في بداية شهر رمضان الكريم وجدت المساجد قد امتلأت بالمصلين والتسامح زاد بين العباد والشباب يتسابقون علي المساجد اعتقدت أن هناك استعدادا من الناس لتغيير ما بأنفسهم للخروج بمكاسب إيمانية وتزويد النفس شحنة التقوي عسي الله ان يمن علينا بالهداية والمغفرة والرحمة في هذا الشهر الكريم. لم تسع المساجد المصلين طوال الصيام بل امتدت صفوفهم إلي الشوارع حتي النساء والاطفال كانوا في مظهر إيماني جميل متشوقين إلي التقرب من الله العلي العظيم. لكن سرعان ما انقضي شهر الله ووجدت المساجد خالية من الوافدين الجدد ولم يتبق فيها للصلاة سوي كبار السن والاشخاص الذين مازالت قلوبهم معلقة بالمساجد. في الواقع اننا لم نستفد من الخيرات الإيمانية في هذا الشهر الكريم ولم نستثمره في طاعة الله كما ينبغي وبدأنا ننشغل بالدنيا ونعود إلي سابق عهدنا فمازال هناك من هو غليظ القلب في موقعه يتعامل مع الناس وكأنهم عبيد رغم أننا شاهدناهم يبكون في الصلاة ويرجون رحمة الله ومازال بعض الموظفين يهملون عملهم ولا يقضون مصالح الناس كما أن معظم الشباب لم يغيروا من سلوكهم بل عادوا إلي انحرافاتهم وسخافاتهم ومعاكساتهم للفتيات في الشوارع وخلعت بعض الفتيات حجابهن وعدنا إلي ما كنا عليه من قبل. حقيقة أن الذين كانوا يتفننون بالنغمة الإيمانية في رمضان مخادعين وما يخادعون إلا أنفسهم لقد خلعوا ثوب الطاعة بعد رمضان وزاد افتراؤهم لأن المؤمن الحقيقي الذي يرجو طاعة الله تجد سلوكه يتغير إلي الأفضل يخشي الله في تصرفاته ويراعي ضميره في العمل ويظل قائما علي الطاعة في كل وقت وحين يظهر عليه التواضع في كل تصرفاته ويقضي حوائج الناس ويتحلي بالحكمة والصبر. لقد توهم الكثيرون بأنهم صاموا الشهر الكريم كما قال رب العزة ولا يدرون أن صيامهم كان امتناعا عن الأكل والشرب فقط فهل يستطيعون أن يغيروا ما بانفسهم ويجعلون العام كله رمضان ويتقربون إلي الله بالعمل الصالح والتواد والتراحم بينهم وهل تستطيع أن نمحي البغضاء والخصام والجحود ونعمل علي تصفية انفسنا من الضلال وتقوي الشحنة الإيمانية في قلوبنا لقد أكرمنا الله بشهر الصيام حتي يعطينا فرصة لتغيير ما بأنفسنا والعودة إلي طاعته ونحن نرفض هذه الفرصة الذهبية وتدخل في صراع طوال السنة مع أنفسنا وملذاتنا ويأخذنا زخرف الدنيا فهل من وقفة مع النفس حتي تعيد حساباتنا من جديد مع الله ورمضان مازال باقيا في قلوبنا.