لقد سمي بذي القرنين لأنه بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشمس ويغرب. وقد طاف مشارق الأرض ومغاربها بما هيأ الله له من الأسباب. وقيل إنه قابل إبراهيم الخليل. وطاف معه البيت سبعاً. وآمن به واتبعه. ولقد مكّن الله له في الأرض من كل سُبل التمكين. وأعطاه مُلكاً عظيماً. فدانت له البلاد. وخضعت له الملوك والعباد. قال الله تعالي عنه: "ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكراً "83" إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً "84" فأتبع سبباً "85" حتي إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حُسنا "86" قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلي ربه فيعذبه عذاباً نكراً "87" وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسني وسنقول له من أمرنا يسراً "88" ثم أتبع سبباً "89" حتي إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع علي قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً "90" كذلك وقد أحطنا بما لديه خبراً "91" ثم أتبع سبباً "92" حتي إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً "93" قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً علي أن تجعل بينا وبينهم سداً "94" قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً "95" آتوني زبر الحديد حتي إذا ساوي بين الصدفين قال انفخوا حتي إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً "96" فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً "97" قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا". وقد نزلت هذه الآيات لأن قريشاً أرسلت إلي اليهود يسألونهم عما يمتحنون به محمداً فقالوا: "سلوه عن رجل طاف المشارق والمغارب" ولا يتسع المقام ها هنا لشرح كل الآيات التي وردت في حقه ولكننا ننوّه فقط علي نقطتين هامتين تثار حولهما الشبهات. النقطة الأولي عن قول الله جل وعلا: "حتي إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة" فإن هذا ليس وصفاً حقيقياً لغروب الشمس. ولكنه وصف من رآها. أي أن ذا القرنين رآها كأنها تغرب "في عين حمئة" كما يراها أحدنا عند الغروب وكأنها تسقط في البحر. فيقول: لقد رأيت الشمس وهي تسقط في البحر. أما النقطة الثانية فهي عن مكان السد الذي بناه ليأجوج ومأجوج وعن مكان وجودهما. والإجابة المختصرة هي أنه مازالت هناك أماكن علي الأرض لم يُكتشف سرها بعد. مثل مثلث بارامودا.