منذ فترة ليست قصيرة والمناخ الاعلامي معتم ومحزن.. فقد الاداء توازنا كان يعطي تنوعا والاهم انه كان يعكس تنوعا صحيا ومطلوبا.. اختفت وجوه وقنوات وخبت صحف وأقلام كانت تحقق ذلك التوازن امام وجوه وصحف وأقلام لا تعرف إلا النفاق ومعلوم للجميع انها اكلت وشربت علي كل الموائد بلا خجل ولا حياء.. خلت لها الساحة واختفي الرأي الاخر فظنت ان لها ان تفعل ما تريد ناسية ان زمن تغييب العقول قد ولي بلا رجعة وانهم رغم غياب التوازن ليسوا وحدهم في الساحة امام إعلام بديل متمثل في مواقع التواصل الاجتماعي وبقية من وجوه وأقلام لاتزال قابضة علي مهنيتها. الاسبوع المنقضي بأحداثه المهمة وغير المسبوقة كان كاشفا لهذا المناخ بجرعات مركزة فوق طاقة الاحتمال.. بدأ بتلك الافة التي اصابت الاعلام وهي التسريبات لتسجيلات صوتية لانعرف كيف تم تسجيلها ومن القائم بالتسجيل ولماذا التسريب في هذا التوقيت.. وان هنا لن اتطرق لمضمون التسجيلات وللاشخاص الذين أختلف معهم كثيرا لكني اتكلم عن المبدأ.. مبدأ استباحة الخصوصية التي يحميها الدستور ويضع لها ضوابط صارمة بدليل ان هذه التسجيلات غير القانونية لا يجرؤ احدهم علي تقديمها كدليل ادانة من أي نوع امام النيابة.. هم فقط يهدفون لفضح وتجريس اشخاص بعينهم بدليل ان اجزاء كثيرة من التسريبات تبدو بوضوح انها مجتزأة عن سياقها!!.. وكم تمنيت ان تتصدي النيابة من تلقاء نفسها لهذا العبث بصفتها الامينة علي الحقوق القانونية للجميع افرادا ومجتمعا. في منتصف الاسبوع جاء حكم المحكمة الادارية العليا بتأكيد مصرية جزيرتي تيران وصنافير ليحدث زلزالا لدي القائلين بسعوديتهما.. صدر الحكم في الحادية عشرة صباحا تقريبا اسرعت إلي القناة الاولي بالتليفزيون المصري لاتابع التفاصيل واري كيف ستكون المتابعة لكن للاسف وجدت خرسا وتجاهلا!!.. حتي شريط الاخبار علي الشاشة خلا من هذا الخبر.. صحيح ان الخبر تصدر نشره اخبار الثانية ظهرا لكن مع متابعة باهتة جاءت علي استحياء متعمد.. توقعت ان تكون القنوات الخاصة لها أداء مختلف لكني وجدت نفس الاداء تقريبا.. تساءلت ماذا لو كان الحكم عكس ذلك هل كان التليفزيون الرسمي وتلك القنوات ستقيم فرحا واين ستذهب حمرة الخجل وقتها؟!! وعندما جاء المساء كانت الطامة ان كل القنوات تقريبا اعتبرت الحكم مأزقا واخذت تناقش كيفية الخروج منه حتي يتم تسليم الجزيرتين للسعودية وكان الاداء مخجلا ومبتذلا وليس به أدني قواعد للمهنية ولن أقول الوطنية!! وكان الاستثناء الوحيد هو قناة دريم وبرنامج العاشرة مساء الذي اقام فرحا حقيقيا مستحقا.. في الصباح كانت هناك مفاجأة تنتظر قراء الجريدة القومية الاولي فقد خلت تقريبا من حدث بهذه الاهمية التاريخية إلا من خبر في احدي الصفحات الداخلية ليمثل ذلك سقطة لن تنسي فالتاريخ لايرحم ولنا في سوابق مماثلة عبرة وعظة. في نهاية الاسبوع جاء خبر وضع لاعب الكرة الاشهر ابو تريكة علي قوائم الارهابيين وجاء الاداء مزيجا من الدفاع عن اللاعب من منطلق التساؤل عن اسانيد الاتهام وضرورة تقديم الحقائق كاملة وألا تلقي التهم جزافا مع وصف اللاعب بالقاب مثل أمير القلوب وغيرها.. أما القنوات اياها التي لاتخجل فقد كالت للاعب الاشهر مزيدا من الاتهامات من عندها واستضافت فقط من يؤيد وجهة نظرها وكأن بينها وبين اللاعب "تار بايت"!!.. لكنها ومقدمي برامجها نالهم ما يستحقونه من رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي حولتهم إلي امثولة سواء عن تسريباتهم المريبة او تيران وصنافير اللتين يريدون تسليمهما للسعودية بأي طريقة او موقفهم من ابو تريكة.. وليتهم يرون كيف يراهم الشعب الذي يستطيع جيدا التفرقة بين الغث والسمين. السؤال الذي ننتظر له اجابة هو هل هيئات ومجالس الاعلام وقانون الاعلام ونقابة الاعلاميين.. هل كل ذلك يستطيع بعث شعاع ضوء في نفق الاعلام الذي اصبح بحق معتما محزنا؟