العصيان المدني وسيلة سلمية وحق دستوري بمخالفة النظام والقوانين كالتوقف عن العمل أو التعامل مع الهيئات والمؤسسات الحكومية بهدف اجبار السلطة أو المسئولين علي تحقيق مطالب مشروع. هكذا اكد خبراء السياسة والقانون الذين قالوا ايضا ان العصيان المدني هو نوع من انواع ثقافة الاحتجاج والاعتصام بشكل سلمي وقد ظهرت هذه الثقافة في مصر عقب ثورة يناير والقضاء علي النظام السابق ولكن العصيان المدني له شروط حتي لا يقع من يقوم به تحت طائلة المساءلة القانونية. واضافوا ان العصيان المدني سوف تكون لها اضرار وسلبيات لمصر واقتصادها خاصة في الظروف التي نمر بها حاليا ولكن قد تكون له ايجابيات مثل استخدامه كوسيلة ضغط شديدة في حالة الاستجابة لمطالب القائمين به وتحقيق اهداف الثورة في أسرع وقت كالمحاكمة السريعة لرموز النظام وتحقيق العدالة الاجتماعية بوضع الحد الادني والاقصي للأجور. يقول د.أحمد جلال محمود استاذ العلوم السياسية جامعة حلوان ان ثورة يناير 2011 كانت وراء انتشار ثقافة الاحتجاج والتي لم نشهدها طوال فترة الرئيس المخلوع والتي خلقت حالة من الغضب الشديد تلتها موجة من ثقافة العنف نتيجة عدم تحقيق الثورة لأهدافها حتي الآن.. وبدأ الحديث عن الدخول في حالة من الاضراب العام ثم التصعيد إلي حالة من العصيان المدني وهو وسيلة سلمية استثنائية هادفة مكفولة دستوريا تتضمن مخالفة صريحة لبعض الانظمة والقوانين السائدة في البلد بهدف اجبار السلطات الحاكمة علي الانصياع لمطالب المحتجين الشرعية..يؤكد ان العصيان المدني له عدة شروط منها ان يكون سلميا بمعني أن يمتنع المعتصمون عن استخدام العنف واثارة الفوضي وعدم القيام بأعمال شغب أو استخدام العمل المسلح أو التهديد حتي لا يدخل تحت طائلة المساءلة القانونية وان تكون مدة العصيان واستمراره استثنائيا يهدف إلي تحقيق هدف معين ومشروع وينتهي في حالة استجابة القيادة السياسية للمطالب أو جزء منها ولا يجب ان يتحول إلي نشاط دائم يخل بأمن الدولة ومواطنيها هذا العصيان ينبغي ان تتعامل معه السلطة والمسئولون بجدية باعتباره حقا دستوريا يكفله الدستور للمواطنين ومن واجب المسئولين ان يوفروا كل وسائل الحماية اللازمة للمعتصمين ويعملوا علي تلبية مطالبهم..يضيف ان العصيان المدني له اشكال كثيرة للاعتراض علي السياسة العامة للدولة في كثير من القطاعات كالاضراب العام وقطع الطرق الرئيسية بما يشل حركة المرور والاعتصام والتظاهرات لفترات طويلة علي قضبان السكك الحديدية وقد يصل لحد احراق بعض الاشخاص لانفسهم كما فعل البوعزيزي في تونس وقد يأخذ العصيان اشكالا اخري مثل عدم التعامل مع الجهات الحكومية والامتناع عن دفع فواتير الخدمات العامة مثل الغاز والكهرباء والمياه وغيرها. يري انه في الظروف التي تمر بها مصر حاليا فإن العصيان المدني يهدف إلي استكمال اهداف الثورة وفي حالة الاستجابة لتحقيقها من قبل الحكومة والمجلس العسكري فهنا يكون العصيان ايجابيا عندما يري المصريون سرعة محاسبة رموز النظام السابق وتحقيق العدالة الاجتماعية بتطبيق الحد الادني والاقصي للأجور وصرف مستحقات الشهداء والمصابين والاعلان عن نتائج التحقيقات في احداث ماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود وبورسعيد وان اهم سلبيات العصيان المدني هو تعطيل الانتاج والعمل وزيادة حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني وزيادة حالة الاحتقان وانتشار الفوضي واعمال العنف والتخريب والبلطجة. يقول د.نبيل احمد حلمي استاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق ان العصيان المدني بمعناه الحرفي يعني التوقف عن العمل فهي أماكن محددة وأوقات محددة قد يكون جزئيا أي في وقت ومكان واحد وتصاعديا في عدة أماكن ومدد اطول في حالة عدم تحقيق المطالب المشروعة للقائمين به والممتنعين عن تأدية عملهم وان هذا العصيان أيا كان شكله ومدته فإنه يضره وكلنا نثق في الشعب المصري وتحضره لقيامه بثورته السلمية وان الذين يدعون إلي العصيان المدني غدا أهدافهم سياسية لاسقاط الدولة والاضرار بالاقتصاد. يؤكد ان التاريخ يثبت لنا ان العصيان المدني الذي قام به الزعيم الهندي غاندي كان ضد الاستعمار الانجليزي وكان يهدف إلي تحقيق مطالب الشعب الهندي ونيل حريته واستقلاله.. أما الدعوة للعصيان لدينا فإنها ضد مصر والمصريين..تقول د.اجلال رأفت استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة ان العصيان المدني هو الامتناع عن اداء العمل في أي مهنة سواء الموظف أو العامل أو الطبيب أو المدرس وغيرهم أو الامتناع عن قضاء المصالح والخدمات وذلك كله بالبقاء في منازلهم وقد يكون العصيان ليوم واحد كتهديد رمزي أو لفترات طويلة حتي تتم تلبية المطالب وهناك عصيان آخر بالذهاب إلي العمل ولكن بدون القيام بتأدية المطلوب منه. تؤكد ان افضل حالات أو اشكال العصيان هي البقاء في البيوت حتي لا يحدث احتكاك في أماكن العمل وبذلك يكون احتجاجا سلميا وهو وسيلة ضغط لتحقيق اهداف الثورة بشرط ان يكون الاعتصام جماعيا من جميع فئات المجتمع حتي يحدث شلل تام في البلاد وتتوقف جميع المصالح في المطارات والمؤسسات الخدمية ووسائل النقل المسئولون بتنفيذ اهداف الثورة لأن ما تعودنا عليه منذ قيامها هو عدم تحقيق أي مطلب أو التحرك للأمام بدون خروج المليونيات والاعتصامات والتي تنتهي دائما بظهور اللهو الخفي والطرف الثالث الذي يتعدي علي المتظاهرين وتسيل الدماء ويقع الضحايا. وتؤكد ان العصيان المدني هو أفضل وسيلة للاحتجاج بشرط البقاء في المنازل حتي نضيع علي من يريدون ايقاع ضحايا ولكنها تشك في ان يحدث عصيان عام لأن هناك من يعترض عليه حيث اصبح الاختلاف هو السائد ولا نتفق علي شيء واحد.