لو لم يكن هناك كاميرات سجلت دخول الإرهابي الانتحاري إلي الكنيسة البطرسية لكان كشف غموض هذا الحادث البشع أصعب كثيراً ولاستغرق وقتاً أطول.. الكاميرا لعبت الدور الأول وبداية الخيط في تحديد شخصية المجرم وقدمت الصورة التي بني عليها رجال الأمن باقي جهودهم الهائلة.. وهذه يعني ضرورة ان يكون تركيب الكاميرات علي كل الأماكن والمصالح خاصة كانت أو عامة إلزامياً حتي لو تطلب ذلك اصدارتشريع وفرض عقوبات علي غير الملتزمين مثلما يحدث في كل الدول المتقدمة. من المؤكد أيضاً ان عدم وجود كاميرات خارجية في مسجد السلام بالهرم وفي المحلات الواقعة في نطاق المسجد هو أحد أسباب تأخير كشف مرتكبي الحادث الارهابي الذي تعرض له كمين الشرطة وراح ضحيته ضابطان وأربعة جنود قبل حادث الكنيسة بيومين.. بل ان الكاميرا وما تلتقطه من صور ربما أوجدت ربطاً بين الحادثين بدلاً من التخمين بهذا الربط دون دليل الا ما قاله رئيس الطب الشرعي من تشابه البلي المستخدم في التفجيرين. محافظ القاهرة بادر وقرر إلزام المنشآت العامة والخاصة والصناعية والسياحية والمدارس بنطاق المحافظة بتركيب كاميرات خارجية وداخلية.. كذلك المستشفيات والأندية ومراكز الشباب ودور العبادة.. بل انه قرر عدم منح تراخيص جديدة لأي جهة لممارسة نشاطها إلا بعد التأكد من تركيب الكاميرات وأعطي مهلة شهراً للتطبيق.. طبعاً هذه مبادرة جيدة والمطلوب ليس فقط تعميم ذلك علي طول البلاد وعرضها لكن الأهم تقنين الأمر حتي يتسني للجهات التنفيذية التعامل مع من لا يلتزم وأيضاً مع من يتعرض للكاميرات بعد تركيبها بالتخريب سواء من باب الاستهتار أو التعمد لاخفاء جريمة ينوي ارتكابها.. التشريع يمكن ان يغطي كل الجوانب والجدية في التطبيق سوف تحقق نقلة نوعية مطلوبة في عالم الجريمة في مصر. فإلي جانب المساعدة في كشف المجرمين يمكن أيضاً ان تمثل الكاميرا رادعا يؤدي إلي الحد من الجريمة نفسها.. لذلك أتوقع ان تتبني وزارة الداخلية الدعوة لتعميم وتقنين تركيب الكاميرات وأتمني ان تتحمس وزارتا التخطيط والمالية لتوفير الميزانية اللازمة لتغطية كل الجهات العامة التابعة للحكومة بالكاميرات وصيانتها.. وألا تقف التكلفة المالية عائقاً لأن ما تتحمله الدولة بعد وقوع كل جريمة خاصة الارهابية يفوق كثيراً أي تكلفة متوقعة لتركيب الكاميرات ويكفي الأرواح البريئة التي يتم ازهاقها بدم بارد. من المرافق التي يجب تركيب كاميرات فيها علي وجه السرعة والتي لا تحتمل انتظار قرار عام أو تشريع مترو الانفاق حيث تم بالفعل تغطية كل المحطات بالبوابات الاليكترونية وأجهزة كشف الأسلحة والمتفجرات لكنها لا تعمل بالجدية اللازمة في معظم المحطات اللهم إلا صحوة مؤقتة كلما وقع حادث إرهابي.. تركيب الكاميرات يعوض هذا الضعف في الأداء ويمكن من خلالها مراقبة أداء القائمين علي البوابات والأجهزة انفسهم ليكونوا أكثر جدية.. أيضاً سوف تمثل الكاميرا رادعاً يمنع استهداف هذا المرفق الخطير فهل تبادر وزارة النقل وتحمي المترو دون انتظار وقوع كارثة لا قدر الله. العلم الحديث قدم تسهيلات كثيرة للحد من الجريمة وتسهيل كشفها عند وقوعها منها كاميرات المراقبة ولا يوجد اطلاقاً أي مبرر يمكن قبوله لعدم اللجوء لهذه التقنية السهلة التي سوف توفر الكثير من الجهد والوقت المبذولين من الأجهزة الأمنية في الجري أحياناً وراء سراب.. فهل يتصدي مجلس النواب لهذه القضية إذا كان وجود تشريع شرطاً؟.. أم يتصدي مجلس الوزراء إذا كان الأمر يتطلب فقط قراراً تنفيذياً؟.. أم ان النسيان سوف يطوي سريعاً ضحايا تلك الحوادث البشعة كما طوي غيرهم قبل ذلك حتي نفيق لا قدر الله علي حادث غادر آخر؟!!