أكد خبراء التعليم أن القرارات الأخيرة لوزير التعليم د.طارق شوقي في معظمها يتماشي مع أهداف العملية التعليمية وان كان يتوجب علي الوزير الرجوع للمهتمين والخبراء في التعليم وأيضاً إلي المراكز البحثية المتخصصة. أضاف الخبراء ان اصلاح حال المعلم أولاً قبل أي شيء هو بداية أي اصلاح منظومة التعليم في مصر. فيما أشاد الخبراء بمادة الأخلاق وأيضاً الغاء الامتحانات في الصفوف الثلاثة الأولي في المرحلة الابتدائية. أكد د.صلاح الدين عرفة أستاذ التربية بجامعة حلوان ورئيس المركز القومي لتطوير التعليم ورئيس مركز تطوير المناهج سابقاً أن الغاء امتحانات الصف السادس الابتدائي قد لا يتماشي مع أهداف العملية التعليمية.. فهل هناك وسيلة أخري غير الامتحانات لقياس مستوي الطالب والحكم عليه في هذه المرحلة؟ ولا أعلم لماذا تم اتخاذ هذا القرار الغريب؟! أضاف: هل تحول التعليم في مصر لمجرد الذهاب فقط للمدرسة؟! هناك بعض الدول تعمل بنظام "الاختبار القومي" بعمل امتحانات في اللغات والرياضيات والعلوم ثم تقوم بمقارنة مستوي طلابها بمستوي طلاب الدول الأخري وتقوم بتطوير نفسها لتصبح علي المستوي المتقدم للدول الأخري وهكذا يتم الحكم علي تحقيق أهداف المرحلة الابتدائية لديها. أوضح د.صلاح أن الامتحانات هي المقياس الأساسي لاختبار قدرة الطالب وأري أن الغاءها يضر بالعملية التعليمية وهذا علمياً غير صحيح متوجهاً بالسؤال إلي وزير التربية والتعليم. هل تم أخذ رأي خبراء المركز القومي للامتحانات بالمقطم؟! مؤكداً أن وزارة التعليم عليها أن ترجع للمراكز البحثية ولكليات التربية ولخبراء التعليم وكان علي الوزير تشكيل لجنة من كل خبراء هذه المراكز ومناقشتهم حيث إن هناك خبراء متميزين في أصول التربية والامتحانات كان لابد من الرجوع إليهم قبل أن يتخذ هذا القرار!. أشار د.صلاح إلي أن الهدف المعلن هو تقليل التكلفة المادية الخاصة.. فهل يكون هذا علي حساب الطالب؟! التعليم هو استثمار في رأس المال البشري هكذا تنهض الأمم وتتقدم مطالباً بالاهتمام بالطلاب وتنمية مهاراتهم واكسابهم مهارات وتكنولوجيا القرن الحادي والعشرون حتي يدخل سوق العمل وهو مؤهل بشكل جيد. يري د.صلاح أن الغاء الامتحانات للصف الأول والثاني والثالث بالمرحلة الابتدائية قد يكون صائباً لأن الأطفال خلال هذه المرحلة صغار السن ويحتاجون لمعاملة خاصة تكسبهم حب المدرسة وتخلصهم مما نطلق عليه "الصدمة".. فطالب الصف الأول الابتدائية يذهب في البداية سعيداً الي المدرسة ثم يفاجأ بعد ذلك بالواجبات المدرسية الثقيلة ويتكون لديه ما يطلق عليه الأطباء النفسيون "بالخوف المرضي" ويرفض الذهاب للمدرسة ويتحجج يومياً بمرضه من أجل عدم الذهاب إليها خوفاً من الواجبات الدراسية الثقيلة عليه في هذا العمر ولابد من تخفيف المقررات الدراسية وأن تكون محببة له في هذه المرحلة لربطه بالمدرسة وجعلها مكاناً للابداع والسعادة لديه فيكفي أن يتعلم أشياء بسيطة تنمي عقله وتكون مناسبة لسنه. يري د.صلاح أن العودة لنظام المجموع التراكمي للثانوية العامة من الصف الأول حتي الثالث يضيف أعباء إلي الطلاب.. فلماذا نعاقب الطالب إذا كان عنده تقصير في الصف الأول الثانوي بسبب ظروف معيشية خاصة ثم اجتهد في الصف الثاني والثالث وفي مجموع درجاته وتحصيله العلمي أري أنه لابد من مراجعة هذا القرار جيداً حتي لا نظلم أحداً وأيضاً لأنه سيفتح الباب علي مصراعيه لمافيا الدروس الخصوصية وتوحشها ويجهد الأسر المصرية بشكل كبير. أضاف ان اصلاح التعليم في مصر يجب أن يكون مدروساً وعلي أسس علمية يشارك فيها الخبراء والمتخصصون.. مؤكداً أن مصر أمامها 10 سنوات حتي يقف التعليم مستقيماً لأنه الآن مائل.. مشيراً الي أن نقطة الانطلاق لتطوير التعليم هي المعلم يجب اصلاح حاله وأحواله وإن لم ينصلح حال المعلم نكون كمن "يحرث في البحر" فهو رأس الحربة في التعليم والاهتمام به مادياً وتدريبياً وتأهيله بشكل جيد واعطاء الفرصة لخريجي كليات التربية ووضع معايير ومواصفات في مقرراتهم التعليمية حتي يكون معلماً مؤهلاً بشكل جيد. طالب د.عرفة بالاهتمام بالتوجيه التربوي وعودته مرة أخري للمدارس فهو أساس التقييم في المدارس وكشف مستوي الطالب والمدرس واعطائهم كل ما هو جديد في المقررات التعليمية وهو ما فقدناه حالياً وأهملناه ولابد من العودة له. يقول د.حسن شحاتة أستاذ التربية والمناهج بجامعة عين شمس إن القرارات الأخيرة لوزارة التربية والتعليم بعضها ايجابي وبعضها الآخر في حاجة لاعادة نظر وتقييم.. ففي الوقت الذي تلغي امتحانات الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي والغاء النظام التراكمي بهما فيتم تطبيقه في المرحلة الثانوية بكل صفوفها. أضاف شحاتة أن الغاء "الميد تيرم" يساعد علي زيادة الدروس الخصوصية بالإضافة لكونه يضعف المستوي العلمي للطلاب. أشار شحاتة إلي أن مرحلة ما بعد الثانوية العامة والتي لا تشترط دخول الجامعة والاكتفاء بها فقط.. يعد اهداراً لسنوات طويلة من التعليم حتي الثانوية لأن خريج الثانوية العامة والذي لا يدخل الجامعة يزيد من أعداد البطالة في المجتمع لأنه غير مؤهل لسوق العمل وقد يزيد ذلك من مشاكل التعليم في مصر. أكد د.شحاتة أنه لا يري سبباً علمياً يؤدي لالغاء الصف السادس الابتدائي وإذا كان كما قيل بغرض تخفيض النفقات المالية فهذا بحد ذاته يحتاج للمراجعة.. فهل يكون التوفير المال علي حساب زيادة الأمية وانخفاض المستوي التعليمي. يري د.شحاتة ان القرارات لابد أن تخضع للحوار المجتمعي ولا يجوز أن نقدم قرارات من داخل الغرف المغلقة.. فقضية التعليم أمن قومي ولا تصدر قراراتها من خلال الغرف المغلقة كان من الأجدي طرحها للمناقشة مع الخبراء والمتخصصين حتي نصل للنموذج الأفضل للتطبيق في اطار عالمي نفكر به ونطبقه محلياً ويساعدنا علي اصلاح المنظومة التعليمية. يقول د.رسمي عبدالملك رئيس لجنة التعليم ببيت العيلة المصرية والأستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية إن تدريس مادة "القيم والأخلاق والمواطنة" من الصف الأول الابتدائي حتي الثالث خطوة جيدة وصائبة لتعليم الطالب القيم والمعايير الدينية والاجتماعية المشتركة وأيضاً لاكسابه السلوكيات الصحيحة في كيفية التعامل مع الآخر. أضاف د.رسمي أن وزارة التربية والتعليم والتربية تسبق كلمة التعليم ولابد من تطبيق هذا الشعار علي أرض الواقع وأري أن هذه المادة هي عودة مرة أخري من الوزارة الي هذا الجانب التربوي المهم جداً لأولادنا وأتمني لو تم تطبيقه أيضاً في مرحلة الحضانة. أشار د.رسمي إلي أن هذه المادة كانت من مبادرة لشيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب من خلال بيت العيلة المصرية وتم الموافقة عليها من البابا شنودة وقتها لتكون مادة مشتركة ولابد أن تكون طريقة تدريسها مختلفة عن أي مادة أخري عن طريق عمل برامج وأنشطة للطلاب أكثر من التلقين في الفصول ولابد أن يكون هناك معسكرات ورحلات للطلاب في هذه المرحلة العمرية لإكسابهم سلوكيات التعامل مع الآخرين وهذه المادة لا تلغي مادة التربية الدينية كما يشيع البعض. أضاف د.رسمي ان ربط مادتي العلوم والرياضة للصفين الأول والثاي الثانوي ببنك المعرفة المصري خطوة في الطريق الصحيح لأن هذه المواد قاطرة التكنولوجيا في العالم كله ولابد من إضافة مواد اللغة أيضاً حتي يكون هناك تواصل بين التعليم المصري والعالمي وبنك المعرفة المصري هو مخزن "مفسر للمعلومات" ليس لمعرفة المعلومة ولكن لكيفية الحصول عليها ومسايرة التطور العلمي في العالم وملاحقة ما يطلق عليه "ثورة الانفجار المعرفي".