* كيف تقيم الجهود التي تبذل للاصلاح الإداري؟ * يبدو من المتابع للجهود التي تبذلها الدولة في الفترة الأخيرة أنها تتعامل بجرأة مع العيوب الهيكلية في الاقتصاد القومي بهدف علاجها بما من شأنه أن يحقق بيئة ملائمة لانطلاقة قوية في الاقتصاد مستقبلاً ومن الجوانب الإيجابية تمتع الرئيس بشعبية كبري أعطته الجرأة لاتخاذ قرارات اقتصادية صعبة التي لها ثمن كبير يدفعه الفقراء وما يهمنا هنا ليس تقييم السياسات الاقتصادية لكن تركيزنا علي جانب لم يأخذ الأهمية التي يتطلبها وهو الإصلاح الإداري فمن حيث المبدأ أن التنمية في الدولة بصفة عامة والاقتصادية بصفة خاصة لا يمكن أن تتم إلا أن هناك جهازاً إدارياً كفئاً قادر علي حمل السياسات العامة وترجمتها علي أرض الواقع بحرفية وكفاءة وقبل ذلك يساهم الجهاز الإداري في بلورة السياسات العامة من واقع الإلمام بكافة الأوضاع في الدولة والالتحام المباشر بالجمهور آخذاً في الاعتبار هذه الحقيقة المعروفة للجميع وكان من الأحري بالحكومة أن تتبني بالتوازي برنامجاً للاصلاح الإداري مبني علي رؤية وأهداف محددة قابلة للتطبيق والقياس تتناغم مع برامج الاصلاح الاقتصادي وبرامج الاصلاح الأخري وقد نعول في ذلك علي رؤية مصر 20/30 لكن الواقع يشهد ليس في مصر وحسب ولكن في العديد من الدول العربية والنامية أن تلك الرؤي ينقصها آليات تنفيذية علي أرض الواقع وغالباً ما يكون تأثيرها علي أرض الواقع ضعيفاً. دمج وهيكلة * وما هي الأسباب التي تعطل الإصلاح الإداري؟ * * السبب الأول يأتي في التركيز علي أمرين أساسيين رغم عدم أهميتهما الكبري الأمر الأول مرتبات العاملين وعدد العاملين في الدولة ومدي إمكانية تخفيضهم والأمر الثاني للهياكل الحكومية وهل يمكن تقسيم أو إعادة دمج أو اجراء هيكلة أما فيما يتعلق بالمرتبات فهو أمر شائك ولا يمكن لأي دولة تعاني من حجم المشاكل التي نعاني منها اقتصادياً أن تقدم علي زيادة المرتبات وأيضاً لا يمكنها تخفيض عدد العاملين علي المدي القصير نظراً للآثار الاجتماعية التي لا يمكن التنبؤ بها. المشكلات الحقيقية * وما الحل من وجهة نظرك؟ * * يجب إجراء تقييم ومسح كامل للجهاز الإداري من جميع جوانبه للوقوف علي المشكلات الحقيقية الذي يعاني منها دولاب العمل علي أن يشترك في هذا التقييم العاملون في الجهاز الإداري وجمهور المتعاملين والخبراء وفي مرحلة لاحقة يتم بلورة حلول لكل المشكلات التي يعاني منها الجهاز الإداري بالاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وبما يتناسب مع الواقع المصري فليس كل التجارب الخارجية صالحة للتطبيق لدينا وما يقلل من تكلفة التقييم هناك منظمات دولية كبري علي استعداد لتقديم الدعم المالي والفني في هذا المجال منها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمات الأممالمتحدة وكلها منظمات موثوق فيها ومن ثم فاللجوء إليها يحقق الفائدة المرجوة بشرط أن النهج الشامل والمشاركة تجعل المجتمع بكل أطيافه شركاء في التقييم ووضع الحلول وتطبيقها لتكون أقرب للواقع. الحوكمة الرشيدة * وما هي أبرز المفاهيم المطلوب الأخذ بها؟ * * لابد من ادخال قيم الحوكمة الرشيدة التي تتضمن الشفافية والنزاهة والمشاركة وتطبيق القانون والكفاءة والفاعلية فهذه القيم يجب ألا تتجزأ ويجب ادخالها في كل آليات العمل بالجهاز الإداري بداية من التشريعات إلي النظم المالية والفنية والإدارية ويجب أن تنعكس خطة الحكومة بصفة عامة في خطط كل الوزارات ثم الهيئات التابعة لها ثم الإدارات المركزية والإدارات العامة وأن يكون للمحافظين ورؤساء الأحياء دور في تنفيذها وقبل ذلك يجب أن يكون الجهاز الإداري الواحد كياناً واحداً وليس جزراً منعزلة ويجب أن يخدم الجميع هدف واحد بتنسيق كامل.. كذلك هناك أفكار عديدة تتعلق بالتخطيط والجودة في الجهات الحكومية ومازالت مفقودة وأصبحت عمليات نمطية لا ينظر إليها أحد وعبارة عن دورة ورقية فقط حيث يجب أن تضع كل وحدة إدارية خططها وأهدافها ثم تحاسب عن تحقيقها من عدمه. أخطاء عديدة * وماذا عن مستوي التدريب والإعداد للموظفين لدينا؟ * * هذا الأمر من حيث التكلفة والموضوعات التي يتم اختيارها أو حتي في اختيار من يتلقي التدريب يشوبها العديد من الأخطاء بالإضافة إلي أنه لا يتم اختيار المدربين علي أسس سليمة تتوافر فيهم الكفاءة.. كذلك الخطة التدريبية هل تعكس الأولويات المطلوبة بالفعل فعلي سبيل المثال لدينا جهاز إداري يقترب من 7 ملايين موظف ومع ذلك المواطن يقف لمدة تزيد علي 10 دقائق لإنهاء الخدمة في أحسن الأحوال والعيب هنا ناتج من سوء توزيع القوي العاملة والاعتماد علي طرق عقيمة من العمل الإداري تؤدي إلي طول زمن العمليات الإدارية ونحن بلا شك لدينا تركة ثقيلة لكن ليس معني ذلك أننا نحتاج لتكاليف ضخمة للاصلاح ولكننا نحتاج إلي قيادات واعية علي علم بالمناهج الإدارية الحديثة وإيمان بأهمية الاصلاح ولا تتعامل مع الأمر باستهانة. * وما هي البداية للاصلاح من وجهة نظرك؟ * * يجب الاسراع بتطبيق الحكومة الالكترونية في جميع جهات الدولة لأن ذلك سوف يؤدي لسهولة الحصول علي المعلومات وتداولها بين الجهات المختلفة من جهة وبينها وبين المواطنين والمجتمع المدني من جهة أخري وهو ما يؤدي إلي مزيد من الشفافية والتضييق علي ارتكاب الفساد.. والتحسين المستمر لدخول العاملين بالدولة حتي لا يرتكبوا الفساد الإداري بحثاً عن الحياة الكريمة من وجهة نظرهم وضرورة المراجعة الشاملة لكل النظم الإدارية في الأجهزة الحكومية لتوضيح واجبات ومسئوليات الموظف العام بشكل يمنع اللبس ويحدد الاختصاصات بشكل دقيق ففي كثير من الحالات ينتهي التحقيق في المخالفات الإدارية دون تحديد المسئول.