وضعت جماعة الإخوان المسلمين نفسها في اتهام ومأزق ومغالطة. الأمور الثلاثة جاءت في البيان الذي أصدرته الجماعة رغم أنها بحكم القانون غير مخولة بالبت أو المطالبة أو الاقتراح أو حتي النقد لأي أمر من أمور الدولة والحكم. * الاتهام ينحصر في الرغبة المحمومة للإطاحة بحكومة الجنزوري حتي ينفرد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية. واللجنة التأسيسية للدستور.. ومن المؤكد أن عيونهم أيضاً علي رئاسة الجمهورية والقضاء لتصبح كافة السلطات في أيديهم. في هذا الإطار.. يقول البيان: "إن الإصرار علي الإبقاء علي وزارة الجنزوري رغم فشلها يعد محاولة لإفشال البرلمان حتي يصير مجلساً للكلام الذي لا يتحقق منه شيء. بحيث يقول ما يشاء وتفعل السلطة ما تشاء. ومن ثم يكون هناك انفصال تام. بل تعارض بين سلطتي التشريع والتنفيذ". تعالوا نتوقف هنا.. وأرجو ألا يفهم أحد كلامي علي أنه دفاع عن الحكومة.. وحتي يستريح الجميع أؤكد أن كل الحكومات التي جاءت بعد ثورة يناير فاشلة. ولا تفرق كثيراً عن حكومة نظيف "الغبية". لكن.. هناك فرق كبير بين أن تسقط حكومة لفشلها. وإسقاطها عمداً طمعاً في إرثها والإحلال مكانها. ما يفعله الإخوان هو السعي لأن يرثوا حكومة الجنزوري.. وإلا كانوا قد طلبوا تغييرها. وإن حلت مكانها حكومة غير إخوانية.. مادام الهدف هو الصالح العام. وهم في سبيل تحقيق هدفهم يتعمدون تشويه حكومة الجنزوري بحق وبدون حق. رغم أن المدة المتبقية عليها لا تتعدي ثلاثة أشهر. وطرق التشويه والهجوم متعددة.. لعل أبرزها إصدار الأوامر إلي لجان البرلمان ال 19 التي يسيطر عليها حزب الحرية والعدالة. إما بالرئاسة أو بالوكالة. أو بالعضوية. لرفض بيان الحكومة بهدف الضغط علي المجلس العسكري لإقالتها واختيار حزب الإخوان لتشكيل حكومة جديدة بحجة "الشرعية الشعبية" البديل اللفظي لمصطلح "الأغلبية البرلمانية" رغم أن نظام الحكم مازال رئاسياً صرفاً وليس برلمانياً يحتم إسناد التشكيل للحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية. ثم.. ما معني أن يصير مجلس الشعب مجلساً للكلام؟!.. أين الدور التشريعي للمجلس؟!.. هل قلبتم الآية وجعلتم الدور الرقابي هو الأساس؟! منذ بدأ عمل البرلمان وأنتم لا تتحدثون إلا عن أنبوبة البوتاجاز والعيش والحمي القلاعية والمظاهرات وغيرها.. ورغم أنها قضايا مهمة إلا أنكم أيضاً لم تصدروا أي تشريع.. هل نسيتم أنكم مجلس تشريعي في المقام الأول؟! * والمأزق.. جاء بالبيان في اتهامكم لحكومة الجنزوري بأنها أثبتت فشلاً ذريعاً في إدارة البلاد.. وأنه حدثت كوارث فادحة. لو حدث أقل منها بكثير في أي بلد ديمقراطي لاستقالت الحكومة علي الفور. مثل كارثة بورسعيد ومصيبة سفر المتهمين الأجانب في قضية التمويل. وأنا معكم في هذا الرأي تماماً.. فالحكومة التي تقع في عهدها أي كارثة أو مصيبة من هذه لابد أن تستقيل أوتقال. وانطلاقاً من ذلك.. فقد حددتم الداء والدواء.. وحكمتم علي أنفسكم بأنفسكم.. وعندما تشكلون الحكومة بإذن الله وتقع كارثة مثل التي ذكرتموها أوبنفس الحجم وثقوا أنها ستحدث.. فلابد أن تكونوا ديمقراطيين. وتستقيل حكومتكم فوراً.. فلا يجوز أن تأمروا الناس بالبر وتنسوا أنفسكم.. وإذا لم تفعلوا فسوف نطالبكم بأشد العبارات قسوة. * والمغالطة.. تكمن فيما ذكره البيان من أن الحكومة تتمسك بمواقفها. ويساندها المجلس العسكري. وحجتهم أن الإعلان الدستوري لا يسمح لمجلس الشعب بأن يسحب الثقة من الحكومة.. وأن هذا الكلام غير صحيح استناداً إلي المادة 33 من الإعلان الدستوري التي تنص علي أن يتولي مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع. كما يمارس الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية. والمادة 62 التي تنص علي أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستوري يبقي صحيحاً ونافذاً. وأكد البيان أنه وفقاً لذلك فإن لائحة مجلس الشعب تظل صحيحة ونافذة. حيث إن الباب السابع منها يتضمن 12 فصلاً تمثل أدوات الرقابة علي السلطة التنفيذية ومنها سحب الثقة من الحكومة. هذا المعني الذي ذكره البيان لم أجده في نص المادتين.. وأري أن الجماعة تغالط وتضغط لتحقيق رغبتها المحمومة فقط. أو لتمرير شيء آخر بعيد تماماً عن حكومة الجنزوري. مع ذلك.. "الميه تكدب الغطاس".. حيث أطالب البرلمان بسحب الثقة من حكومة الجنزوري لو كان يستطيع استناداً إلي المادتين السابقتين.. وساعتها سأكون في منتهي السعادة. الحق.. أحق أن يتبع.