فيوضات ربنا ورحماته يغمر بها الكثير من عباده وتتضاعف هذه الرحمات وتلك البركات علي ضيوف الرحمن فوق جبل عرفات حيث التقي هذا العام نحو 6 ملايين حاج من كل الدنيا في زي واحد وفي لهجة واحدة انطلقت الحناجر تردد "لبيك اللهم لبيك". وسط هذه الأمواج من البشر تركت الخيمة التي كنت أقيم بها مع زوجتي وصحبة طيبة من الاحباب من بينهم الحاج عبدالعليم عبدالمنعم البراش من أهالي الزرقا بدمياط وحرمه لكن بعد فترة كنت خلالها ابحث عن شاحن للتليفون المحمول وبعد أن حصلت علي الشاحن ضللت الطريق إلي الخيمة واعترتني الحيرة والضيق وفشلت في الوصول إلي موقعي مرة أخري ومن المفارقات الغريبة انه لم يكن معي ما يثبت شخصيتي وليس معي نقود وصرت حائرا وسط هؤلاء الحجاج ولا ادري ماذا أفعل؟ وصرت أردد كيف التصرف في ذلك الموقف المحرج؟! مشاعر متباينة وضيق في الصدر وفجأة جاء الفرج فقد انبثق نور الفرج حيث ان صديقي الحاج عبدالعليم قد اعتراه هو الآخر القلق لتأخر عودتي فوقف يتطلع وسط الخيام إلي أن لمحني فناداني وبصوته المحبوب انتشلني من هوة الضياع وأخذت أردد المثل الذي تركه لنا الآباء والأجداد.. اسأل عن الجار قبل الدار وعن الرفيق قبل الطريق.. عادت الدماء إلي العروق وحمدت ربي في هذا المكان الطاهر وأخذت اتحدث مع هذا الرفيق ذي الأخلاق الحميدة فقد تحملنا معا رحلة الذهاب إلي "مني" تنفيذا لسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم في ليلة التاسع من ذي الحجة ومنها انطلقنا إلي عرفات ثم بعد الغروب توجهنا إلي المزدلفة. مسار شاق جدا وعثرات بالطريق ظللنا نعاني طوال أكثر من 24 ساعة لكنها كانت معاناة لذيذة وذات طعم خاص وصرنا نردد معا "ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم وتب علينا انت التواب الرحيم" ثم بحمد الله ذكرنا ربنا في المشعر الحرام ثم في الثالثة بعد ظهر يوم عيد الأضحي رمينا جمرة العقبة الكبري ثم إلي ساحة الحرم المكي حيث ادينا طواف الافاضة وصلينا في مقام إبراهيم ولله الأمر من قبل ومن بعد.