كم من مرة أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سواء علي المستوي العام له أو علي مستوي أفراده أن مهمتهم هي العبور بمصر في هذه المرحلة المؤقتة إلي أن يتم تسليم السلطة إلي حكومة مدنية ديمقراطية. ونفي المجلس علي نفس المستويين أنه سيتقدم بمرشح عسكري لرئاسة الجمهورية ضمن هذا المبدأ الذي أعلنه. وبالأمس نشرت صحيفة "المصري اليوم" أن هناك حملة منظمة بدأت لتأييد ترشيح المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلي رئيسا للجمهورية. وجاء في الخبر المنشور أنه انتشرت مئات الملصقات بصور المشير بالزي العسكري في ميادين القاهرة والجيزة والإسكندرية تدعو لترشيح المشير للرئاسة. وأن منظمي هذه الحملة سيبدأون في جمع مليون توقيع علي بيان بهذا المعني. وقالوا إننا نعبر عن مطلب شعبي للكتلة الصامتة التي تري أن المشير هو الأفضل لقيادة البلاد فترة رئاسية واحدة ليصل بها إلي الديمقراطية الحقيقية في ظل فقدان الثقة في أغلب المرشحين المحتملين. والسؤال: هل استأذن أصحاب هذه الحملة أو منظموها المشير قبل أن يبدأوها وبالتالي أعطاهم الضوء الأخضر؟! أم أنه فوجئ بها مثلنا علي غير توقع؟! وحتي كتابة هذه السطور لم يكن هناك رد فعل من جانب المشير أو من المجلس الأعلي للقوات المسلحة سواء بالتأييد أو النفي.. وبذلك هل يمكننا أن نعتبر هذه الحملة بالون اختبار انتظارا لمعرفة رد فعل الرأي العام تجاه ترشيح المشير للرئاسة؟! هناك ملاحظتان حول تصريحات منظمي الحملة: الأولي: أنهم أصدروا حكما علي المرشحين المحتملين للرئاسة بأنهم يفتقدون ثقة الشعب فيهم.. وذلك يجعلنا نسأل: من أين استقوا هذا الحكم وعلي أي أساس؟! خاصة أنه لم يجر أي استفتاء أو استقصاء للرأي حولهم ومدي قبولهم أو عدم قبولهم. الثانية: أنهم قرروا البدء في جمع تبرعات لتمويل هذه الحملة. وأن هذه التبرعات سوف تقتصر علي أعضاء الحملة فقط. وفي هذه الحالة ماذا سيكون مصير هذه التبرعات لو أعلن المشير رفضه ترشيح نفسه للرئاسة. لكن في نهاية الأمر يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا ونقول إن هذا الإعلان فاجأ جميع المصريين. وجاء عكس التوجه السائد الذي أكده المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وهذا يدخلنا في حسابات جديدة حول طبيعة المرحلة القادمة في حكم مصر. ومن هنا فإن الرأي العام في مصر ينتظر توضيحا معلنا وصريحا من جانب المجلس الأعلي لحسم هذا الموقف حتي تتحدد معالم المرحلة ونمنع القيل والقال.