تحولت ظاهرة الباعة الجائلين بالإسكندرية. إلي الاستيطان.. بعد أن استقر الباعة بميادين الثغر الرئيسية وشوارعها المختلفة. فراحوا يحتلون الأرصفة واستولوا علي أغلب الميادين الرئيسية "المنشية ومحطة مصر ومحطة الرمل". بل واغلقوا شوارع كاملة عليهم. حيث يحظر مرور السيارات "ملاكي أجرة" بشوارع المعهد الديني والبياصة وبميدان الساعة أيضاً. تلك الظاهرة التي أصبحت تؤرق أهالي الإسكندرية علي اختلاف احيائهم السكنية وصار اعلان الاعتراض عليها ضرباً من الجنون. والقاء النفس في التهلكة. خاصة في ظل الغياب الأمني الذي خلق حالة من الخروج المألوف علي القانون بالشارع السكندري. تقول كاملة علي ربة منزل : لقد اصابني الهلع عندما أخبرت زوجي بما شاهدت. لقد رأيت مجموعة من الباعة واحدهم ممسكاً بعلبة كانز فارغة وبولاعة وراح يشعل طرف علبة الكانز ويكرر ما يفعل عدة مرات. فيستنشق دخاناً.... لم أكن أعلم حقيقة ما يفعل. لذلك دفعني الفضول للمراقبة. لقد حدث ذلك في الممر المجاور لمحكمة الحقانية بوسط ميدان المنشية اثناء عودتي لمنزلي منذ أيام. في الساعة الثانية عشرة ظهراً.. لقد أخبرني زوجي أن البائع وزملاءه كانوا يتعاطون المخدرات في الطريق العام وأمام المارة في وضح النهار. لقد صعقت وقررت ألا أمر من ميدان المنشية مرة ثانية. احتراماً لذاتي. سأترك لهم الميدان ولن أعود. إلا بعد تأكدي من انتهاء هذه المهزلة. تؤكد علية محمد ربة منزل: الفوضي أصبحت في الإسكندرية في كل مكان محلات مخالفة وأكشاك تبني علي الأرصفة وأسواق جديدة مخالفة ولقد حاولت الشرطة النزول إلي الشارع وهدم المخالفات ولكنها عادت ثانياً الآن في المنشية ومحطة مصر وأغلب ميادين المحافظة. توافقها نور أحمد عاملة الرأي بأن الشرطة والمحافظة دورهم ضعيف في الإسكندرية واقتصر تواجدهم في بعض الأماكن علي اشارة المرور لذلك فالعشوائيات انتشرت في الشوارع والأسواق ومن الصعب ازالتهم. خاصة بعد احتلالهم للشوارع والميادين لقرابة عام كامل منذ قيام ثورة يناير وما اتبعها من حالة الارتخاء الأمني التي أدت لتكوين أسواق جديدة بالميادين الرئيسية. لقد اخذوا الأرصفة والشوارع بمحطة مصر. وأصبح لا مكان للمارة بوسط المدينة. فالمكان للباعة وحدهم. بفضل رجال الداخية. أما محمد طلعت محاسب فيشدد لابد أن يهتم محافظ الإسكندرية بحل المشكلة فمنهم البلطجية الذين يتعرضون للمارة واقاموا اكشاك واخذوا الأرصفة وكونوا أسواقاً مخالفة بأكملها لماذا لا يتم ازالتهم ليعود الشارع كما كان في السابق وأين جهاز الشرطة في الإسكندرية. تخالفه الرأي جميلة رمزي ربة منزل مؤكدة صحيح هناك فوضي انتشرت بسبب الباعة ولكن أنا اتعاطف معهم فهم في نهاية الأمر هم يبحثون عن رزقهم. وتضيف إنني اشتري منهم الكثير من احتياجاتي واحتياجات أولادي. حيث أجد الأسعار أقل بكثير من أسعار المحلات. علي الجانب الآخر يقول أحمد البرنس بائع متجول ليس لي عمل آخر اقتات منه. ولم أجد إلا الرصيف لكي اقف عليه محاولاً بيع الملابس التي احصل عليها من أحد التجار بالميدان. وفي آخر اليوم أعيد إليه الملابس وثمن المبيعات واحصل علي فرق السعر. وهو ما يوازي من ثلاثين إلي خمسين جنيهاً يومياً. إنها فرصة عمل جيدة. خاصة لأمثالي ممن لم يحصلوا علي أي شهادات. يؤيده في الرأي جابر محمود بائع متجول مشيراً إلي أنه كان قبل الثورة يعمل في الشوارع الجانبية خوفاً من حملات الازالة التي كانت لا ترحم أحداً. ولكن بعد الثورة أصبحت الشرطة وحملات الإزالة لا تأتي فازداد اعداد البائعين. لقد حاولت كثيراً البحث عن عمل آخر. فلم أجد إلا عملي كبائع متجول.. وهو عمل شريف بعيداً عن السرقة أو بيع المخدرات.. أما من يسيئون بأفعالهم وتصرفاتهم من الباعة فهم مسئولون عن أنفسهم. ونحن لسنا مسئولين عنهم. أضاف أن الكثيرين من أصحاب المحلات ينشرون بضاعتهم في الخارج مثل أصحاب محلات الموبيليا.. والمقاهي وتشغيل الأرصفة. وهو ما يؤكد أن لنا الحق في الحياة كباعة بالشوارع والميادين. أما مريم عادل طالبة بكلية الآداب فتري أن علي أجهزة الدولة المختلفة القيام بدورها الحقيقي لوضع حلول جذرية لهذه الظاهرة. فليس المهم ازالة الباعة من الميادين. ولكن الأهم. هو توفير فرص عمل بديلة للشرفاء منهم.. فلو وجدوا عملاً لما افترشوا الطرقات. ويوافقها الرأي هشام جلال القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي مشيراً لوجود حلول كثيرة لتلك الظاهرة سواء بإنشاء مولات أفقية في أماكن الجراجات الرأسية الموجودة بوسط المدينة "المنشية محطة مصر" أو يمكن بناء أكشاك متجاورة بالعديد من الأماكن ذات الكثافة السكانية مثل أسوار مقابر الشاطبي أو كوم الشقافة وغيرها. وهو ما سيسهم في القضاء علي الظاهرة من خلال توفير بدائل حقيقية للشرفاء من الباعة. علي أن تتاح هذه البدائل للمستحقين بمقابل مادي يستطيعون تحمله. دون أن يكون أكبر من طاقتهم المادية.