كان أمام التيارات الدينية في مصر فرصة تاريخية لتدشين نفسها كراع سياسي لمرحلة جديدة من تاريخنا إذا فكرت وتبنت كافة اطروحات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والمؤسسات وفئات المجتمع ككل عند تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وذلك بتخفيض عدد أعضاء جماعات الإسلام السياسي "صاحبة الأغلبية البرلمانية" مما يحقق نقلة نوعية طالما انتظرتها تلك التيارات وجميع أبناء الشعب المصري. لكن السذاجة السياسية سيطرت علي فكر أصحاب الأغلبية وظنوا ان أمور البلاد أصبحت في ايديهم وان الفرصة سانحة للاستيلاء علي كل شئ من مناصب ومواقع عملا بمبدأ "التكويش" الذي اتبعه الحزب الوطني علي مدار السنوات الأخيرة من عهد مبارك. نسيت التيارات الإسلامية انها ليست صاحبة الثورة بل هي من قفزت عليها وان أصحاب الثورة الحقيقيين لم يمثلوا بشكل مرض سواء داخل البرلمان أو جمعيتهم الدستورية. السذاجة السياسية جعلت أصحاب الأغلبية البرلمانية يتخيلون ولو للحظة انهم قادرون علي حسم معركة التغيير الحكومي بإقالة حكومة الجنزوري وتعيين حكومة أخري يتمكنون من خلالها من بسط نفوذهم علي حكم البلاد في مواجهة رئيس قادم قد يعصف بذلك البرلمان وتتغير الخريطة السياسية لصالح القوي الثورية الحقيقية فلا يحققوا الأغلبية داخل أي برلمان قادم وبالتالي فتشكيل حكومة منهم قد تضمن الولاء لهم في انتخابات ما بعد الرئيس خاصة إذا لم يكن إخوانيا أو سلفيا. إذن ما يفعله فصيل الإسلام السياسي مكشوف للجميع وإذا تخيلوا ان المصريين سذجا فهم واهمون وإذا تخيلوا ان الثورة اجهضت فهم غافلون فمن قاموا بثورة يناير قادرون علي القيام بألف مثلها. كان من الممكن ان يتم اختيار الجمعية التأسيسية للدستور بنسبة 20% علي الأكثر من أعضاء البرلمان نصفهم من المنتمين للإخوان أو السلفيين وكانوا يستطيعون اختيار من 30% إلي 40% من المنتمين لأفكارهم من باقي فصائل المجتمع ووقتها لم يكن سيلومهم أحد لكن الشعب رفض معاييرهم واحتياراتهم وسيرفض ما يأتون به من الدستور. إذا اراد هذا الفصيل السياسي ان يعمل بالسياسة فعلا فعليه ان يبحث عن مستشارين له من خارج منظومتهم أي مستشارين سيساسين لا ينتمون لأفكارهم أو علي الأقل متعاطفين معهم وإذا اراد تشكيل حكومة عليه ان يبحث عن رئيس تكنوقراط لا ينتمي إليهم لكنه سيدين لهم بالولاء وبهذا تتواجد تلك التيارات بصدق داخل المجتمع المصري وتنفذ اجندتهم بشكل يقبله الناس. أما سياسية التكويش.. فعفوا لم تعد تصلح مع المصريين ولا اطيافه السياسية.. ألا اللهم بلغت اللهم فاشهد.