا يصلح لأداء المهمة. حتي لا يتحول الأمر إلي بطالة مقنعة.. كما يجب أيضاً تحديد المقابل الذي يحصل عليه المستشار بصورة تتوافق مع هيكل الأجور في الدولة. حتي لو كان يتم من أموال المنح والمساعدات أو أي اعتمادات خارجية.