هل تذكرون "مافيا القمح"؟.. ذلك التعبير الذي أطلقه الإعلام علي المتهمين بالفساد في توريد القمح إلي وزارة التموين.. لقد تصدرت هذه القضية وسائل الإعلام مقروءة ومرئية فترة من الزمن حتي اعتقدنا أنها ستكون قضية كبري تمثل ردعاً لمن تسول له نفسه التفكير في ارتكاب الفساد!! ثم فجأة غابت ولم يعد أحد يذكرها ولا نعلم ما تم فيها من تصرفات قانونية تجاه متهمين لم نعد نذكر أسماءهم وكنا نسأل ولا نجد إجابة.. حتي أعادها إلي السطح حوار في "المصري اليوم" مع مجدي ملك عضو مجلس النواب ورئيس لجنة تقصي الحقائق في هذه القضية.. لكن للأسف أيضا لم نجد إجابة شافية عما تم في هذه القضية بل زادت حيرتنا. وفقاً لرئيس لجنة تقصي الحقائق تم تقدير خسائر الدولة في العام الماضي فقط من فساد منظومة القمح بمبلغ مليار ونصف المليار جنيه!! أما خسائر الفساد في منظومة القمح والخبز معا فتبلغ 15 مليار جنيه!!.. فساد القمح يتم بتوريد قمح مستورد فاسد لوزارة التموين علي أنه قمح مصري وفارق الثمن بين المستورد الرخيص والمصري الأعلي سعراً يذهب لجيوب الفاسدين بالاضافة إلي التوريد الوهمي علي الورق فقط!!.. أما فساد الخبز فيأتي من صرف دعم الخبز لعدد 83 مليون مواطن في حين أن المستحقين الفعليين لا يتعدي عددهم 50 مليوناً والفرق يتجه لجيوب الفاسدين!! دائرة الفساد الجهنمية تبدأ بوسطاء وتجار وتمتد إلي رؤساء شركات تسويق تابعة لوزارة التموين ولجان تسلم وقيادات عليا داخل وزارتي التموين والزراعة بعضهم مازال في موقعه حتي الآن!!.. يحدث ذلك في ظل رقابة لا وجود لها أو هي رقابة شكلية علي الورق فقط!!.. كل ما نعرفه أن بعض المتهمين سدد للدولة بعض ما استولي عليه لكن من سدد وكم سدد لا نعلم.. بعض المتهمين تمكن من الهرب خارج البلاد لكن من هم وكيف هربوا وهل تبذل جهود لإعادتهم ومحاسبتهم لا نعلم.. هناك بعض المتهمين محبوسون لكن لماذا لا يتم متابعتهم إعلامياً من حيث تجديد الحبس وما يتم معهم من تحقيقات لا نعلم. ما نعلمه أن جهات التحقيق تعمل والجهات الرقابية تعمل لكن وبنفس أهمية عملهم يجب أن تكون المعلومات عما يتم متاحة لوسائل الإعلام حتي يعلم الجميع أننا جادون بالفعل في محاربة الفساد مهما كان الفاسدون.. وحتي يتحقق الردع ويقل الفساد.. لكن عندما تذهب قضية فساد كبري بهذا الحجم إلي طي النسيان خاصة أنها تتعلق برغيف العيش يصبح من المنطقي أن يستمر الفساد وبنفس الآلية بدليل ضبط سبعة أطنان قمح فاسد غير صالح للاستهلاك أثناء توريدها إلي إحدي الصوامع في طنطا منذ يومين!! في محاربة الفساد تصلح تماماً نظرية "اضرب المربوط يخاف السايب" لذلك نريد أن نعرف تفاصيل ما يتم من تحقيقات.. نريد أن نعرف طبيعة المتهمين وأسماءهم.. نريد أن نقرأ عن العقوبات التي تنتظرهم.. نريد أن تصل رسالة واضحة أن الدولة جادة في تعقب الفاسدين مهما كانوا بعد أن أصبح الفساد هو الأصل والقاعدة وليس الاستثناء كما قال رئيس لجنة تقصي حقائق فساد القمح!!