* ترددت كثيراً قبل أن أرسل لك هذا الخطاب ولكن ذهب ترددي بعد أن قرأت الرسائل التي تنشرينها في الجريدة وقررت أن أرسل لك وإن كانت مشكلة أختي الكبري إلا أنها مشكلة كبيرة في حياتنا. أختي تبلغ من العمر الآن 27 عاماً تكبرني بعشر سنوات.. حاصلة علي دبلوم متوسط.. أحبت جارنا هو أيضا أحبها جداً ولكن والدته أصرت علي أن تخطب له ابنة خاله وفعلا ذات يوم سمعنا صوت الفرح بالشارع وعرفنا أنه خطبها فعلا.. في هذه اللحظة أدركت شقيقتي أنها فقدت حبها الأول وللأبد.. ومرت الأيام والشهور وهي حزينة. وذات يوم قصت أختي علي حلماً من أحلام اليقظة بأنه جاء لها عريس من القاهرة وفجأة دون سابق إنذار وقالت لي اسمه وعنوانه وكل شيء عن حياته.. قالت إن اسمه "...." وأنه يعمل في معرض سيارات أو أنه يمتلكه وأنه من سكان "...." بالحي الثامن شارع "...." ولديه ابنة وقالت اسمها وقد توفيت زوجته. في باديء الأمر لم أصدقها إلي أن جاء يوم وكانت هناك جارة لنا مسافرة للقاهرة لأننا من سكان الريف.. فكتبت لها العنوان وأعطيتها كل البيانات لنتأكد منها.. وذهبت ووجدت ما قالته أختي صحيحاً ومنذ ذلك اليوم الذي حلمت فيه أختي بهذا الرجل وهي منتظرة ولكنها انتظرت كثيراً ولم يأت ومن المعروف في الريف أن البنت ليس من حقها وليس لديها الحرية في أن تختار أي شيء ولا الإنسان الذي تتزوجه وتقضي معه أيامها الباقية من هذه الحياة البائسة.. وفي هذه الفترة تقدم إلي أختي أكثر من عريس وكانت ترفضهم جميعهم وكان أبي يوافقها لأنه كان يريد أن يتزوج أخي الأكبر ليري حفيده منه وبهذا كبرت أختي حتي وصلت لسن 27 عاما وفي ريفنا من تصل لسن العشرين فقد فاتها قطار الزواج. وبعد فترة جاء إليها عريس ورغم عدم اتفاقهما في أي شيء إلا أن أبي وافق عليه وضرب أختي كثيراً حتي توافق ولكنها رفضت ولكن وافق أبي وتمت الخطبة وهي تبكي علي الحياة التي أرادت أن تأخذ منها كل شيء ولكنها تصر أن تحصل علي حق واحد علي الأقل. كل ما أريده منك سيدتي هو أن تتزوج أختي الإنسان الذي حلمت به وأن تفسخ خطبتها تلك غير السعيدة.. أرجو ألا أكون قد أطلت عليك ولكن هذا ما رأيته بعيني وهي تبكي وأنا واقفة محلك سر ولا أستطيع فعل أي شيء لأجلها ولذلك قررت أن أكتب إليك وأن تفعلي كل ما تقدرين عليه لكي تساعدينها والله الموفق. الصديقة غادة ** أنني أعتبر رسالتك من أطرف الرسائل التي وصلتني هذا العام وكلمة طريف ليست سخرية من رسالتك ولكن لغرابتها.. إما بالطلب أو بالفكرة.. أنا لا أتهمك بالكذب ولكن سأقول لك أسبابي لقولي هذا.. أولاً أن تكتبي هذه الرسالة وعمرك 17 عاماً وهي التي تكبرك بعشرة سنوات تنتظر الوهم.. الشيء الثاني أن شقيقتك تصر علي أن تضيع سنواتها بين الفشل والوهم.. الشيء الأخير هو طلبك بأن أساعدها في الزواج بمن حلمت.. لهذه الأسباب أقول هذا القول إنها أطرف رسالة.. الشيء الأخير وهو إن صدقت أختك في روايتها فهذه حادثة يجب أن توضع في موسوعة "جينس". أولاً يا صديقتي لقد حلمت أختك حلم يقظة ولهذا فهو يخرج عن نطاق الرؤيا التي هي من عند الله أما كيف لها بالعنوان والاسم والتفاصيل فهناك أشياء كثيرة محتملة منها أن تكون شقيقتك ممن يدخلون علي النت وتقوم بالشات مع بعض الشخوص.. أو أنها قرأت هذا في شريط الشات في التليفزيون أو أن إحداهن حكت لها عنه وهي تحلم بالهروب من القرية والزواج في القاهرة.. لأن هذا الحلم لو كان من عند الله حتي وإن كان "يقظة" إلا أنه لم يتحقق الجزء الأهم فيه وهو أنه جاء ليخطبها وهذا لم يحدث.. إذن هناك شيء غير منطقي في الرواية.. هناك شيء آخر لماذا لم تقم جارتكم التي ذهبت لتتأكد من المعلومات باخباره بالحلم وأنها جاءت لتتأكد إن كان راغباً في زوجة فليتقدم فهذا شيء طبيعي إذ أنها لكي تعرف عن شخص تفاصيل كوفاة زوجته واسم ابنته وكل شيء عنه كعنوان سكنه.. من يعطيها هذه البيانات سوف يرتاب فيها وربما لا يعطيها إلا بعد سؤاله وفي هذه الحالة ستكون قد حلت لكما اللغز بأن تنبهه ثم من يدري شقيقتك أن هذا الرجل مناسب لها؟ من قال إنه سيكون الأفضل!! فربما كان شخصاً عنيفاً أو فاسداً أو بخيلاً أو.. أو.. أشياء كثيرة وربما لا يوافق علي الزواج من الريف ويريد قاهرية من إحدي معارفه أو أقاربه.. من يدريها أن هذا الذي حلمت به راغباً فيها!! لهذا أقول لك ولأختك هناك فرق بين الواقع والخيال.. هناك أمور كالزواج لا تتم إلا بوضوح الشمس حتي تستمر وتثمر ولا تكون مجرد تجربة فاشلة.. أختك ذكرتني بمسرحية في انتظار "جودو" هذا الذي لا يجيء.. الجميع ينتظر شخصاً وهمياً لا يجيء.. كمن ينتظر عودة صلاح الدين ليصلح حال العرب.. كلنا ياصديقتي نحلم ولكن إذا لم يلامس الحلم الواقع فهو أضغاث أحلام ومن يركض خلفها هو الخاسر وسيظل هكذا للأبد.. ياصديقتي لا تنتظري الوهم ولا تخسري المزيد من الأيام والشهور والسنوات ابدئي حياتك مع خطيبك وتزوجي وانجبي وعيشي الواقع فهو أفضل من أحلام اليقظة ومن المؤكد إذا لم تكن أختك علي دراية بهذا الشخص أن تكون الصدفة كأن يكون أحدهم حكي لها عنه ونسيت ثم عاودتها الذاكرة به علي شكل حلم يقظة. صديقتي الصغيرة المهمومة بأختها.. يبدو لي أنك الأعقل فحاولي أن تثبتي أقدامها بالأرض أي بالواقع فهو الأبقي لها.. ولكما تحياتي.