سكان الجزر النيلية بالمنيا يعيشون حياة العصور البدائية بلا خدمات.. حياة غير آدمية محفوفة بمخاطر الموت. يوجد بالمنيا أكثر من 19 جزيرة يقطنها آلاف المواطنين. إلا أن هناك جزراً مأهولة بالسكان كجزر البيهو وشارونة وزهرة وملاطية والبرشا ويعتمدون علي الزراعة وتربية الحيوانات. هم مواطنون مصريون يعيشون في الجزر بعيدا عن ضجيج السيارات.. يعيشون حياة بدائية دون أطباء أو تعليم أو وسائل مواصلات أو خدمات.. لديهم ثروة اقتصادية هائلة من تنوع نباتي وحيواني.. إلا أن المسئولين بقدرة قادر حوّلوا حياة ساكني الجزر إلي عذاب. المعروف أن الجزر النيلية هي أرض تتبع أملاك الدولة ويقوم أصحابها بدفع ضريبة سنوية مقابل الانتفاع "الربط". وعلي هذا الأساس حاول المسئولون طرد القاطنين بها باعتبارها محميات طبيعية يجب الحفاظ عليها. وهذا ما دفع محافظ المنيا الأسبق اللواء أحمد ضياء الدين أن يرسل العديد من الإنذارات لسكان هذه الجزر لمطالبتهم بمغادرتها. وعندما سأل الأهالي عن السبب كانت الإجابة أنه يطبق قرار رئيس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 الذي ينص علي أن جزر النيل محميات طبيعية يحظر فيها القيام بأي أعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة المائية أو البرية بإقامة مبان أو منشآت. التقت "المساء" عدداً من سكان الجزر.. الأهالي يقولون إن الدولة لم تقدم لهم شيئاً نهائياً. فمنذ حياتنا ونحن لا نري المسئولين ولكن نسمع عنهم ندفع الربط السنوي ولم تقدم لنا الحكومة أي خدمات. كما أقام اللواء عصام بديوي محافظ المنيا بإزالة 16 حالة تعد علي الجزر النيلية. أكد محمد أحمد أنهم يعبرون البر الغربي بالشرقي بقوارب تفتقد إلي الأمن والأمان ناهيك عن الحمولة الزائدة بالمراكب دون رقيب أو مسئول. لم يخطر ببال أحد المسئولين توفير معديات لقاطني الجزر أو مركب كبير يستوعب أعداد السكان الوافدين علي الجزر. أوضح شادي مصطفي أن الوصول إلي أقرب مدرسة تمثل رحلة عذاب من بداية اليوم الدراسي حتي نهايته.. يستقل التلاميذ المركب الخشبي غير المؤهل بوسائل الأمن والأمان لعبور البر الغربي مكدسين فوق بعضهم في مأساة حقيقية يعيشها التلاميذ يومياً. بجانب السير علي الطرق الترابية لمسافات طويلة. يقول أحمد محمود: نجح المسئولون بالمنيا في عزلنا عن الشارع المنياوي وأصبحنا أمواتاً.. نقوم بزراعة مساحات شاسعة ونجمع المحاصيل. إلا أننا نعاني أشد المعاناة في ترويج المحاصيل بسبب عدم توافر وسائل النقل. فالأرض هنا من أجود أنواع التربة بمصر. أضاف أحمد شحاتة أنهم يشربون مياه الطلمبات الحبشية بسبب غياب مياه الشرب والصرف الصحي. بل أنهم يعيشون دون خدمات تعليمية أو صحية. فالذي يمرض منهم تقوم أسرته بتقديم الوصفات البدائية في علاجه. الغريب في الأمر أن هناك بعض الجزر لا يعرف سكانها إلي أي الوحدات المحلية تنتمي.. فعلي سبيل المثال لا الحصر جزيرة البيهو تارة يخبرهم المسئولون بأنهم تابعون لقرية بني خالد التابعة لمركز سمالوط. وتارة أخري تابعون لمجلس قروي البيهو. سؤال يطرحه جمال علي: أين الدولة من سكان الجزر المائية؟!.. فمشكلة النحر النهري يهدد بتآكل الجزر دون وجود مسئولين. فتآكل أطراف الجزر من الاتجاهات الأربعة مستمر حتي هذه اللحظة. ناهيك عن عدم التوعية والإرشاد الزراعي للمزارعين بل نسمع فقط ولم نر مسئولاً بمديرية الزراعة أو الصحة نهائياً بالجزر. يؤكد الأهالي أن من المشاكل التي تواجه المزارع صعوبة التخلص من المخلفات الزراعية التي تجلب الثعابين وتكون أوكاراً للثعالب والقوارض ويهددنا الفقر والجهل والمرض.. فهل من مجيب؟!