رحم الله شهداء حادث كنيستي طنطا والإسكندرية وأعان أسرهم علي تحمل آلام الفراق ووفق أجهزة الأمن باستكمال الجهود لضبط أفراد الخلية الإرهابية التي ارتكبت عدة حوادث متتالية يجب أن نتوقف كثيرا أمام الفكر الشاذ الذي يحرك أفرادها.. لكن يجب ألا ينسينا الحزن التوقف أيضا أمام سلبيات في حياتنا وسلوكياتنا نتج عنها كوارث ومازالت تنذر بالمزيد. أولها سيطرة فكر "الهوجة".. فبعد كل حادث مشابه نجد صحوة مؤقتة سرعان ما تخبو لتعود ريمة لعادتها القديمة.. تشغيل للبوابات الإلكترونية وتفتيش جاد عند الدخول للأماكن الحيوية من بنوك ومؤسسات وشركات ومحطات مترو.. رغم أن هذا يجب أن يكون دائما وعلي كل الأماكن وبنفس الجدية ودون استثناء فلا أحد يعلم أين ومتي ستكون الضربة القادمة فنحن أمام عدو لا يتوقف عن التفكير والتدبير الشرير وبالتالي يجب أن تكون الإجراءات الأمنية المشددة أسلوب حياة. بعد كل حادث نسمع وعودا بأن الجهات المعنية ستبدأ فورا في دراسة الأسباب بعمق والدوافع التي أدت إليه وقادت هؤلاء الشباب المغرر بهم إلي هذا الطريق.. وكيف تصل الأمور بهم إلي التضحية بحياتهم كوسيلة لاغتيال أكبر عدد من الضحايا الأبرياء!! نسمع أن كل المؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية سوف تتعاون للقضاء علي تلك الأسباب والدوافع حتي لا يتحمل الأمن وحده هذا العبء. ثم تنتهي الهوجة إلي لا شيء حتي نصحو للأسف علي حادث جديد لنعيد إنتاج نفس الكلام!! هل تذكرون حادث كنيسة الوراق الإرهابي عندما استغل الإرهابيون وجود عدة أفراح وعقد زواج في الكنيسة وجاءوا بدراجة بخارية بدون لوحات معدنية وأطلقوا النار عشوائيا من أسلحة آلية فقتلوا من قتلوا وأصابوا من أصابوا.. لقد مر علي هذا الحادث أكثر من ثلاث سنوات.. وقتها دار كلام كثير عن ضرورة السيطرة علي الدراجات البخارية بعد أن تزايدت الأعداد التي لا تحمل لوحات معدنية وتمثل خطرا حقيقيا وفوضي في كل مكان. قيل وقتها إن السيطرة تتطلب تعديلا تشريعيا ملزما بترخيص كل الدراجات مهما صغر حجمها.. إلي جانب منع استيراد المزيد منها.. مضي الوقت ولم يصدر التشريع وتم ترك العبء علي الأمن وحده وكأنه لا يكفيه ما يقدم من شهداء من أبنائه. أيضا التوك توك تلك الآفة التي أصابت كل المناطق والميادين في العاصمة والمحافظات والتي استخدمت في حوادث جنائية كثيرة تسير أيضا بدون لوحات معدنية ولا تراخيص ويقودها عادة أطفال دون سن المساءلة.. قيل كثيرا إنها تهدد الأمن وتقنين وضعها يتطلب تشريعا يحقق الضبط والربط.. لكن لم يصدر التشريع ولم يتم التقنين وتم تحميل الأمن ما لا يمكن تحمله بتلك الفوضي غير المسبوقة التي يشيعها هذا الكائن الغريب الذي يبلغ ملايين المركبات لا توجد جهة رسمية لديها حصر بها أو بمن يقودونها!!.. فهل يكون حادث كنيستي طنطا والإسكندرية البداية الحقيقية للوقوف بجدية في وجه تلك السلبيات أم يختفي الحزن تدريجيا وتبقي نظرية الهوجة؟!!