تابعت بشغف مواجهة شباب الأقصي لقوي الاحتلال الإسرائيلي من آل صهيون.. لقد تحدي هؤلاء الشباب العزل من أي أسلحة كل المخاطر التي تحيط بهم من كل جانب القوات تحاصرهم بالأسلحة الآلية والإلكترونيات وأجهزة الرصد. بالإضافة إلي تلك السيارات التي تخترق صفوف هؤلاء الشباب. كل هذه الإجراءات وتلك الاستعدادات لم تفلح في وقف مسيرة هؤلاء الأبناء الأشداء الأقوياء نفسياً ومعنوياً. قهروا كل نوازع الخوف وتقدموا في مسيرتهم خطوات تلو الأخري نحو المسجد الأقصي والتمتع بالصلاة في داخله. فشلت كل محاولات قوي الاحتلال في وقف مسيرة هؤلاء الذين أرهبوا العدو وصاروا حديث العالم في بطولاتهم أثناء الحصار الذي فرضته إسرائيل لمنع الفلسطينيين وأهل القدس من الصلاة بالأقصي. وقد تضاعفت سعادتي وأنا أشاهد هؤلاء الشباب يزحف ومعه "علب الكراتين" التي استغلها بديلاً للمصلاة لكي يجلس عليها ومشاعر التحدي تبدو علي الوجوه لتعلن لقوي الاحتلال أن أي قوة لن تستطيع وقف الزحف نحو أولي القبلتين وثالث الحرمين.. وقد نجحت مواجهة هؤلاء الشباب في تحدي كل الوسائل العسكرية والإلكترونية ومختلف وسائل البطش ورضخت إسرائيل لإرادة هؤلاء الشباب الذين قهروا الصعاب ولا غرو فهؤلاء تربي في داخلهم قوي الإيمان والتحدي لأنه منذ عام 1948 والطغيان الإسرائيلي بتأييد قوي البغي الدولية بلا توقف ولذلك كانت الكراهية قد امتلكت وجدان هؤلاء الشباب من تلك الأجيال التي شاءت الأقدار أن يعيشوا هذه الفترة حالكة الظلام في حياة الفلسطينيين الذين شردتهم تلك النكبة الفلسطينية. ولا سبيل أمام هؤلاء الأشقاء من الفلسطينيين سوي الاستمرار في هذا التحدي وتلك المواجهة. حقيقة ما أشبه الليلة بالبارحة لقد أعاد هؤلاء الشباب إلي الأذهان انتفاضة الفلسطينيين التي حدثت منذ سنوات ولقنت الإسرائيليين درساً لكنهم مع شديد الأسف استمروا في صلفهم وغرورهم وتحدوا كل القوانين والأعراف الدولية. ومارسوا كل ألوان القهر والاستغلال والبطش. ومع كل فترة تقدم إسرائيل علي بناء المستوطنات فوق أرض لا تملكها وتتيح الفرصة للمستوطنين اليهود في الإقامة بتلك المساكن.. السجن والسحل والقتل في وجه من يعترض وفي نفس الوقت وعلي الجانب الآخر هناك الانقسام والتناحر بين الفلسطينيين.. حماس وأشقاؤهم في الضفة الغربية.. كل في شغل فاكهون. لم تفلح أي محاولات في رأب الصدع بينهما وعلي مدي الأيام تتصاعد الخلافات. كما أن الفترة الأخيرة في حياة الأمة العربية شهدت الفرقة والخلاف بين العرب وصار القتال والتناحر بين أبناء الأمة الواحدة ذات اللغة والدين الواحد والتاريخ المشترك.. وبالطبع وفي مناخ الفرقة والاقتتال وجدت إسرائيل فرصتها في التوسع في الاستيطان والسعي بكل همة لفرض هيمنتها علي المسجد الأقصي وتحقيق مزاعمها في تقويض جدران هذا المسجد والبحث عن الهيكل المزعوم. صلف وغرور ودعم من القوي العظمي في العالم. لقد وجدت إسرائيل ضالتها في هذا المناخ السييء المليء بالصراعات والاقتتال. تلعب بكل أساليبها في إذكاء روح الصراع وبث الفتنة بين الدول العربية. فتش عن إسرائيل في أي نزاع أو خلافات في عالمنا العربي. لم تتورع عن أي عمل عدواني أو مساعدة تقدمها لأطراف النزاع الذين عقدوا صفقات مع أبناء صهيون. أخيراً.. تحركت الجامعة العربية بعد أن انتفض شباب المدينة المقدسة وأعادوا الأمل في النفوس بوقوفهم في وجه الطغيان الإسرائيلي وقد جاء تحرك الجامعة العربية في إصدار قرار تضمن أن القدس خط أحمر ويتعين علي دول العالم والأمم المتحدة ضرورة التزام إسرائيل بمضمون هذا القرار وتطبيق القانون الدولي بشأن احترام المقدسات الدينية والتخلي عن الأساليب التي تتخذها ضد الفلسطينيين ووقف الأعمال التي تتخذها لمنع الصلاة في الأقصي. وعلي الجامعة العربية الاستمرار في هذا التحرك والسعي بكل جدية لإحياء عملية السلام وقيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية. بالإضافة إلي اتخاذ التدابير الخاصة برأب الصدع بين الفلسطينيين وإنهاء هذا الانقسام. ولا شك أن انتفاضة شباب الأقصي قد أحيت الأمل في قلوب الفلسطينيين.. وأكدت أن أي حق لا يموت ووراءه مطالب. نريد أن تستمر هذه الانتفاضة بصورة أقوي وجرأة تتحدي كل أساليب القهر والصلف والغرور. إن مظاهر القوة والشموخ في قلوب هؤلاء الشباب جعلت إسرائيل تتراجع عن إجراءاتها القمعية ومن شاهد صمود هؤلاء الشباب أدرك أن قوة الإرادة وتحدي الموت هو السبيل لانتزاع حرية الأوطان وتحريرها من بطش الاحتلال ليت هذه الانتفاضة توقظ العرب والفلسطينيين من سباتهم خاصة أن هؤلاء الشباب قد قهروا المستحيل.. نريد الوقوف صفاً واحداً لأن آل صهيون تجاوزوا كل الخطوط!!