البعض مندهش ومستغرب من إصرار تريزا ماي. رئيسة وزراء بريطانيا علي استمرار منع الرحلات السياحية لمصر منذ سقوط الطائرة الروسية بسيناء. رغم التزامنا بالإجراءات الأمنية في مطاراتنا. والتي طلبها الغرب. وأشاد بها. بل إن غالبية الدول الغربية أعادت رحلاتها فعلاً. هذا الإصرار "الإنجليزي" دفع سفيرنا في لندن. ناصر كامل. إلي اتهام تريزا ماي. صراحة بالتعنت وعرقلة عودة الرحلات دون سبب أو مبرر.. وهو اتهام له قيمته ووجاهته عندما يصدر عن دبلوماسي في حجم ناصر كامل الذي أعرفه جيداً منذ كان رئيساً لهيئة الاستعلامات. وأكن له كل حب وتقدير واحترام.. كلامه هو موقف خارجية مصر.. ويعبر أيضاً عما في نفسه ونفوسنا جميعاً من مرارة كاشفة للأسباب الحقيقية لموقف رئيسة الحكومة. وإن لم يُصرِّح بها. لذا.. اسمحوا لي أن أزيل الدهشة والاستغراب. وأكشف بصراحة عن الأسباب الحقيقية والخلفية التاريخية لموقف تريزا ماي. التي لم يقلها السفير ناصر كامل. وهي أسباب لها جذور عميقة: هل نسيتم أن الاحتلال البريطاني لمصر هو الذي دعَّم جماعة الإخوان مالياً وسياسياً منذ أنشأها حسن البنا عام 1928. بغرض إضفاء شرعية دينية علي الاحتلال؟!! هل نسيتم موقف بريطانيا بعد ثورة يوليو 1952. وتحرير التراب الوطني من الدنس الأجنبي واسترداد قناة السويس بالتأميم؟!.. ألم تقُد بريطانيا العدوان الثلاثي ضدنا في الوقت الذي لم تتحرك فيه كتائب الإخوان. ولا جناحهم المسلح لمواجهة العدوان والدفاع عن الأرض؟!! هل نسيتم موقف توني بلير. رئيس وزراء بريطانيا الأسبق الذي كان "حذاء" في قدم بوش الابن. وعدوانهما غير المبرر وغير الشرعي. علي العراق عام 2003 كبداية لتقسيم كل الدول العربية. بما فيها مصر طبعاً إلي كانتونات ومستعمرات. وبما يُعرَف بمؤامرة "سايكس بيكو 2" في الوقت الذي ينفي فيه الأنطاع والمغيبون هذه المؤامرة. ومازالوا.. مع أن الغرب اعترف بها؟!! هل نسيتم التأييد البريطاني الجارف. والاحتفاء الأسطوري بجماعة الإخوان عندما حكموا تونس. ثم مصر. بعد "بورات الربيع العبري".. العبري. وليس العربي يا سادة؟!! هل نسيتم موقف ديفيد كاميرون. رئيس الوزراء البريطاني المستقيل من مصر بعد ثورة الشعب في 30 يونيه. وإطاحته بالإخوان. وإعلانه أنها انقلاب عسكري. قبل أن يتراجع عن هذا الإفك؟!.. ألم يفتح بلاده لكل إرهابي منهم؟!.. ألم تشارك بعض صحفه ووسائل إعلامه ومازالت في تزييف الواقع وقلب الحقائق. ومحاولة تجميل صورتهم بإعلانات وتقارير مدفوعة؟!.. أليست بريطانيا الآن هي الملاذ الحقيقي والآمن للإخوان. بدليل أن إبراهيم منير. نائب المرشد العام. والمرشد الفعلي للجماعة يقبع آمناً في لندن هو وغالبية ما تبقي من الحرس القديم؟!! هل نسيتم موقف كاميرون الذي يتنافي مع كل الأعراف والذوق وأدب الضيافة أثناء زيارة الرئيس السيسي للندن حينما أعلن بوقاحة وقف الرحلات الجوية بين بلاده وشرم الشيخ؟!! أخيراً.. وهذا هو بيت القصيد. وتتمة كل الإجراءات والمواقف البريطانية الفاضحة التي ذكرتها آنفاً. حيث سارع مجلس العموم البريطاني. وأصدر بياناً يبرئ فيه الإخوان من الجرائم التي ارتكبوها في مصر عما زعموه.. لكن مع أن هذا البيان "لا في القعدة ولا في الريح" كما يقولون. فإن مصر بدافع من حرصها علي أن تكون علاقاتها جيدة بكل دول العالم. فإن وفداً برلمانياً مصرياً جهز ملفاً كاملاً بجرائم الإخوان. ليس بعد 30 يونيه فقط. ولكن منذ نشأة الجماعة حتي اليوم. والسفر به إلي لندن لإطلاع مجلس العموم علي محتواه. لعله يخجل من نفسه ويعود لصوابه. لقد آثرت أن أذكر تلك الحقائق في صورة أسئلة لأن البعض ينسي أو يتناسي. إما بفعل الزمن. وذاكرة السمكة. أو لغرض في أنفسهم.. وبالتالي.. فإن موقف تريزا ماي ليس مستغرباً. والمفروض ألا يصيبنا بالدهشة لأنه بند من بنود كثيرة للتعنت البريطاني ضد العرب عامة ومصر خاصة.. فبداخل بريطانيا جرح عميق بعد أن فقدت أهم وأخطر مستعمراتها في العالم. وانتزعت منها قناة السويس بقرار وطني شجاع. ولم تحقق أهدافها من العدوان الثلاثي. وخسرت ذراعها العسكرية هي وسيدتها أمريكا بمصر. أمام كل ذلك.. ماذا تنتظرون من بريطانيا بحكومتها ومجلس عمومها وإعلامها المباع مفروشاً للإخوان.. وبسلطاتها وبابا غنوجها كمان إلا التعنت. ولو كان فاضحاً ومفضوحاً؟!! هذا هو التاريخ الأسود لبريطانيا وصنيعتها جماعة الإخوان.. فلا تستغربوا ولا تندهشوا.