كل من يتابع تطورات الأحداث في أفغانستان. يجد قوات الاحتلال هناك والتي تسمي -تأدباً أو خداعاً- بالقوات الدولية تواجه مأزقاً صعباً بسبب المقاومة الباسلة للشعب الأفغاني وفي كل يوم يسقط العديد من القتلي بين صفوفها برصاص المقاومة الأفغانية. ولا يبدو في الأفق أي احتمال كي تهدأ هذه المقاومة وتخف حدتها. وذلك رغم ما تعلنه قوات الاحتلال كل يوم عن قتل العشرات من "مسلحي طالبان" في عمليات انتقامية وحشية تقوم بها رداً علي ضربات المقاومة. ويؤكد الواقع أن هؤلاء "المسلحين" ليسوا في الحقيقة سوي مدنيين أبرياء يقتلون في ضرباتها العشوائية وتصنفهم كمسلحين لمداراة خيبتها..!! من هنا بدأت الأصوات ترتفع في الدول التي تتبعها هذه القوات وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وتطالب بالتفاوض مع حركة طالبان وتقديم بعض التنازلات إليها لتلقي سلاحهاً.. والغريب أن تحصر تلك الدول المقاومة في طالبان رغم أنها ليست حركة المقاومة الوحيدة. بل توجد حركات عديدة لا تقل عنها قوة. وهذه الحركات يتعين التفاوض معها ومع زعمائها إذا أراد المحتل وقف نزيف خسائره. ومن هؤلاء الزعماء جلال الدين حقاني "60 سنة" الذي كان واحداً من كبار زعماء المقاومة الأفغانية في سنوات الغزو السوفيتي ونجح مع مقاتليه في إلحاق خسائر فادحة بالقوات السوفيتية ويطلق عليهم الغرب علي أنصاره لقب "الحقانيين". ويعتقد أن حقاني البشتوني كان يتلقي أسلحة من الأمريكيين ساعدته في إلحاق هزائم فادحة بالسوفيت. وأشهر هذه الانتصارات دحر هجوم واسع النطاق حاول السوفيت شنه علي معاقل المقاومة الأفغانية في أيامهم الأخيرة هناك عام .1988 الآن وبعد أن تحولت الولاياتالمتحدة إلي عدو يحتل بلاده تحول الحقانيون إلي قوة مقاومة يقودها ابنه سراج الدين. وتتحصن هذه القوة في منطقة وزيرستان شديدة الوعورة قرب الحدود مع باكستان. ويشنون هجماتهم علي قوات الاحتلال انطلاقاً منها. ولا تزال باكستان تقاوم ضغوطاً من جانب الولاياتالمتحدة لشن عملية واسعة النطاق ضد الحقانيين. وترفض باكستان هذه الضغوط بقوة رغم ما قدمه الأمريكون للسلطات الباكستانية من أدلة قالوا إنها تثبت مشاركة الحقانيين في عدد من العمليات ضد قواتهم. وتؤكد السلطات الباكستانية بدورها أن الحقانيين لم يفعلوا شيئاً ضد باكستان يبرر الحرب ضدهم. وتعرض باكستان بدلاً من ذلك الوساطة -بين حقاني وبين الرئيس الأفغاني حميد قرضاي- ويرفض الطرفان ذلك علناً وأن ذكرت بعض التقارير أن اجتماعاً سرياً عقد مؤخراً بين قرضاي ونجل حقاني سراج الدين. وقامت بترتيب الاجتماع المخابرات العسكرية الباكستانية. ولا يكاد أحد يعرف أين يعيش حقاني علي وجه التحديد سوي أنه يعيش في وزير ستان. ويري المراقبون أن هناك سبباً مهماً لتغاضي باكستان عن الحقانيين وهو استخدامهم كسلاح للتصدي لمحاولات خصمها اللدود الهند نشر نفوذها في أفغانستان ويعقتد أن الهند ضخت نحو مليار دولار لجماعات موالية لها في أفغانستان مثل الطاجيك خلال السنوات العشر الأولي من القرن الحادي والعشرين.