في إطار برنامج البث المباشر من المتروبوليتان الذي يقام علي المسرح الصغير عرضت أوبرا "أرناني" للموسيقار الإيطالي العالمي فيردي "1813 1901" الذي يعشق الجمهور المصري الحانه ليس لجمالها فقط ولا لأنها من علامات تطور فن الأوبرا وإزدهارها وإنما لأنه تعود عليها حيث ان اعمال فيردي من الرصيد الفني لفرقتنا القومية ومن أهمها أوبرا عايدة التي تدور احداثها في مصر وأبدعها فيردي بأموالنا المصرية أما أوبرا "إرناني" فتعرض لأول مرة بمصر ومن هنا تكمن اهمية هذا العرض الذي يمثل إضافة لعشاق فيردي وللساحة الموسيقية المصرية. ارناني ألفها فيردي عام 1844 أي في نهايات فترة إنتاجه الأولي وقبل روائعه الشهيرة لاترافياتا وريجوليتو وماكبث وعطيل وعايدة .. القصة مأخودة من مسرحية هرناني للأديب الفرنسي فيكتور هوجو وكتب النص الأوبرالي "ليبرتو" فرانشيسكو ماريا بيافي وتدور أحداثها بأسبانيا في القرن السادس عشر. وتحكي قصة ثلاثة رجال يعشقون الفتاة الفيرا بالرغم من أنهم لا يجتمعون إلا علي العداء لبعضهم البعض ومنهم المدعو "إرناني" والملك "دون كارلوس" و "ألفيرا" التي تحب بدورها "إرناني". وعلي الرغم من تغلب "أرناني" علي منافسيه وزواجه من محبوبته. إلا أنه ينتحر في نهاية الأوبرا وفاء لقسم أقسمه لغريمه الثالث في حب "الفيرا" العجوز "دي سيلفا" خلال أحداث سابقة في الأوبرا. وهنا أختلفت النهاية عن المسرحية والتي تنتهي بموت البطل والبطلة والعجوز.. بناء درامي الأوبرا رغم انها من اعمال فيردي المبكرة الا أنه اعتمد علي القصة في بناء دراما موسيقية كاملة كما استغلها في رسم الشخصيات بأسلوب رومانسي واستغل الذروة الدرامية في اداء الأبطال لأغاني "آريات" دخلت في نسيج العمل الموسيقي والتمثيلي .. والعمل كما شاهدناه متنوع وثري وتم تنفيذه بشكل جيد فنجد فيه تفوقا للاجزاء الجماعية التي يؤديها الكورال خاصة في مشهد الإفتتاح حيث ينشدون أغنية "نحن نحتسي النخب" وهنا اعتمد المخرج علي الكثرة العددية التي اعطت عمقا للمشهد من الناحية البصرية. الدويتو الغنائي الشخصيات الرئيسة في العمل والذين لعبوا ادوار البطولة اربعة تم اختيارهم بعناية ساهمت في نجاح العمل التينور الإيطالي مارشيللو ثيورداني الذي أدي دور أرنانني نجد انه ادي الدور جيدا من الناحية الغنائية والتمثيلية فصوته مساحته واسعة كما انه يتميز بقوة تناسبت مع الدور وقد تميز في اغنيته في ختام الفصل الثاني "الحياة تعني شيئا بالنسبة لي ولكن الأمل يكمن فقط في الثأر" وهذه الآرية هامة في ريبرتوار التينور لأن بها تناقضا في المشاعر وتحتاج مقدرة تعبيرية كبيرة في الأداء ايضا ساعدته وسامته في الناحية التمثيلية لأداء دور الدون جوان اما السبرانو الأمريكية أنجيلا ميدي فكانت متفوقة فهي تغني بسهولة وتؤدي النغمات العالية ببراعة ولديها مقدرة علي أداء الخفوت التدريجي بشكل جيد وكانت جيدة في الغناء الفردي وخاصة في آرية "ارناني انقذني" التي تشدو بها في الفصل الاول اما الباريتون دميتري هفورو ستوفسكي فكان جيدا خاصة ان هذا الدور به اجزاء غنائية يصل فيها المغني إلا أعلي نطاق صوتي للباريتوني وكان متفوقا في اغنيته في الفصل الثالث "أحلام الشباب" أما فيرتشيو فور لانيتو "باص" والذي أدي دور العجوز دي سيلفيا يتمتع بصوت قوي وعميق ويتميز بغنائية قلما نلمحها في هذه الطبقة وقد امتعنا باغنيته في الفصل الرابع "استمع إلي" .. من ميزات الأوبرا الثنائيات والثلاثيات الغنائية مثل الدويتو بين ارناني والفيرا في الفصل الثاني والتريو في المشهد الختامي.. لايفوتنا ان نذكر المايسترو الايطالي ماركو أرميلياتو الذي استطاع ان يجمع كل عناصر العمل الموسيقية ويحاف علي تفاصيله..