تستطيع الحكومة بالفعل تثبيت الاسعار او علي الاقل ان تتدخل لخفضها بعد ذلك لكنها لاتريد!!.. فواقع الحال يقول ان الحكومة اكتفت بتصريحات مستفزة اصبحت تتصدر الصحف ونشرات الاخبار من عينة ان رئيس الوزراء او أحداً من الوزراء شدد علي ضبط الاسواق والحملات الميدانية والمراقبة!!.. أو ان السادة المحافظين ناقشوا سبل ضبط الاسعار.. أو تصريح لوزير التموين عن اجراءات حاسمة لضبط أسعار السلع الغذائية ومحتكري السلع!! ثم ننتظر حتي نعرف الاجراءات أو كيف ستنضبط الاسعار أو السبل التي يتحدثون عنها فلا نجد!! فهل تقصد الحكومة الضحك علي عقول المواطنين؟ في رأيي ان الاجابة نعم لأن الاسعار في حالة جنون رسمي برعاية الحكومة نفسها تحججا بتعويم الجنيه المسكين والحقيقة ان التعويم يرفع الاسعار نسبيا وبحساب دقيق اما الانفلات فالتعويم منه بريء!! فعندما ترفع الحكومة يدها تماما بل وترفع الراية البيضاء للتجار ليفعلوا ما بدا لهم دون حياء نصبح امام كارثة حقيقية تهدد بالفعل السلام الاجتماعي.. فالسلع الاساسية ترتفع اسعارها بشكل يومي و ينطبق ذلك علي الارز والفول والعدس والبيض والجبن بأنواعها وكل ما تستهلكه الاسرة في وجباتها الثلاث.. أما اللحوم والدواجن فترتفع اسبوعيا بنسبة تتجاوز حدود العقل والمنطق حيث وصل كيلو اللحمة في المناطق الشعبية إلي 120 جنيها !! وعندما نقول التجار لا نقصد فقط البائع الذي نشتري منه مباشرة فهو آخر الحلقات بل اننا نقصد قبل ذلك الكبار المحتكرين.. فمن المعروف ان كل سلعة محلية كانت او مستوردة لها عدد محدود من التجار الكبار او المنتجين او المصنعين او المستوردين وايضا الموزعين الذين يتحكمون في الاسعار.. وقلنا مرارا ان الحكومة تعرفهم جيدا بالاسم وتعرف كيف يمكن التعامل معهم لضبط الاسعار بالفعل في حدود التأثر الواقعي بتعويم الجنيه.. ولكن عندما حاولت الحكومة ذلك كشروا لها عن انيابهم فتراجعت فورا واكتفت بدور المتفرج مع تجميل المشهد بتلك التصريحات الجوفاء!! حدث ذلك عندما اعلن شريف اسماعيل رئيس الوزراء عن تشكيل لجنة برئاسته لوضع الاساليب المناسبة لتحديد هامش الربح للمنتجات والسلع الاساسية المحلية والمستوردة بنظام متطور بالتنسيق مع اتحاد الصناعات والغرف التجارية.. ورغم ان هذه كانت البداية الصحيحة لكبح جماح الجشع حيث يتحدد السعر وفقا للتكلفة الحقيقية المبنية علي مدخلات الانتاج ونسبة كل منها في المنتج النهائي وما يحدث لاسعارها من ارتفاع او انخفاض الا انها قوبلت برفض شديد من الكبار السابق ذكرهم.. وبمجرد ان هددوا الحكومة باختفاء السلع وندرتها واعتبروا هذا عودة للتسعيرة الجبرية وتراجعا عن السوق الحرة حتي خافت الحكومة وكانت المرة الاولي والاخيرة التي تذكر فيها هذه اللجنة!! ما يحدث للاسعار منذ التعويم غير المحسوب للجنيه يعكس ضعف الحكومة امام جبروت كبار المتحكمين في الاسواق.. او انه يعكس رضاء الحكومة عما يحدث.. فإذا كانت غير راضية فالحل هو تفعيل هذه اللجنة وتدخل الدولة في الاسعار من خلالها وألا تعبأ بالتهديدات.. فمثلا منذ يومين حدث انخفاض في سعر الدولار امام الجنيه وقد يزيد هذا الانخفاض فهل سيسارع التجار بتخفيض السلع من انفسهم كما يسارعون برفع السعر في نفس لحظة انخفاض الجنيه ام ان الدولة هي التي يجب ان تكشر لهم عن انيابها؟ ام انياب الدولة لاتظهر الا للغلابة المكتوين بنار الأسعار؟!!