تنتهي اليوم محكمة جنايات القاهرة من الاستماع إلي آخر مرافعات النيابة في واقعتي قتل المتظاهرين والتربح في القضية المعروفة بقضية "القرن" وتتناول النيابة في جلسة اليوم آخر الأدلة في واقعة قتل الشهداء وهي التقارير الطبية الواردة من المستشفيات بالنسبة للمجني عليهم من الشهداء والمصابين وتوافر أركان جرائم الاشتراك في القتل المقترن بجرائم قتل آخرين والشروع في القتل وتوافر علاقة السببية من الفاعلين الأصليين وبين المتهمين وعلي رأسهم مبارك والعادلي ومساعديه الستة ثم تتناول الأدلة علي واقعة الاستيلاء والتربح والفساد في حق المتهمين. استمعت المحكمة علي مدي ساعتين ونصف الساعة تقريبا إلي مرافعات النيابة والتي نالت تصفيقا حادا واشادة بالجهد الرائع المبذول من النيابة في جمع الأدلة سواء القولية أو الفنية لادانة المتهمين في واقعة قتل المتظاهرين. في البداية شرح المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة والمستشار مصطفي خاطر الظروف والعقبات التي واجهتهم في سبيل جمع الأدلة علي ادانة المتهمين وتوصيلهم في النهاية إلي التكييف القانوني للتهمة الموجهة للمتهمين هي الاشتراك في القتل بالاتفاق والتحريض والمساعدة مع الفاعلين الاصليين الذين يستحيل تحديدهم وبين الاتهام الموجه للمتهمين علي عدة قرائن واستنتاجات قاطعة منطقية ومستخلصا من ظروف الدعوي والملابسات التي احاطت بها. قالت النيابة نحن امام قصة قتل غير نمطية إن أوراق الدعوي زاخرة بالأدلة القولية والفنية علي ادانة المتهمين وماثبتت من خلال الأدلة التي ساقتها أمام المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيوني وهاني برهام بأمانة سر سعيد عبدالستار وماهر حسانين ان الاصابات والوفيات حدثت للشهداء اثناء المظاهرات السلمية ونتيجة لاطلاق الرصاص الحي والمطاطي والرش أو دهس بسيارات الشرطة وعن طريق رجال الشرطة بالإضافة إلي توافر الرابطة بين كل هذا والمتهمين الماثلين. قالت النيابة إنها وجهت إليها اتهامات من متخصصين وغير متخصصين بأنها قدمت الدعوي بلا دليل وأن شهود الاثبات هم شهود نفي وهي تنأي بنفسها عن هذه المهاترات وقد قامت ولأول مرة في تاريخ العمل القضائي بسلطتهم هي الاستدلال والتحقيق في نفس الوقت بعد ان واجهت عقبات عديدة من الجهات المسئولة في الدولة وهي وزارة الداخلية والأمن القومي والرقابة.. وبعد اسبوع جاءنا خطاب من هيئة الأمن القومي فانه غير متوافر لديها أي معلومات أو تحريات عن واقعة قتل المتظاهرين وان باقي الهيئات طلبنا منهم اجراء التحريات ولكنها لم تقم بدورها فسألته المحكمة هل عن عمد أم تقصير فردت النيابة انه عن تقصير ولم نحقق حتي نثبت أنه عن عمد أم لا لذلك قامت النيابة بهذا الدور في ظل ظروف الانفلات الأمني وعدم مساعدة الجهات المسئولة في الوصول لاستدلالات. قالت النيابة إنه ينبغي التأكيد علي خصوصية هذه الدعوي وخصومها فالمتهم الاول وباقي المتهمين يمثلون نظاما اراد بمصر وشعبها سوءا فقصمه الله وشرحت الصعوبات التي واجهت النيابة في جمع الادلة ومنها ان المتهم الأول هو رأس النظام وباقي المتهمين من قيادات جهاز الشرطة المخول له قانون جميع الاستدلالات والتحري وانهيار وتراجع دور جهاز الشرطة بعد ثورة 25 يناير والانفلات الأمني الذي ساد البلاد واتساع مسرح الجريمة ليشمل كافة انحاء الجمهورية وتزايد اعداد الضحايا والشهود. أكدت النيابة ان اوراق الدعوي زاخرة بالادلة القولية والمادية والفنية علي ارتكاب المتهمين جرائم الاشتراك في القتل بالتحريض والاتفاق والمساعدة مؤكدا أن القضية تضم اكثر من ألفي شاهد ما بين مصاب وأسر المتوفين وشهود من كافة الطوائف ومن جهاز الشرطة أنفسهم وعلي كافة المستويات والاماكن سواء في القاهرة أو باقي المحافظات. سردت النيابة شهادة وركزت علي شهادة افراد الشرطة وشهد شاهد من أهلها صحيح انهم لم يقروا بكل الحقائق ولكن انتزعت منهم الاقوال ومن هؤلاء الشهود اللواء حسين سعيد موسي مدير إدارة الاتصالات بالأمن المركزي والضابط عماد بدوي سعيد والرائد محمد عبدالحكيم والرقيب عبدالحميد إبراهيم وعصام حسني واللواء حسن عبدالحميد ومأموري اقسام بولاق ومصر القديمة وقصر النيل والهرم والعجوزة الذين جاءت شهادتهم لتؤكد صدور تعليمات من المتهم أحمد رمزي مساعد الوزير للأمن المركزي الأسبق بتزويد القوات باسلحة آلية وخرطوش وذخيرة والرش الخفيف واستخدام هذه الاسلحة ضد المتظاهرين السلميين واطلاقهم الاعيرة النارية علي المتظاهرين وأنها لا تملك القيام بهذا علي الاطلاق الا بتعليمات من وزير الداخلية شخصيا. وأشارت شهاداتهم إلي اجتماع جمع بين العادلي ومساعديه يوم 27 يناير واكدوا جميعهم علي ضرورة مواجهة المتظاهرين بأي شكل حتي لا يصلوا إلي الميادين ومنها ميدان التحرير واستخدام قوات الامن العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بالحرية والعدالة الاجتماعية. أكدت النيابة أن الشعب المصري الراقي لم يخرج مخربا بل رفعوا لافتات سلمية سلمية ولم يشفع لهم ذلك فقابلتهم قوات الأمن بعنف وبشاعة وتمثيل لخدمة المتهم الاول مبارك وبطانته الذي اعتقد انه لم يعد يحكم شعبا بل يستعبد عبيدا ويقود حيوانات!! ومن الشهود ايضا الرائد محمود يوسف الذي قال إن قطاع مباحث شرطة غرب استخدم مجموعة كبيرة من البلطجية والمسجلين للاشتباك مع المتظاهرين فيظهر الامر للعيان ان هذه المظاهرات تخريبية وفيها سلب ونهب ولابد ان تواجهها الشرطة بهذا العنف وكافأوا البلطجية بتركهم يستبيحوا كل شيء ويسرقوا المواطنين ولكنهم نسوا حق الشعب!! قال إن شهادة النقيب ايمن نبيل طه بقطاع الأمن المركزي كذبت ادعاءات المتهمين بأنه تم مواجهة المتظاهرين بالمياه وقنابل الغاز وأكدت شهادته استخدام الرصاص والخرطوش علي سبيل التخويف وكان يستهدف عيونهم وأماكن قاتلة في الصدر والرأس. ثم قدمت النيابة شهودا آخرين من الاطباء الذين شاركوا في الإسعاف والكشف علي المصابين والشهداء واكدوا أن منهم من كان مصابا بطلقات خرطوش وآلية وبالرصاص المطاطي في اماكن قاتلة سواء بعيونهم أو صدورهم ورأسهم ومنهم د. هبة إسماعيل ود. مني غبريال ود. عمرو مختار وهناك شهود آخرون متطوعون منهم وفاء فتحي خليفة ووليد حامد ومحمد فرحات يوسف ومحمد الراضي وهم متطوعون للشهادة ومن عامة الشعب وبعض هؤلاء الشهود ليسوا من القاهرة فقط ولكن من كافة المحافظات التي شهدت المظاهرات واكدوا علي وقائع التعدي والتصدي للمتظاهرين باستخدام القوة المفرطة والاسلحة النارية والخرطوش. الدلائل الفنية استطردت النيابة ان الدليل القولي يكتمل بتعدد مصادره ودليل فني من خبير فني مؤتمن وهو الطب الشرعي فبالاضافة لشهادة اللواء اشرف كمال مدير أمن الجامعة الأمريكية وآخرين بأنه شاهد 15 ضابطا وفرد أمن ومعهم اسلحة آلية يصعدون اسطح الجامعة الأمريكية بالتحرير ومعهم اسلحة نارية خرطوش واطلقوا علي المتظاهرين بميدان التحرير النار وقنابل مسيلة للدموع بصورة كثيفة.. وانهم شاهدوا مدير أمن القاهرة وهو يتحدث في المحمول واعقب ذلك انسحاب كامل لرجال الشرطة من ميدان التحرير وقد قامت النيابة بمعاينة سطح الجامعة الأمريكية ووجدت بالفعل 4 طلقات خرطوش وتسلمت 71 ظرف خرطوش فارغ و23 قنبلة مسيلة للدموع وبذلك اتفقت معاينة النيابة مع الشهود ومع تقارير مصلحة الطب الشرعي التي ضبطت ايضا فوارغ طلقات فوق اسطح الجامعة الأمريكية مما يؤكد إلي استخدامها في قتل المتظاهرين السلميين. أكد احد الشهود انه شاهد بعض الاشخاص يعتلون مصلحة الاحوال المدنية ووزارة الداخلية واطلقوا النيران من اسلحة آلية علي المتظاهرين وامطروا جنازة احد الشهداء بالميدان بوابل من الرصاص وبالتالي جاءت شهادتهم تتفق مع معاينة النيابة ونتيجة الطب الشرعي التي اثبتت وجود ثقوب في جذوع الاشجار وبعض جنبات الحوانيت واكدت ان مسرح الاحداث كان مسرحا لاطلاق اسلحة نارية. شاشة عرض وبعد أن استعرضت النيابة أقوال الشهود عرضت النيابة علي شاشة عرض داخل القاعة "CD" لمدة نصف ساعة قالت انه لقطات مجمعة من الفضائيات الأجنبية وبعض القنوات الاخري التي كانت تعرض الاحداث علي الهواء مباشرة بالمخالفة لما يعرضه التليفزيون المصري وجود اكثر من 20 مشهداً يؤكد علي ان المتظاهرات كانت سلمية وتم فض الاعتصام بالقوة باطلاق الخرطوش واصابة بعض الاشخاص بينما المتظاهرون يرددون سلمية ويقابلها قنابل مسيلة للدموع وعلقت النيابة ان القنبلة تزن 250 جراماً ومع القوة الدافعة لها يمكن ان تؤدي للوفاة ولقطات تشير إلي أن قذف قنبلة في وجه احد المتظاهرين فسقط ايضا وأخري يشير إلي منهجية التعامل بعنف من الشرطة تجاه المتظاهرين ولقطات أخري لمجموعات من الشرطة تضرب المتظاهرين بقوة وتسحل احد الصحفيين امام نقابة الصحفيين.. ولقطات لأفراد شرطة فوق سطح وزارة الداخلية وهم يحملون رشاشات آلية ويطلقون النيران علي المتظاهرين.. ومعلوم ان الآلي يصل مداه لحوالي 2000 متر.. وعلقت النيابة علي اللقطة بأنه في هذا الموقف لم يكن مطروحاً محاولة اقتحام وزارة الداخلية أو خلافه وان مبني وزارة الداخلية استخدم كمنصة لاطلاق النيران علي المتظاهرين. ثم عرضت لقطات أخري لسيارات شرطة تدهس المتظاهرين بلا رحمة وتبحث عنهم وشخص انفجرت جمجمته وسيارة شرطة تسير عكس الاتجاه لتصطاد المتظاهرين واصابتهم لاشخاص بطلقات نارية خرطوش ورش. ثم تم عرض مظاهرة لأمناء الشرطة بعد الثورة أكد فيها بعض أمناء الشرطة انهم كانوا ينفذون تعليمات بإطلاق النيران علي المتظاهرين وآخر قال انه ظل 12 يوماً يتلقي مع زملائه تعليمات من وزير الداخلية بالتعامل مع المتظاهرين ناهياً كلامه.. الله ينتقم من وزير الداخلية وانتهي العرض بهذه الدعوة. وعقب المستشار مصطفي سليمان علي هذه المشاهد مؤكداً للمحكمة ان هذه المشاهد تم الحصول عليها من خلال بث مباشر علي القنوات الفضائية لتستدل منه علي ما لم نستطع الوصول اليه وان هذه القضية يتميز الدليل فيها أنه معروض علي الشعب المصري والعالم كله.. وان السيارات قامت بدهس المتظاهرين هي سيارات شرطة وان الاصابات والتعامل كانت بالاسلحة من خلال رجال الشرطة وان المتظاهرين كانوا سلميين ولم يظهر مع أي منهم أي سلاح.. وتؤكد علي تطابق التقارير الطبية الواردة من المستشفيات عن حالة المتوفين والمصابين وتقارير الطب الشرعي مع معاينة النيابة والأدوات المستخدمة في الجرائم المسندة للمتهمين. أكدت النيابة في نهاية مرافعتها أن الاصابات والوفيات وما ورد بشأنها من تقرير من المستشفيات والطب الشرعي وتحديد سببها ومكانها تؤكد توافر نية ازهاق الروح في الفاعلين من رجال الشرطة وشركائهم المتهمين في الدعوي.