أعتبرها خطوة مهمة علي الطريق الصحيح لضبط أسعار السلع الأساسية في الأسواق. ذلك القرار الذي تأخر كثيراً والذي اتخذه المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء بتشكيل لجنة وزارية برئاسته لوضع الأساليب المناسبة لتحديد هامش الربح من المنتجات والسلع الأساسية سواء المحلية أو المستوردة مع ارتباط ذلك كما يقول القرار بنظام متطور لتسعير هذه المنتجات بالتنسيق مع اتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام للغرف التجارية. اللجنة التي تم تشكيلها بهذا الخصوص يرأسها المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء شخصياً وتضم في عضويتها كلاً من وزراء التنمية المحلية والمالية والاستثمار والتجارة والصناعة والتموين وممثل الرقابة الإدارية ورئيس جهاز حماية المستهلك. هذا القرار بهذه الصيغة وهذه اللجنة بهذا التشكيل عالي المستوي لا تعني إلا شيئاً واحداً هو عودة "التسعيرة الجبرية" علي الرغم من نفي المهندس شريف اسماعيل لذلك وهو القرار الذي طال انتظاره. فكنا كلما طالبنا بقرار كهذا رد علينا الخبراء بأن اقتصاد السوق المتمثل في العرض والطلب هو الحاكم لأسواق العالم. ولا مجال لفرض تسعيرة جبرية كما كان الحال في الماضي. ولكن الواقع أثبت أن الحل الناجع لمرض الأسواق المصرية واحتكار السلع والتلاعب في أسعارها لن يكون إلا بفرض تسعيرة بهامش ربح معقول قد لا يتجاوز 30% بدلاً من هامش الربح المبالغ فيه جداً الذي كان ومازال يحدده التجار ب 300% ويقبلون لبضاعتهم أن تتلف ويلقونها في القمامة ولا يقبلون أن يخفضوا في سعرها تخفيفاً علي الناس. أعتقد أن قراراً كهذا وإن لم يكن يتضمن أسلوباً لوضع أسعار نهائية محددة للسلع تجعلها تندرج تحت بند التسعيرة الجبرية إلا إنه في النهاية يحدد هامش ربح للسلع الأساسية بحيث لا يتجاوز السعر النهائي لأية سلعة حداً معيناً وهو ما يعني في النهاية أن هناك سقفاً لا يمكن تجاوزه لأية سلعة. وهذا القرار سيكون له مردود كبير علي البائعين والمشترين وسيجعل الناس تشعر براحة بعد طول عناء. ولكن يجب أن يقترن به تشديد العقوبة علي من يخالف هامش الربح المحدد من قبل هذه اللجنة. وننتظر أن يشارك مجلس النواب في هذا التوجه الجديد للاقتصاد المصري بسن تشريع عاجل لتشديد العقوبة علي من يتلاعب بأسعار السلع الأساسية أو يخفيها أو يحتكرها حتي تكتمل المنظومة ويتنفس الناس الصعداء. صدور القرار مهم ولكن الأهم تفعيله ومراقبة تنفيذه من الجهات الرقابية الممثلة في اللجنة المشكلة. فهناك الرقابة الإدارية ومباحث ومفتشو التموين. والمحافظون بكامل صلاحياتهم وأجهزتهم. فإذا تم ذلك سنوجه كل الشكر للحكومة علي قرارها الذي استشعر آلام المطحونين وسعي لحمايتهم من الجشع والاحتكار. يضاف لهذا القرار قرار آخر تم اتخاذه أمس بترشيد إنفاق الجهات الحكومية بنسب تتراوح بين 15% و20% بعيداً عن بنود الأجور والاستثمارات. مع تخفيض التمثيل الخارجي في البعثات الدبلوماسية بنسبة 50% والاعتماد علي كوادر وزارة الخارجية في تنفيذ ومتابعة الأعمال. ننتظر أن يلحق بهذا القرار قرار آخر بترشيد إنفاق الوزراء علي تجديد مكاتبهم والاستعانة بمستشاريهم وشراء سياراتهم وغير ذلك من بذخ لا تحتمله المرحلة الحالية التي يبدو أنها سوف تشهد قرارات أخري مهمة ستجعل الاقتصاد المصري يستفيق ويبدأ طريق الانطلاق مع بدايات تحقيق عوائد المشروعات الاقتصادية القومية الكبري. الخير قادم إن شاء الله.