اللهم لا تجعلني حملاً علي أحد ولو وصل بي العمر لمرحلة الشيخوخة تذكرت هذا الدعاء الأسبوع الماضي عندما شاهدت عدداً من المرضي كبار السن وعاجزين عن الحركة وحركتهم بطيئة وثقيلة بعد أن غدرت بهم الأيام وهذا طبعها. وحال أوجه الزمن وهذه صفته فأصبحوا ضعافاً كباراً. مرضي يحملهم أبناؤهم أو بناتهم لعيادتي. وفحصت وجوه الأبناء والبنات فوجدتها وجوهاً عابسة مثقلة بهموم الدنيا ونقص المال ومطحنة الحياة. فلديهم العديد من المشاكل التي أرهقت كواهلهم الشابة فأصبح حملاً علي أهلهم في الكبر والعجز. بعضهم كان يردد ألفاظ: يارب. حرام بقي. وغير ذلك من ألفاظ تساعد علي تفريج الهم والبعض كان يتمتم بعبارات غير واضحة في السمع لكن واضحة في المعني. صعوبة حركة. جهد مصاريف من يدفعها؟ والبعض راضي وسعيد بما قسم الله انه لابد أن يحمل والديه كما حملوه ويرد عنهم الدين كما علموه وأعطوه من شبابهم. لكن ذلك في زمن آخر زمن أسهل وأيسر حالاً.. نعم علي وجوههم تتسم علامات السماحة وحمد الله لكن كطبيب ممارس منذ أكثر من ثلاثين عاماً أحس ما بداخل الأبناء الشباب ونظرة خوف من بكرة وتكلفة العلاج والفحوص التي أصبحت تربك أي ميزانية. والله أشعر به وكأنه أنا. كل هذا وغيره جعلني أسأل نفسي: هل سأكون في يوم حملاً علي أهلي وأبنائي وأصدقائي. هل ما أفعله اليوم تجاه الناس من خدمات ومساعدات وجهد لله لا يعلمه إلا الله سأجده في المستقبل؟! ومن يساند دون ضجر أو شكوي أم سأري نظرة في العيون تقل انك "عالة" وهل؟ وهل؟ هل؟ اسئلة كثيرة في علم الغيب تجعلني أطلب من الله أن أموت واقفاً بدون مرض فهو مذلة في هذا الزمن وما فيه من جحود ونكران وصعاب. عموماً الدنيا يوم لك ويوم عليك. فإذا كنت اليوم صحيحاً فتأكد انك ستكون غداً مريضاً. وإذا كنت قوياً فأعتقد انه سوف يهل عليك الضعف والهوان وإذا كنت شاباً فإن الشيخوخة قادمة لا محالة. وهذه سُنَّة الله في الدنيا. لكن عليك أن تأخذ من شبابك ليوم هرمك بطاعة الله وحب الناس. حتي لا تحزن علي ما فاتك أو تفرح بما آتاك. والكل زائل.