شهدت الإسكندرية جنازة مهيبة احتشد فيها الآلاف من ابناء المناطق الشعبية "مينا البصل" و"الدخيلة" و"كرموز" و"اللبان" وغيرها لوداع الفنان الكبير محمود عبدالعزيز إلي مثواه الأخير بمدافن أم كبيبة بالورديان وحرص المشيعون علي التواجد منذ الصباح داخل المقابر بالسرادق الكبير الذي اقامته أسرة الفقيد علي باب المقبرة وفور وصول جثمانه ارتفعت صرخات الحزن والعويل وتكدس الحضور لوداع الجثمان مما أدي إلي حالة من الهرج والمرج والتدافع لإلقاء نظرة الوداع الاخيرة علي الراحل مما ادي إلي إصابة نجليه كريم ومحمد بحالة اغماء علي أبواب المقابر عقب عمليات الدفن. حرصت مجموعة كبيرة من الفنانين علي مرافقة جثمان الفقيد إلي مستواه الاخير منهم كريم فهمي وأحمد السعدني وأشرف زكي وماجدة زكي وطارق لطفي وإيهاب فهمي وهشام ماجد وفاروق الفيشاوي وعمرو يوسف ومحمد لطفي وهيثم شاكر ورامي وحيد وماجد المصري ومجموعة أخري من شباب الفنانين. بالرغم من حرص عدد كبير من الفنانات علي مصاحبة بوسي شلبي زوجة الراحل ومنهن هالة صدقي ومرفت امين ودلال عبدالعزيز وإلهام شاهين ولبلبة وهاني عزيز وزوجته إلا أن "بوسي" اصيبت بحالة انهيار عند نزول الجثمان إلي المقبرة واخذت تصرخ لا تتركني يا محمود وتنادي علي الفقيد وهو ما جعل نجله كريم يطالبها بالصمت بعد أن ارتفعت صرخات النساء معها. .. بالرغم من حضور د. رضا فرحات محافظ الإسكندرية للمشاركة في الجنازة إلا أن احتشاد الآلاف لم يمكنه من الدخول لموقع الدفن وحرص علي تقديم واجب العزاء لزوجة الفقيد وابنائه والفنانين المرافقين لهم ثم غادر علي الفور. قامت مديرية أمن الإسكندرية بتأمين عملية خروج الفنانين من المقابر بعد احتشاد المواطنين لتقديم واجب العزاء. لعل اكثر المشاهد المؤثرة كانت بكاء كبار السن الذين عاصروا الفنان من رجال ونساء ابناء منطقة مينا البصل الذين اخذوا في الدعاء له وهم في حالة من الانهيار وبالرغم من انتهاء مراسم الدفن ومغادرة اسرة الفنان محمود عبدالعزيز إلا أن العشرات من الأهالي رفضوا المغادرة وظلوا امام المقبرة يتلون الآيات القرآنية. علي الجانب الآخر رصدت "المساء" ذكريات اصدقاء الفنان وجيرانه بالثغر. يقول محمود عبدالمعطي من ابناء منطقة مينا البصل ان الفنان الراحل كان مشتركا معنا في جمعية رابطة اهالي الورديان الخيرية حيث كان يساعد والدتي بمرتب شهري دون ذكر اسمه حبا في الخير كما يحرص علي ذبح عجل لتوزيعه علي أهالي المنطقة الفقراء وكان في بداية حياته الفنية يشارك بنفسه في عملية الذبح وتوزيع اللحوم ويحضر معه ولديه وهما صغيران وفي السنوات الاخيرة ومع مرضه اصبح يتكفل فقط بارسال العجل ويتولي احد اقاربه عملية الذبح والتوزيع. ويضيف ياسر مرسي ان الفنان الراحل كان شديد التعلق بوالدته ويحرص وهو في قمة شهرته علي التردد علي منزل الاسرة بمينا البصل لرؤيتها إلا أنه مع وفاتها اصبحت زياراته قليلة للمنطقة.. وان الراحل كان بارا بأسرته واشقاؤه كانوا يرافقونه في كل مكان حيث كان يقدمهم في ادوار ثانوية بأعماله التليفزيونية وآخرها "رأفت الهجان". أما د. أسامة الانصاري الاستاذ المتفرغ فيقول محمود عبدالعزيز كان صانعا للبهجة في دفعتنا وعاشقا للابتسامة ويكره الاحزان وهو ما جعله مميزاً بين ابناء دفعتنا. قال إنه خلال الدراسة كان يطمح في انشاء منحل كبير وكانت رسالته للماجستير عن تربية النحل فقد كان عاشقاً للنحل ومهتماً بدراسة كل ما يتعلق به ولكن عشقه للفن تغلب علي اهتماماته العلمية فبعد ظهوره في مسلسل الدوامة بدأت الاضواء تجذبه للتواجد الفني بالقاهرة فلم يكمل الماجستير أو مشروع المنحل. د. أبو الحسن سلام رئيس قسم المسرح الاسبق والمخرج السكندري فيقول لقد جمعتني علاقة وثيقة بالفنان الراحل نظرا لكوننا نهوي الفن ولكن اتجاهاتنا كانت مختلفة وهو ما جعل خطواتنا الفنية تختلف فأنا مهتم بمسرح الفصحي والروايات الادبية العالمية بينما محمود كان يهوي المسرح الكوميدي لكونه شخصية مرحة بطبيعة الحال أو كما يقول العامة "ابن نكتة" واضاف.. انني في بداية عملي كمساعد للمخرج الكبير حسن عبدالسلام استعنت بصديقي محمود عبدالعزيز في دور بمسرحية "مأساة الحلاج" وبالرغم من حضوره للبروفات إلا أنه اختفي فجأة وتبين أنه تهرب من العمل بالمسرحية لانها كانت بالعربية الفصحي كما أنها درامية بحتة وعندما اتجهت للاخراج عرضت عليه العمل معي بمسرحية "ملحمة ابو اليزيد" وحصل علي أوراق الدور إلا أنه عاد واعتذر لكون الدور لا يحمل اي ابعاد كوميدية وكان بالعربية الفصحي وظل رافضا لهذه النوعية من الأعمال. اضاف أن الأب الروحي للفنان محمود عبدالعزيز كان المخرج الراحل نور الدمرداش والذي كان يؤمن بموهبته فقدمه في اعماله الاخراجية بالمسرح الحديث بعد ان ضمه كعضو بالفرقة.