عرفت مصر الأفكار المتعلقة بالفن الحديث في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي.. وقد بدأت الأفكار المتحررة بتأثير الكتب والمطبوعات التي أحضرها الي مصر بعض جنود الخلفاء الذين كانوا بمرون بالقاهرة خلال تنقلهم بين ميادين القتال ضد النازيين والفاشين "الألمان والايطاليين". وقد تبني هؤلاء المثقفون الشباب النظرة الاجتماعية المؤسسة علي الفهم المادي والنفسي وأصدروا مجلة التطور ومجلة المحاولون ثم المجلة الجديدة لنشر أفكارهم بين شباب المثقفين. وقد ظهرت جماعة الفن والحرية عام 1939 وبدأت في تنظيم معارض الفن الحر. فشاهدت مصر لأول مرة في تاريخها الحديث اتحاد الفن مع الأدب من أجل تحقيق لغة اجتماعية ثورية. هكذا قرأ المصريون أشعار جورج حنين وقصص البيرقصيري الي جانب مقالات أنور كامل وحسين يوسف أمين ويوسف العفيفي. وشاهدوا لوحات رمسيس يونان وكامل التلمساني وفؤاد كامل وكمال الملاخ. فأشاعت روحا جديدة تندد بواقع الحياة. خلال الحرب العالمية الثانية "1939 1945" ظهرت "جماعة الفن المعاصر" التي أنشأها حسين يوسف أمين من تلاميذه الموهوبين في المدارس الثانوية. واتخذت هذه الجماعة من الأساطير المصرية وقصص الأدب الي مجال الفنون الجميلة في لوحات عبدالهادي الجزار وحامد ندا وسمير رافع وابراهيم مسعودة. كان لاتصال هذه الجماعات لطبيعة تكوينها المشترك أثرا كبيرا في تشابه الإنتاج الفني والإنتاج الأدبي من حيث منابعه وأهدافه. وهكذا ظهرت مدارس في الفن لها مثيلها في الأدب.. صحيح ان هناك مدارس فنية لم يظهر مثلها في الأدب. إلا أن معظم المدارس الحديثة في الفنون الجميلة كانت لها أدباء يعبرون عنها وينتجون علي منوالها. تعتبر نظريات فرويد في علم النفس. وتفسيره للأحلام. هي الأساس النظري لعدد كبير من المدارس الفنية والأدبية التي ظهرت في مصر قرب منتصف القرن العشرين مثل المذاهب الدادية والسيريالية والتكعيبية واتجاهات اللا معقول في الإنتاج الأدبي. يقول فرويد في إحدي محاضراته عن الأحلام أن الصور البصرية ليست الشكل الوحيد الذي يمكن ان تتخذه الأفكار. ولو أن الصور البصرية هي التي تقوم بالدور الأساسي في صياغة الأحلام. وهذا الجانب من اخراج الحلم هو أكثر جوانبه ثباتا. وأقلها عرضة للتغيير أما التصوير اللفظي للعناصر الفردية من الحلم فعملية تسبق الصيغة الشكلية.. ومن البديهي أن هذا الأسلوب من أساليب اخراج الحلم بطريقة لفظية ليس عملا سهلا بأية حال. ولنا ان نتصور ماذا يحدث عندما نقوم باستبدال مقالة سياسية منشورة في صحيفة ما. لمجموعة من الرسوم التوضيحية. أي محاولة استبدال الأشخاص والأشياء العينية والأفكار المجردة بتصادير ورسوم عندئذ قد نري أن الصور أنسب لها من الحروف والكلمات.