إذا كان الطلاق في حد ذاته مشكلة كبيرة نصل إلي حد الكارثة فإن "الطلاق الشفوي" مصيبة وكارثة الكوارث بعد أن انحسرت الأخلاق إلي أدني مستوياتها وأخذت الضمائر إجازة مفتوحة وأصبح كثير من الناس بين مبتعد عن دين الله ومبتدع لشرع الله.. ومن ثم اخترقت معدلات الطلاق كل الأسقف خاصة بين المتزوجين حديثاً وأعمارهم في العشرينيات لأسباب شتي حياتية وتربوية وثقافية ودينية وغيرها. لذا.. فإن الرئيس السيسي عندما دعا إلي ضرورة تقنين الطلاق الشفوي فإن دعوته هذه لا تُعد تغييراً أو تبديلاً لشرع الله بل تحصيناً لهذا الشرع من التغول والانكار والتبديل وانحطاط الأخلاق والبعد عن الدين انطلاقاً من مسئولياته وواجباته التي يفرضها موقع "ولي الأمر" حيث إنه مسئول عن كل نفس يحكمها ولا أريد أن أشق عليه بمسئوليته عن كل خلق الله من بشر وحيوان وطير داخل القطر المصري علي نهج الفاروق عمر بن الخطاب عندما قال: "لو تعثرت شاة في أرض العراق لسئل عنها عمر يوم القيامة". هذه القضية المهمة والشائكة في نفس الوقت يجب النظر إلي عدة أمور عند تناولها: * الأول.. الجانب الفقهي.. وأحذر من الآن من نفي صحة الطلاق الشفوي.. فالطلاق هو الطلاق أياً كان شكله سواء شفهياً أو موثقاً وهو يقع بمجرد استيفائه لشروطه المعروفة من القصد واكتمال الأهلية والإدراك والصيغة.. كما أن الطلاق في حد ذاته حلال وان كان أبغضه "ان أبغض الحلال عند الله الطلاق" وبالتالي لا يجوز أبداً تحريمه أو انكاره تحت أي زعم وإلا نكون قد حرمنا أو أنكرنا حلالاً وبدلنا نصاً صريحاً في القرآن. * الثاني.. الجانب التشريعي.. ومادمنا لا نستطيع تحريم أو إنكار الطلاق الشفوي تحت أي ذريعة مثل "الهبل" الذي أطلق مؤخراً بأن الزواج الموثق لابد أن يكون الطلاق فيه موثقاً أيضاً.. فيجب أن نعطي محاكم الأسرة دوراً أوسع يتعدي دور الحكمين من أهلها وأهله وهذا جائز قبل الإعلان الرسمي النهائي للطلاق عند الاحتكام للقضاء وأن يتكبد الراغب في الطلاق مصروفات باهظة تتجاوز رسوم الزواج حتي يفكر أكثر من مرة قبل الإقدام علي هذا الحلال البغيض مع تحقيق العدالة الناجزة في هذه القضايا حتي لا تُضار المطلقة وأولادها تحت وطأة الحاجة. * الثالث.. الجانب الثقافي.. بتخصيص برامج إعلامية يومية حول الحياة الزوجية والزواج السليم ومخاطر الطلاق وكارثة الحلف بالطلاق لأتفه الأسباب.. وأظن أن كثيراً من الناس خاصة في الصعيد والمناطق الشعبية يحلفون بالطلاق علي أي شيء.. علي عزومة أو كوب شاي أو حتي سيجارة حتي تفرغ مفهوم الطلاق من محتواه الشرعي والاجتماعي.. فماذا لو رفض الإنسان العزومة أو شرب الشاي أو السيجارة.. هل تصبح زوجة الحالف طالقاً رغم أنها لا ذنب ولا دخل لها في هذا الهزل..؟؟ القضية كما قلت شائكة.. وتحتاج إلي بحث وتمحيص واجتهاد عقلاني وإلا فإن النتائج ستكون هي الأخري كارثة. هناك أيضا من يطالب بتجريم الزواج العرفي تجريم لا تحريم لأن الزواج مثل الطلاق هو أيضا ينعقد شفوياً في الأساس ثم يوثق بعقود رسمية مادام قد استوفي شروطه من صيغة معروفة ووكيل للزوجة له ترتيب معين وشاهدين وصداق آجل وعاجل وإشهار.. وأي بند يسقط من هذه البنود يفسد العقد. والمعروف أن الزواج العرفي لا إشهار ولا وكالة لولي الأمر الشرعي فيه غالباً ومن ثم فإنه حرام وزنا باتفاق كل العلماء وان استوفي باقي الشروط.. وهو ما نجده في الزواج العرفي المنتشر بين طلبة الجامعة. المطالبون بتجريم الزواج العرفي يُلحون في طلبهم لأنه في الغالب الأعم يقوم الزوج بسرقة الورقة العرفية أو تقطيعها وانكار زواجه من الأصل فتجد الزوجة نفسها سيدة مدخولاً بها دون إثبات سبب فقدها لعذريتها وقد تحمل وتنجب وتكون المصيبة أعظم. قد يكون الحفل بتجريم "الزواج العرفي" أيسر من تقنين "الطلاق الشفوي".. هذا الزواج يمكن إصدار تعديل للقانون ينص علي عدم الالتفات لأي دعوي تُقام بسببه أي ان المحكمة ترفض الدعوي من البداية والا تلتفت لآثاره المادية فيما عدا الانجاب حتي لا نعالج كارثة بكارثة أكبر ويصبح لدينا أطفال سفاح بلا آباء.. وأظن أن اجبار المدعي عليه وليس تخييره علي إجراء تحليل "دي.ان.ايه" هو الحل هنا ويمكن توقيع عقوبة ضده تتمثل في الحبس أو الغرامة.. مع ضرورة تكثيف الحملات التثقيفية بوسائل الإعلام المختلفة. ان الطلاق الشفوي والزواج العرفي قضيتان في غاية الأهمية والخطورة.. أنهما قضيتا مجتمع شاعت فيه الرذيلة والبعد عن الدين والاستهتار به وانعدام الأخلاق حتي أصبحت هذه المفردات يتباهي بها البعض بأنها "فهلوة".. ولا أدري.. فهلوة علي من؟؟.. علي رب العباد حاشا لله؟؟.. اتقوا الله في خلق الله.