كلنا نعرف السفينة الغارقة تيتانك.. أو سمعنا عنها! وهناك فيلم سينمائي بطولة ليوناردو دي كابريو حول غرق هذه السفينة العملاقة! وعندما تم تصنيع أو بناء تيتانك قدموها علي أنها محصنة ضد الغرق وأنها تختلف عن سفن ذلك العصر التي كانت تحطمها رياح وأمواج المحيط الأطلنطي.. ومع ذلك غرقت السفينة الجديدة في أول رحلة لها عبر الأطلنطي بعد اصطدامها بأحد جبال الجليد! وسوف تحل الذكري المئوية لغرق تيتانك في الخامس عشر من أبريل القادم وهناك استعدادات كبيرة للاحتفال بمئوية الحادث! إحدي الشركات الأمريكية أعلنت عن تنظيم رحلات بحرية بهذه المناسبة لموقع غرق السفينة وبعد الوصول إلي هناك تحملك غطاسة أو غواصة صغيرة إلي عمق يزيد علي 3 آلاف متر حتي قاع المحيط الأطلنطي ومن خلال فتحات زجاجية صغيرة يتراوح قطر الواحدة منها بين 12-20سم تلقي نظرة علي جسم السفينة العملاقة.. أو التي كانت عملاقة بمعايير ذلك الزمان! الرحلة- بالطبع- لا تناسب الذين يخافون من الأماكن المغلقة.. ولا تناسب عامة الناس فهي تستغرق أسبوعين ذهابا وعودة وتشمل عملية غطس واحدة تتراوح مدتها من ثماني إلي عشر ساعات وتتكلف 60 ألف دولار أمريكي أو ما يوازي 360 ألف جنيه مصري! لكن بالنسبة لعشاق تيتانك يهون المال والمشقة في مقابل إحياء الذكري المائة لغرقها فهذه الرحلة تمثل فرصة العمر لهم.. وتقول الشركة المنظمة.. ان ما لا يقل عن 80 شخصاً سوف يتقدمون للحجز في هذه الرحلة السياحية المثيرة والغوص إلي هذه الأعماق المظلمة. عملية الغوص في ذاتها ليست الأمر الأكثر غرابة في الرحلة. فهناك عدة سفن سوف تبحر بالركاب إلي البقعة المحددة التي غرقت بها تيتانك وعلي متنها 1500 راكب هلكوا بغرقها ومع ذلك سوف يقيم ركاب تلك السفن حفلات عشاء علي غرار تلك التي كانت تقام فوق ظهر تيتانك ويستخدمون مناديل عليها علم الشركة المالكة وكذلك يقلدون مجتمع تيتانك في ذلك الزمان. خلال حفل عشاء. حيث يمكن للسائح ان يرتدي زي ضابط أو زي أحد أفراد طاقم السفينة أو أحد الركاب وذلك لمحاكاة جو الرحلة الذي كان سائداً علي متن تيتانك قبل غرقها.. ويمكن للسائح أيضاً ان يشتري كتباً حول الواقعة ومجوهرات تحمل رسوماً للسفينة الغارقة وأشياء أخري كثيرة ترتبط بهذه الذكري! أما فيما يتعلق بالغوص فسوف يكون باستخدام غواصات روسية من طراز "مير" وهي مصممة لتحمل الضغوط الهائلة في هذه الأعماق السحيقة من المحيط.. وداخل كل غواصة قائد واثنان من السياح يتحركون في مساحة لا تزيد علي مترين ويرتدون ملابس ثقيلة جداً لحمايتهم من البرودة الشديدة عند هذه الأعماق المظلمة التي لا تري ضوء الشمس.. كما يحمل السائح معه وجبة غداء خفيفة ويضع في اعتباره أنه لا توجد دورة مياه داخل الغواصة أو الغطاسة! مثل هذه الرحلة لا تخلو من المخاطر فقد سبق ان لقي شخصان مصرعهما داخل غواصة صغيرة عندما انحشرت في حطام احدي السفن قرب ولاية فلوريدا الأمريكية كما يثور جدل عنيف حول الرحلة. فكثير من العلماء يعربون عن مخاوفهم من احتمال تعرض السفينة الغارقة لمزيد من التلف ومزيد من التدنيس. باعتبارها مقبرة تتناثر فيها أحذية ومخلفات أعداد كبيرة من الأشخاص الذين غرقوا معها.. ويطالب هؤلاء العلماء باتفاقية دولية لوضع تيتانك تحت الحماية. تري.. هل نجد من ينظم مثل هذه الرحلات لموقع كارثة غرق العبارة "السلام 98" في المياه الدولية بالبحر الأحمر وعلي متنها 1450 راكبا.. أم أننا لا نملك مثل هذه الامكانات ولا نجد عندنا من يفكر بهذه الطريقة؟! ** كلمات أعجبتني: كل الناس يريدون تغيير الواقع.. لكن أحداً منهم لا يفكر في أن يغير نفسه!!