علي الرغم من قيام الحكومة علي مدي عدة أشهر بتهيئة الشارع المصري لقرار تحرير سوق الصرف من خلال حشد الخبراء ورجال الأعمال المؤيدين للقرار ببرامج الفضائيات أو من خلال المؤتمرات أو عن طريق وزراء الحكومة مرة بالتلميح وأخري بالنفي وثالثة بالتصريح.. رغم ذلك لم تتخذ الحكومة أي إجراءات أو استعدادات لحماية الأسواق من الارتفاعات الكبيرة في الأسعار خلال فترة التذبذب الأولي لسعر الجنيه أمام الدولار خاصة الأسواق التي تتسم بحساسية كبيرة مثل سوق الدواء. فقد يتحمل المواطن أن يقلل نفقاته علي الغذاء بالامتناع عن شراء اللحوم وغيرها من السلع غير الأساسية أو تقليل استهلاكه من السكر الذي تضاعفت أسعاره أو من العدس الذي اقترب من سقف ال 30 جنيهاً وقد يستغني عن شراء ملابس جديدة مكتفياً بالمتاح من الأعوام السابقة وقد يستبدل سيارته المتهالكة بالميكروباص أو التوكتوك بعد زيادة البنزين الكبيرة. لكن لا أحد يستطيع أن يستغني عن الدواء. خاصة أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكر والكبد والقلب وغيرها. سوق الدواء تشهد منذ تعويم الجنيه أزمة كبيرة بعد تضاعف تكلفة مستلزمات الدواء سواء كانت خامات أو أدوات ومستلزمات دوائية كدعامات القلب. وبالأمس سمعت شهادات مديري المستشفيات الجامعية بمختلف محافظات مصر من خلال برنامج "هنا العاصمة". يشكون نقص المستلزمات الطبية وقرب المخزون لديهم علي النفاد ويناشدون الحكومة سرعة التحرك لمواجهة الأزمة. بل إن أصحاب بعض الصيدليات يحذرون من نفاد أدوية مهمة مثل "حقنة ال RH" الخاصة ببعض الحوامل. وكذلك الانسولين وغيره. الحقيقة لا أحد يعرف كيف تخطط الحكومة لحل هذه المشكلة. باستثناء وزير الصحة الذي يؤكد دائماً علي وجود مخزون من المستلزمات الطبية. علي الرغم من تكذيب موظفيه من مديري المستشفيات لكلامه. لم يكتف بذلك بل تفرغ الوزير للدخول في معركة مع نقابة الأطباء ومقاضاة الدكتورة مني مينا وكيلة النقابة لأنها قالت إن هناك نقصاً في المستلزمات وأن هناك استغاثات من الأطباء من تعليمات تطالب بترشيد كبير في استخدام هذه المستلزمات ومنها "السرنجات" لتستخدم لنفس المريض مرتين بدلاً من مرة واحدة. والحقيقة أننا نصدق تماماً امكانية صدور هذه التعليمات باعتبارها الحل الوحيد في ظل هذه الأزمة الخطيرة. شركات الدواء الأجنبية بدورها بدأت التحرك علي مستوي الحكومة ووزرائها وعلي مستوي الرئاسة ايضا مطالبة بتحريك أسعار الدواء ليتناسب مع تكلفة التصنيع أو الاستيراد بعد مضاعفة سعر الدولار. والحكومة في ورطة لا تعرف ماذا تفعل. فارتفاع أسعار الدواء يمثل تهديداً مباشراً لصحة المصريين فضلاً عن التكلفة الكبيرة التي سوف تتحملها الحكومة نتيجة زيادة تكلفة العلاج بالمستشفيات الحكومية والجامعية التي تستقبل نحو 30 مليون مريض سنوياً فضلاً عن مرضي التأمين الصحي. والسؤال لماذا لم تقم الحكومة بتوفير مخزون مناسب من الدواء ومستلزماته ليغطي الاحتياجات خلال الشهور الأولي لتعويم الجنيه والتي تشهد عادة تذبذباً كبيراً في أسعاره؟!! الاستثمار الأجنبي ** فاجأني أحد مسئولي هيئة الرقابة المالية بمداخلته أثناء ورشة عمل نظمها جهاز حماية المنافسة حول تعديل علي قانونه يسمح بإدخال مواد لتنظيم عمليات الاندماج والاستحواذ بما لا يؤدي إلي الإضرار بالسوق وتكوين كيانات احتكارية. قال المسئول: "يجب أن يتأني الجهاز في إدخال مثل هذه التعديلات ويؤجلها خلال الفترة الحالية التي نستهدف خلالها جذب استثمارات أجنبية. في ظل برنامج الإصلاح". مسئول آخر بوزارة الاستثمار سأل مني الجرف رئيسة الجهاز "هل نسقتم مع وزارة الاستثمار حول التعديل الجديد؟ مشيراً إلي وجود تناقض بين القانونين". المداخلتان تعكسان بوضوح النظرة القاصرة للحكومة حول مناخ الاستثمار وطرق جذب الاستثمارات الأجنبية. فالمستثمر الأجنبي يفضل عادة الأسواق المستقرة التي تحكمها قوانين مستقرة في مقدمتها قانون الضرائب وحماية المنافسة فمثل هذه القوانين تطبق عليه في بلاده بكل ما تتضمنه من قواعد للاندماج والاستحواذ. كذلك يدفع المستثمر في بلده الضريبة المقررة دونما إعفاءات فهي حق للخزانة لابد أن يدفعه ولذلك كان مفاجأة غريبة وعجيبة أن تتم إعادة العمل بالإعفاءات الضريبية التي تم إلغاؤها منذ 11 عاماً فضلاً عن تأجيل ضريبة البورصة 3 سنوات. في ظل نقص الموارد وعجز الموازنة الكبير. وأخيراً المطالبة بتأجيل قواعد الاستحواذ والاندماج!!