في الأعياد تظهر دائما موجة من الغناء الهابط الذي يلوث البيئة والأذن في آن واحد.. فعندما تسير أمام محلات الكاسيت تسمع العجب والعجاب من ألفاظ تخدش الحياء وتفسد الذوق العام وهذا دليل علي اننا نسير تجاه الفساد في كل شيء.. فالفساد لم يقتصر علي الرشوة أو الاختلاس أو زيادة في الأسعار فحسب لكنه أصبح يسري في دمائنا كالنار في الهشيم. فمثلا عندما غني المطرب الشعبي أحمد عدوية "حبة فوق وحبة تحت" و"السح ادح امبو" انقلبت الدنيا وقتها واعتبرها النقاد والموسيقيون موجة رديئة وستذهب إلي غير رجعة لكن خاب ظنهم واستفحلت هذه الموجة بصورة بشعة جعلتنا نترحم علي اغاني عدوية إذا قارنا بينها وبين ما يتردد هذه الأيام سواء من أشخاص أطلقوا علي أنفسهم "مطربون شعبيون" فغنوا للحمار والحصان أو من نجمات السينما غنت فيلم "اديني اطه واديك اطه" وأخري تقول لها "قالوا البط بيحب اللظ وقالوا الوز بيحب الهز وقالوا الرومي قطعلي هدومي" والثالثة ترد عليهما "الهانص في الدنص يا اكسلنس" الي آخر هذه الكلمات الفاضحة الدخيلة علي الفن والغناء والتي تعتبر نكبة لغوية وموسيقية بكل المقاييس. زمان كان يغني المطربون الكبار أغاني تعكس ما يجري علي الساحة فغنوا للأرض والوطن والمحاصيل الزراعية ولمن يزرعها ويحصدها بهدف زيادة الانتاج من ناحية مثل "محلاها عيشة الفلاح" و"القمح الليلة يوم عيده يا رب يبارك ويزيده" وابتهاجا وفرحا بالأرض والقمح والقطن والزراعة من ناحية أخري. ليس معني هذا انني ضد الغناء الشعبي فقد غني من قبل محمد عبدالمطلب "السبت فات والحد فات" "وساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين" و"حبك علي فين هايودينا" وكذلك المطرب عزيز عيد في أغانيه "تحت الشباك لمحتك يا جدع" و"يا خارجة من باب الحمام" و"بطلوا ده واسعموا ده" فهذه الأغاني رددها الناس لأن كلماتها كانت محترمة ولذلك وجدت قبولا واستحسانا والدليل انه مازال المطربون الشبان يرددونها في الكثير من المحافل الداخلية والخارجية. للأسف ان ما يحدث من غناء شعبي هذه الأيام مفسدة للذوق واساءة للفن الشعبي المصري مما يجعلنا نتساءل أين نقابة الموسيقيين وشرطة المصنفات الفنية من هذا الاسفاف المخجل الذي يقتحم علينا بيوتنا سواء من الشوارع أو الميكروباصات ومن الذي يسمح لهذه الملوثات أن تفسد بقايا ما كان يعرف بالذوق العام؟! في اعتقادي ان الغناء عبارة عن كلمات ذات دلائل راقية متناغمة جذابة ممتعة وتحتوي علي شجن وهيام وعذوبة.. أما ما نسمعه هذه الأيام فأقل ما يمكن وصفه انه عبارة عن "ألفاظ سوقية" وليست شعبية!!