ولد البطل نزيه محمد علي بمدينة دمنهور في 13 مارس 1941. توفيت والدته وهو لم يبلغ من العمر عامين مما انعكس ذلك علي شخصيته التي وصفها كل من حوله أنه كان عطوفاً وحنوناً محباً للخير وميالاً لتقديم العون للآخرين. نجح بتفوق في مراحل التعليم المختلفة والتحق بفرق الكشافة حيث تعلم العمل بروح الفريق والاعتماد علي النفس وأثرت فيه تلك التجربة الحب لبلده والاعتزاز بالنفس. وفي المرحلة الثانوية كان محط أنظار الجميع بفضل هوايته للرياضة وبراعته في لعبة كرة القدم وكان قائداً وقدوة لرفاقه. وفي 29 سبتمبر 1959 حقق أهم أمنياته بالالتحاق بالكلية الحربية فكانت نقطة انطلاقة جديدة لطموحه. كان شديد الانضباط متفوقا شغوفا بالاطلاع علي مناهج العلوم العسكرية حريصا علي التمسك بالتقاليد العسكرية وكل ما يزيد من قدرته علي فنون القتال في شتي مجالات الحرب. بعد تخرجه عام 1962 أصبح ضابطا بالمدفعية المضادة للطائرات ليعين قائدا لفصيلة نيران بإحدي وحدات الصواريخ أرض جو بمنطقة جنوب القنطرة وانعكس تميزه علي مستوي التدريب والكفاءة القتالية لوحدته الصغري التي فازت باحسن فصيلة في التدريب القتالي للدفاع الجوي. وبعد أحداث هزيمة 67 عين قائدا لسرية نيران في إحدي كتائب الصواريخ وكلف بمهمة عمل كمين للعدو الجوي بمنطقة علي ساحلة البحر الاحمر واسقاط طائراته التي اعتمدت اختراق المجال الجوي في هذه المنطقة. بعزيمة الرجال وإصرارهم علي الثأر لكرامة الوطن وشهدائه وتنفيذ المهمة تحرك البطل برجاله لمسافة امتدت إلي 300 كم من منطقة التمركز الأساسية. وفي الموقع المحدد للكمين بدأت الوحدة تراقب الطائرات المعادية ¢الذراع الطويلة للعدو¢. وحينما كانت ساحة اللقاء التقطت أجهزة الرادار هدفاً يخترق المنطقة لتنطلق الصواريخ إلي السماء وتسقط الطائرة ويتهاوي حطامها المشتعل ويحصل البطل علي نوط الشجاعة من الطبقة الأولي من الرئيس جمال عبدالناصر. ومن البحر الأحمر إلي قناة السويس حيث عين رئيساً لعمليات إحدي كتائب النيران عام 1969. وكلفت وحدته احتلال موقع كمين علي جبهة قناة السويس المحتدمة بأعمال القتال ومسرحا نشطا لطائرات العدو. وفي تعاون وثيق مع وحدات الصواريخ المجاورة بدأ الاشتباك مع الطيران المعادي لتسقط 7 طائرات محترقة ويقع طيارين اسري في ايدي قواتنا في أولي بشائر النصر بعد يوم حزين باكي عاشته إسرائيل. تواصل الكتيبة مهامها القتالية لتسقط طائرتين من طراز سكاي هوك خلال التصدي لغارة أخري من طائرات العدو وتزيد الثقة في السلاح والرجال وأصبحت إسرائيل تخشي الحساب العسير من صواريخ الدفاع الجوي. ومع تولي البطل قيادة كتيبته استمر في تطوير مستوي التدريب القتالي والاستعداد المعنوي والنفسي للمقاتلين وتظهر اسطورة الجندي المصري الذي لا يهاب الصعاب ولا ينثني عزمه أمام العدو وحينما حانت الساعة الحزينة صدرت الأوامر برفع درجة الاستعداد. الجميع خليه نحل ترقب أجهزة الرادار طائرات العدو والصواريخ جاهزة للانطلاق الفوري ورجال المدفعية المضادة للطائرات كل في مواقعهم يملؤهم الترقب والأمل في الثأر. في الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر تنطلق طائراتنا فوق الرءوس تشق الفضاء بسرعة رهيبة مخترقة الجبهة الهادئة الصامتة كصمت القبور إلي اتجاه الشرق ... لتدق القلوب وتهدر الدماء في العروق ليبدأ العبور العظيم واجتياز الساتر الترابي والانقضاض علي حصون خط بارليف التي سقطت واحدة تلو الأخري ويفر العدو المتغطرس تاركا اسلحته وأفراده في ايدي قواتنا ما بين قتيل واسير. كانت قوات الدفاع الجوي بالمرصاد لكل محاولات العدو الجوي ولم تمكنه من تحقيق أهداف تعطيل العبور أو التأثير علي القوات وكبد الطيران المعادي خسائر فادحة في الطائرات والطيارين لتصدر القيادة الإسرائيلية أوامرها بعدم اقتراب الطيران من قناة السويس لمسافة 15 كم. استمر الدفاع الجوي يوفر الحماية الجوية للقوات البرية مع استمرار تقدمها في عمق دفاعات العدو محققة مهامها القتالية بنجاح. وصدرت الأوامر لكتيبة البطل بالتحرك والانتقال إلي سيناء يوم 12 أكتوبر لحماية رءوس الكباري وتأمين القوات البرية في العمق وتتحرك علي المعبر المخصص لها إلي الضفة الشرقية للقناة برغم القصف المدفعي المعادي علي المعبر. وبسرعة كبيرة تم الوصول للموقع وتنفيذ التجهيز الهندسي والاستعداد للاشتباك والضرب وفقا للمعدلات القياسية ولم ينل عزيمتهم القصف المدني الشديد ولا بعض الخسائر والإصابات البسيطة التي لم تمنعهم عن أداء المهمة. في الساعة 4 من ظهر يوم 13 أكتوبر تم التقاط هدف من طائرتي ميراج فأصدر البطل أوامره الفورية بالتعامل معها ونجحت في تدمير إحداها فيما فرت الأخري هاربة. في صباح 14 أكتوبر رصدت شاشات الرادار هدفاً من طائرات العدو علي ارتفاع منخفض وتمكن الرجال بخبرتهم وتدريباتهم المتميزة من التعامل مع الهدف برغم نشاط المدفعية المعادية وقصفها بشدة لموقع البطل. في الساعة الواحدة إلا الربع من نفس اليوم ظهرت مجموعة أخري مكونة من 4 طائرات معادية قامت عناصر من الصواريخ سام 7 والرشاشات بالتعامل معها وأصابت إحداها وفرت باقي الطائرات الأخري. وفي الساعة الواحدة وسبع دقائق تم الاشتباك مع هجمة جوية أخري ونجح البطل ورجاله في تدمير طائرة وارتطمت الأخري بالأرض بالقرب من الموقع وتقترب هجمة جديدة في تمام الثانية ظهرا لتلقي مصير سابقتها وتدمر طائرة معادية في يوم مشهود وملحمة من ملاحم الدفاع الجوي التي سيخلدها التاريخ علي مر العصور. مع استمرار الخسائر قلل العدو نشاطه الجوي في هذا اليوم مركزا قصفه المدفعي بعيد المدي علي موقع البطل ونجح في إصابة أحد الصواريخ المحملة علي الناقلات. في صباح يوم 15 أكتوبر قام العدو بهجوم جوي جديد لتدمير موقع الدفاع الجوي لتسقط إحدي طائراته فيما تمكنت الأخري من إصابة الموقع بصواريخ جو أرض وتفريغ حمولتها داخل الموقع مسببة أعطال في كابينة المعلومات والصواريخ وإصابة عدد من الضباط والجنود وتمكن البطل ورجاله من إصلاح الأعطال واستعادة كفاءة الموقع وكانت القيادة الإسرائيلية عازمة علي القضاء علي الموقع الصاعد مهما كلفها الأمر فدفعت بتشكيل مكون من 4 طائرات لمهاجمة الموقع فتم الاشتباك معها وتسقط إحداها فيما قامت باقي الطائرات بإلقاء حمولتها علي الموقع لتصيب جهاز رادار القيادة وبعض الكوابل. مع استمرار الاشتباك لم يتبق بالموقع صاروخ واحد من طراز سام 7 والرشاشات ويتمكن البطل ورجاله من العبور أمام محاولة جديدة للعدو وتمكن من اسقاط طائرة فيما فرت 3 طائرات معادية أمامه وظل أبطال الكتيبة متمسكين بمواقعهم برغم صعوبة الإمداد بالصواريخ وكثافة الهجمات الجوية وقصف المدفعية المعادية. في صباح 16 أكتوبر صدرت الأوامر للكتيبة بالانتقال إلي موقع تبادلي آخر ونجح البطل في نقل معدات الكتيبة إلي موقع تبادلي لتوفير الحماية الجوية للقوات البرية أثناء تطوير الهجوم. وفي صباح 19 أكتوبر قامت مجموعة من دبابات العدو بمحاولة تطويق الموقع الجديد. وصدرت الأوامر للبطل للخروج من الحصار وبرغم نقص المركبات نجح أبطال الكتيبة في تجميع معدات سرية الرادار والرشاشات وأجهزة الإنذار وإخراجها من الحصار. وكانت إرادة الصمود والنضال للبطل ورجاله المخلصين دافعا لهم لعدم ترك أي معدة تقع في ايدي العدو وبمعاونة إحدي الوحدات الفرعية للمظلات ثم اختراق الحصار واخلاء جميع معدات الكتيبة التي نجحت في تدمير 13 طائرة للعدو خلال مواجهاتها مع العدو ونفذت بشكل كبير كل ما أسند إليها من مهام لتوفير الحماية الجوية المستمرة لقواتنا البرية مما ساعدها علي تنفيذ مهامها بنجاح.