تجار المخدرات بالاسكندرية لا يتعظون من أحكام القضاء "المتهم" في تجارة المخدرات يقضي عقوبته ويدفع الغرامة المستحقة عليه ليعود من جديد لممارسة تجارته ولكن بأسلوب جديد حتي يكون بعيداً عن أعين رجال مكافحة المخدرات.. الوسيلة الأغرب بالفعل كانت ما اتبعه "هيما" "36 سنة" والمسجل جنائياً في العديد من قضايا المخدرات والمفرج عنه حديثاً بعد ان قضي عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات وغرامة "50 ألف جنيه" "هيما" منذ أن خرج من السجن أعلن وسط أبناء دائرته بكرموز عن التوبة الزائفة بأنه استقام وأطلق لحيته وأخذ يصلي الفروض الدينية بالمسجد ويستمع إلي جلسات الوعظ ويعتكف أغلب أيام شهر رمضان بالمسجد لينسي الناس اسم "هيما" ويصبح اسمه "الحاج ابراهيم" ولأنه تاجر مخدرات متميز بالذكاء الشديد فقد حرص علي ان يقيم "فرشة" للشاي والقهوة والينسون والنعناع أيضاً بشارع قنال المحمودية لتكون ستاراً للأرباح والأموال التي يكسبها بعد خروجه من السجن وبجانبها يبيع البسكويت والحلوي وكل ما يكسبه ينفقه علي الغلابة من أبناء المنطقة. "هيما" أصبح في زمن قياسي ذا شعبية كبيرة في المنطقة ففي الأفراح يقف ليجامل العروسين بالنقوط وفي المآتم يقيم سرادق العزاء علي حسابه الشخصي ويقف ليتقبل العزاء بنفسه بل ويمنح أسرة المتوفي من الفقراء مبالغ مالية ويحرص علي زيارتهم في المناسبات بخلاف زيارة المرضي وشراء الدواء للفقراء بل والتصدي لمناصرة المظلوم في المشاجرات وهو ما جعل "فرشة" الشاي الخاصة به دائماً مزدحمة ليس من أصدقائه ولكن من زبائنه فقد كان "هيما" يستخدم "نصبته" المخالفة بالطبع في بيع المخدرات من جديد وكان يستخدم ألفاظا محددة ليعلم "زبونه" بوجود مخبري الشرطة مثل "شاي كشري سكر ثقيل" أو "شاي باللبن" وهو بالطبع غير موجود فيعود الطالب ليطلب طلبا آخر وبذلك يكون "هيما" قد أمن نفسه. تحركات "هيما" وادعاؤه انه رجل التقوي لفتت نظر العميد عصام شكري رئيس مباحث المخدرات خاصة وأنه كان في فترة المراقبة وكان السؤال الحائر من أين له بكل هذه الأموال التي جعلته رجل الخير الأول بالمنطقة الشعبية بكرموز. من هنا كانت مرحلة المراقبة حيث تنكر المقدم "عمرو البنداري" في ملابس بائع متجول من جلباب بلدي وعمة بيضاء وكان يجلس بنصبة الشاي بصورة شبه يومية وهو ما جعله يلاحظ قدوم الكثير من أهل الريف من تجار يشترون بالجملة المخدرات ليلاً.. ووصل الأمر إلي ان عمله كان يستمر حتي الساعات الأولي من الصباح بدعوي ان الناس من أبناء الريف يعشقون السهر وكان تجار المخدرات من المحافظات المجاورة ككفر الشيخ والبحيرة يقومون بشراء أثواب الأقمشة والملابس الحريمي من سوق ميدان الساعة بكرموز ثم يتوجهون إلي "هيما" ليقوم باخفاء المخدرات فيما يحملونه من بضائع من خلال العاملين معه الذين يتسللون إلي السيارة في وقت جلوس التاجر للتفاوض مع "إبراهيم" الذي ذاع صيته ما بين أعمال خيرية والتجارة في مخدر الحشيش. بعرض التحريات علي اللواء فيصل دويدار مدير مباحث الاسكندرية طالب بسرعة القبض علي "هيما البرص" قبل ان يستفحل أمره علي ان تتم عملية الضبط في الساعات الأولي من الصباح وهو التوقيت الذي اعتاد الاتجار فيه وحتي لا يلتف حوله أبناء المنطقة لكونه معروفاً كرجل الخير بالمنطقة. في كمين بنصبة الشاي الخاصة به قام العميد عصام شكري والمقدم عمرو البنداري والقوة المصاحبة لهم بارتداء الجلباب البلدي المعروف كباعة جائلين وجلسوا في انتظار التوقيت المناسب خاصة بعد ان وردت اليهم معلومة بأن المتهم سيقوم بتسليم كميات كبيرة من المخدرات لأحد تجار المحافظات. بالفعل ما ان بدأت عملية التسليم للمخدرات حتي سارعت قوات الشرطة لضبط المتهم الا انه سارع بالاستغاثة بأهالي منطقته مدعياً ان قوات الشرطة ما هم إلا لصوص يريدون خطفه وبالطبع تعاطف أهالي المنطقة الذين ينفق عليهم معه وسارعوا لنجدته وبالرغم من اعلان القوة عن أنهم مباحث مكافحة المخدرات إلا ان هناك من لم يقتنع لاصرارهم علي انه مظلوم حتي قامت مباحث المخدرات باخراج "11 طربة حشيش" كان يحملها في لفافة بين ذراعيه ويرفض تركها وما ان رآها المدافعون عنه حتي انتابتهم حالة من الذهول وصل إلي حد الصدمة وأخذ الجميع يعتذر لرجال الشرطة لتعرضهم لعملية ضبط تاجر مخدرات ادعي التوبة الزائفة ليمارس تجارته دون حسيب أو رقيب. أمام نيابة كرموز عثر مع المتهم علي مبلغ "500 جنيه" حصيلة بيع بعض قطع المخدرات كتجزئة واعترف انه كان يعتزم تسليم المخدرات لأحد التجار من محافظة كفر الشيخ إلا أنه لاذ بالفرار فور القبض عليه فأمرت النيابة بتحرير المضبوطات وحبس المتهم 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيق جددها قاضي المعارضات 15 يوماً تمهيداً لتقديمه لمحاكمة عاجلة ليعود "هيما" إلي زنزانته من جديد.. وتسقط التوبة الزائفة التي حاول خداع الأهالي بها.