علي الرغم من خطورة إجراء عملية البشعة علي لسان ووجه بعض الأشخاص إلا أن البعض يلجأ إليها حتي يتمكن من إظهار الحقيقة الغائبة في بعض القضايا بعيداً عن أحكام القضاء ولكن لها قوانين ومختصين تفرغوا لها وورثوها عن أجدادهم لخدمة الآخرين وحل العديد من المشكلات الفورية والعديد من أبناء الوطن العربي يأتون إلي مصر ومن يقوم بإجراء عملية البشعة يتعهدون بكتابة إقرار علي أنفسهم قبل إجرائها وتحمل عواقبها. في قرية الروضة التي تبعد 8 كيلومترات تقريباً شمال مركز ملويجنوب مدينة المنيا تجد أرقام تليفونات مدونة علي الحوائط وجدران الأسوار المتاخمة لترعة الإبراهيمية بالطرق الرئيسية والزراعي وفي منزل "المبشع" تسمع أصوات الزغاريد وتجد الوجوه تغمرها الفرحة وأحياناً تجد الصراخ والبكاء والخزي والعار تكتسي وجوه الكاذبين. يقول صاحب البشعة الحاج خلف عبدالعال "المبشع" ل"المساء" ورثت المهنة من أبي وأجدادي وأعمل بها منذ أكثر من 30 عاماً. وكلمة البشعة مشتقة من بشاعة الموقف. حيث يتعرض المتهم لموقف صعب ومخيف يمثل لحظات حاسمة في حياته وتحديد مصير قضية ما أو حقيقة بعينها تكون هامة تتوقف عليها حياته. ماله. أرضه أو عرضه.. لإظهار حقيقة الأمر. فيأتي صاحب الحق بالمشتبه به ويكون من بينهم المتهم ويصر علي خضوعه للبشعة وإذا كان كاذباً تحول وجهه إلي منظر بشع فور تقريب البشعة منه فمن الممكن أن تأكل النار لسانه وتحرقه تماماً أو تشوه وجهه ويكون المنظر بشعا لذلك أطلق عليها "البشعة". أضاف أن البشعة من ضمن مفردات التحكيم بين المتخاصمين خاصة في الصعيد "ملوي. سيناء. الشرقية والإسماعيلية". فقط لا غير فهم 4 أشخاص علي مستوي الوطن العربي متخصصون في هذه الطريقة وجميعهم في مصر يتوافد عليهم من راغبي ظهور الحق من المحافظات المجاورة ليس ذلك فحسب ولكن من جميع أنحاء الدول العربية فالنار هي السبيل الوحيد لمعرفة الحقيقة. هناك قوانين ومبادئ لإجراء عملية البشعة فقبل خضوع أي شخص لأي جلسة بشعة لابد أن يوقع الأشخاص علي إقرار مكتوب بخط أيديهم أنهم تعرضوا للبشعة برغبتهم وهم بكامل قواهم العقلية ولم يجبرهم أو يؤثر عليهم وهم ملتزمون بأحكامها وقوانينها أمام الشهود وأنه صادق ويتحمل نتيجة صدقه ويتحمل نتيجة كذبه وليس هذا فحسب بل إن الشخص صاحب المسألة أو طالب الحقيقة "يبشع" قبلهم لبيان صدقه من كذبه فمن الممكن أن يكون كاذباً في مسألته أو أنه يفتري عليهم بأحاديث لم تحدث فلابد أن يبشع قبلهم. أشار إلي أن البشعة تساعد رجال الأمن والقضاء في الحد من التحقيق في بعض القضايا المتعلقة بجرائم السرقة والنصب والشرف إلي حد ما والبحث عن المتهم وتأخر زمن التقاضي ونرفع العبء عن صاحب المسألة في انتظار التحقيقات التي قد تسفر عن نتيجة أو لا تسفر عن شيء مع احترامي الكامل لأحكام القضاء. مشيراً إلي أن الخوف من البشعة لم يؤثر سلباً علي البريء فإذا تعرض لها شخص صادق في كلامه تجاه الواقعة أو التهمة المنسوبة إليه وأنه لم يرتكبها وهو بالفعل صادق تصبح البشعة وهي في قمة سخونتها ك"المياه" علي لسانه. فلا يستطيع أي شخص أن يقوم بإجراء جلسة بالبشعة لأنها تحتاج إلي قراءات وترانيم خاصة لا يعرفها إلا المبشع ولكن في النهاية تكون ثقتك في الله وحده وليس في البشعة لأنه هو الذي يستطيع أن ينجي شخصاً بريئاً أو يؤذي شخصاً كاذباً. فإن أكثر من 70% من الأشخاص فور سماعهم كلمة البشعة وأنهم سوف يتعرضون لها لإظهار كذبهم أو صدقهم يرفضون إجراءها خوفاً منها وبمجرد خوف الشخص تظهر الحقيقة كوضوح الشمس الساطعة والبعض فور الجلوس أمامها ويشاهدون جمرة ولهيب النار يعترفون بأنهم ارتكبوا ذلك الفعل أو الجرم وترد الحقوق لأصحابها وهذا هو الهدف المنوط بها كشف الحقائق. قال الحاج عبدالعال طريقة تجهيز البشعة إن "المبشع" يضرم ناراً ويضع فيها كمية كبيرة من الفحم حتي يحمر ثم يقوم بوضع قطعة حديدية تنتهي بشيء من الحديد علي شكل دائري "تشبه الملعقة" ولكن تتميز بحجمها الكبير علي النار ثم يضعها المبشع علي لسانه ثلاث مرات ليري الناس أن النار لا تضر الأبرياء ثم يقول المتهم أبشع قبل أن يبشع ويلحس المتهم ثلاث مرات بعد ذلك يناول الرجل الذي بشع قليلاً من الماء فيتناوله ويمضمض به ثم يبصقه فإذا ظهر علي لسانه بقع تدل علي أنه احتراق أو ظهر أثر للنار فيه فهذا يكون المتهم. مشيراً إلي أنه إذا حضر مسئول كبير تتساوي الرءوس ويجري البشعة كالآخرين وتذكر أنه منذ 30 عاماً طلبت منه قيادة أمنية إجراء البشعة لأمور شخصية له وتم بالفعل وظهرت الحقيقة إلا أنه رفض ذكر اسمه. أما عن طرائف البشعة ذات يوم جاءني رجل يتهم 3 أشخاص بارتكابهم واقعة سرقة وجلست معهم قبل إجراء البشعة وتحدثت معهم والجميع لديهم إصرار علي أنهم جميعاً لم يرتكبوا تلك الواقعة فأجريت البشعة علي صاحب المسألة والثلاثة الأخرين فلم يظهر منهم أي متهم ولم أفصح لهم أنهم أبرياء ولكن لاحظت شخصاً خامساً "الشاهد" أتي به صاحب المسألة وجاءني إحساس بأنه هو السارق وطلبت منه أن يبشع فظهرت علامات الخوف عليه وبالفعل كان هو السارق ووعدني بأنه سوف يرد المال المسروق إلي صاحبه وبالفعل لم أفصح عن السارق بعد أن وفي بوعده ورد المال المسروق إلي صاحبه ووضعه في ذات المكان الذي سرقه منه.