بعد مرور أسبوعين علي مقتل العقيد الليبي معمر القذافي بدأت تلوح في مدينة سرت مسقط رأسه بوادر تنامي مشاعر الانتقام والثأر التي فاقمتها المعاملة التي تعرض لها القذافي بعد القبض عليه والتمثيل بجثته. فبنو عشيرته يشتاطون غضباً وخوفاً ويحذرون من أن دماء فاسدة ستسمم ليبيا لسنوات قادمة. وقد أثار مشهد جثة القذافي البضع وهي معروضة في غرقة باردة في مصراتة أربعة أيام حنق أفراد عشيرته وأبناء سرت وكذلك القرار اللاحق بدفنه في مكان سري في الصحراء. ويقول الحاج أبو محمد أحد أفراد عشير القذافي "ذهب شيوخ عشيرتنا الي طرابلس لتسلم جثمان معمر. لكن أهالي مصراتة رفضوا تسليمه وقالوا إنه لن يدفن مع المسلمين". ويؤكد سكان محليون صحة الشائعات التي قالت ان كان قبر والدة القذافي وثلاثة آخرين من أقاربه تعرض للتدنيس والنبش علي يد المقاتلين المعادين للقذافي. ويشعر المواطنون في سرت بعداء شديد إزاء الثوار المقاتلين من مصراتة وينحون عليهم باللائمة في تدنيس القبور ومعظم أعمال التدمير والقتل في سرت بما في ذلك مقتل القذافي نفسه. ويشعر الموالون للقذافي في سرت وفي مناطق صحراوية أخري حولها بمرارة تجاه الثورة التي أدت الي نزوح الآلاف من بيوتهم. ولايزال كثير من سكان سرت مؤيدين للقذافي ولا يزال البعض يحتفظ بصور القذافي مدسوسة سراً بين أمتعتهم بينما يطلق كثيرون عليه اسم "الزعيم الشهيد" محمد يحن آخرون لعهد أكثر رخاء وأمناً في عهد الرجل الذي حكمهم 42 عاماً مستخدماً ثروة ليبيا النفطية لشراء تأييد قطاعات معينة في المجتمع. وتقول فتاة صغيرة "عشنا في أمان مع معمر لم نكن نفكر قط أن الحال سينتهي بنا للعيش في مدرسة". ويعتقد كثير من الليبين خصوصاً في مصراتة التي تضررت بشدة جراء القصف أثناء الحصار الذي فرضته عليها القوات الموالية للقذافي. أن مقاتلي مصراتة يسوون الحساب مع أهالي سرت لدفاعهم عن القذافي وينتقمون لتدمير مدينتهم. وكانت قصص القتل والاغتصاب علي أيدي قوات القذافي تروي خلف الأبواب المغلقة وتؤجج نار الغضب. ويخشي كثير من الليبيين من اندلاع حرب أهلية بين العشائر والمناطق إذا لم يقم المجلس الوطني الانتقالي بتخفيف حدة العداء الناجم عن الحرب والتعامل مع تركة الأسلحة التي تراكمت في شتي أنحاء البلاد. وقال عبد الله وهو شاب من عشيرة القذاذفة "ليبيا ثقافتها قبلية وإذا لم يحققوا مصالحة بين العشائر فإنها ستتحول الي حمام دم".