التعدي علي الأراضي الزراعية بالبناء في البحيرة فاق كل تصور وخيال. خاصة إن جميع حالات التعدي التي وصلت إلي 40 ألف حالة بإجمالي 1450 فداناً جميعها تمت علي الأراضي الزراعية القديمة التي تعد من أجود الأراضي في الإنتاج. وقد استشعر المحافظ المهندس مختار الحملاوي خطورة هذه التعديات التي تدمر الرقعة الزراعية. لدرجة أنه ربط إعادة هيبة المحافظة بإزالة هذه التعديات الجائرة من ضعاف النفوس الذين استغلوا الفراغ عقب ثورة 25 يناير وواصلوا تعديهم علي الأراضي الزراعية. وقد سجل مركز دمنهور أعلي نسبة في التعديات التي وقعت معظمها بالأراضي التي تطل علي الطرق المرصوفة من المدينة إلي باقي مدن المحافظة أو التي تطل علي طريق القاهرةالإسكندرية الزراعي. المؤسف أن هذه الظاهرة السيئة فتحت أبواب الثراء وحصد الأموال أمام عدد كبير من ملاك الأراضي الزراعية الذين باعوا مساحات منها للغير بأسعار تصل إلي خمسة أضعاف سعرها الحقيقي حتي يتمكنوا من البناء علي هذه المساحات سواء للسكن أو لإقامة مشروعات تجارية. وكان النصيب الأوفر من هذه التعديات علي الأراضي الزراعية التي تقع علي طرق مرصوفة بجميع مراكز المحافظة. في البداية يقول عاطف عبدالمعطي فراج نائب رئيس الغرفة التجارية بالبحيرة التعدي علي الأرض الزراعية هو سلوك سييء من المعتدين الذين يسيئون للثورة ويلصقون بثوبها الأبيض بقعة سوداء تمثل عاراً سوف يلاحق هؤلاء المعتدين طوال حياتهم لأنهم بذلك يضيعون حقوق الأجيال القادمة في الانتفاع بخيرات هذه المساحات التي دمروها بالتعدي عليها بالبناء. يضيف أحمد فهيم السيد "موظف بالتعليم" مع بداية الفراغ الأمني عقب الثورة وإحساس العديد من المواطنين معدومي الضمير بأن أحداً لن يلاحقهم حال قيامهم بالتعدي علي الأراضي الزراعية قام آلاف الأهالي من الذين لم تكن لديهم الحاجة لهذا التعدي واستقطعوا مساحات شاسعة من الأراضي قاموا بالبناء عليها كأحد أنواع الرفاهية علي اعتبار أن هذه فرصة ذهبية لهم لن تكرر مرة أخري. أما أحمد الغول "رجل أعمال" فيقول إنه لابد من إزالة هذه التعديات في أسرع وقت ممكن لأن بقاءها في صورة مبان علي الأراضي الزراعية سوف يجر تعديات أخري. مشيراً إلي أن التعدي في أي مكان يبدأ بحالة واحدة ويعتبره باقي الراغبين في التعدي بمثابة "جس نبض" فإذا نجح المعتدي في تشييد البناء يواصل المنتظرون التعدي بجواره وهكذا تكثر حالات التعدي في غياب الردع والحسم. ويري سمير خليل إبراهيم "مزارع" أن المعتدي علي أرضه الزراعية بالبناء لا يكفي معاقبته بإزالة التعدي فقط. مطالباً بإصدار تشريع يحرم مالك الأرض التي وقع التعدي عليها بالبناء سواء من جانبه أو ببيع المساحة المعتدي عليها للغير من الحصول علي المستلزمات الزراعية المدعمة كالأسمدة والبذور. فضلاً عن إيقاف جميع تعاملاته مع بنك الائتمان الزراعي من سحب أي سلف أو قروض بضمان هذه الأرض. أما المحاسب مصطفي نوار مدير المشتريات بديوان محافظة البحيرة فيقول: إن التعدي بالبناء علي الأراضي الزراعية "آفة" تلتهم حقوق الأجيال القادمة وطالب المعتدين بضرورة التوقف عن هذه الظاهرة السيئة التي سيكون لها مردود سييء علي الناتج الزراعي مشيراً إلي أن بوادر تراجع الناتج من هذه الأراضي بات واضحاً. فمن يصدق أن كيلو الكوسة وصل سبعة جنيهات والبطاطس خمسة جنيهات! المهندس مختار الحملاوي محافظ البحيرة وضع هذا الملف علي رأس أولويات عمله وقرر رصد مكافأة مالية قدرها عشرة آلاف جنيه لكل رئيس مركز يحقق أعلي نسبة في إزالة هذه التعديات أسبوعياً وشكل لجنة برئاسة سكرتير عام المحافظة لتقييم الأداء أسبوعياً. أوضح الحملاوي أنه لا توجد حالة تعد بالبناء الآن يقوم بها الأهالي باستثناء التعديات التي تمت في فترة ما بعد الثورة ويجري الآن ترتيب حملات لإزالتها بالتنسيق مع اللواء أحمد سالم جاد مدير أمن البحيرة. وأشار المهندس زكريا عفيفي وكيل وزارة الزراعة بالبحيرة إلي أن إجمالي عدد حالات التعدي بالبناء علي الأراضي الزراعية وصل إلي 40 ألف حالة تمت إزالة 1100 حالة منها علي مساحة 56 فداناً حتي الآن.