عانت صناعة الغزل والنسيج في نظام مبارك من أزمات شتي بسبب سياسات النظام السابق والحزب الوطني وأصحاب النفوذ المقربين لدوائر السلطة قبل ثورة 25 يناير مما أدي إلي إغلاق بعض المصانع في مصر خلال الفترة الأخيرة وانخفاض المساحات المزروعة من القطن المصري واستيراد أقطان قصيرة ومتوسطة التيلة من أمريكا والهند. وقد أدي ذلك إلي إنتاج بضائع متوسطة الجودة واحداث ضرر كبير بالإنتاج المحلي لعدم توافر سيولة مالية للمصانع والشركات والاهمال الشديد في إحلال وتجديد الآلات والمعدات لذلك طالب الخبراء بضرورة إنشاء هيئة قومية خاصة بقطاع الملابس الجاهزة وتحت إشراف الدولة وغرفة منفصلة عن غرفة الصناعات النسيجية وذلك لرفع مستوي كفاءتها وحماية المنتج المحلي وزيادة نسبة المعروض بالسوق المصري. "المساء" ناقشت القضية بأبعادها المختلفة مع أصحاب المصانع والمصدرين وغرفة الصناعات النسيجية وجمعية مصدري ومستوردي الملابس الجاهزة فاقترحوا الحلول وطالبوا بسرعة انقاذ هذا القطاع الهام الذي يعمل به علي القوي العاملة في مصر موزعين علي 4000 مصنع ويصل إنتاجه إلي ربع الصادرات المصرية. ** اتهم محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية: النظام السابق والحزب الوطني وأصحاب النفوذ القريبين من دوائر السلطة بأنهم السبب الرئيسي في انهيار صناعة الغزل والنسيج بمصر لأنهم تسببوا في حدوث نقص حاد في القطن اللازم لمصانع الغزل مما أدي إلي إغلاق بعضها.. فقد تعمدوا خفض المساحات المزروعة من القطن بدلا من التوسع فيها.. كما لم يقوموا بتحسين سلالات جديدة من القطن متوسط وقصير التيلة بديلا للقطن طويل التيلة الذي لا تعتمد عليه الصناعة المحلية. أضاف أن حكومة نظيف اعتمدت علي استيراد القطن من الخارج لتحقيق مصالح فئة رجال الأعمال المستوردين حتي أصبحنا في النهاية تحت رحمة الدول المصدرة.. وكانت أزمة الغزل الأخيرة أكبر مثال حيث ارتفع ثمن القطن خلال 8 شهور بنسبة 380% بعد امتناع الهند وباكستان عن تصديره لمصر كخام!! أكد المرشدي أنه تم عقد اجتماع طارئ بمقر الغرفة للبدء في اتخاذ إجراءات عاجلة لانقاذ صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة من التحديات والمشكلات التي واجهتها في ال 6 سنوات الماضية وتم الاتفاق علي تنفيذ المطالب التي تم تحريرها بالمذكرة خلال هذا العام حيث تركزت هذه المطالب علي ستة نقاط هامة أولها: ضرورة حماية الصناعة الوطنية ورفع قدرتها التنافسية والعمل علي الحد من استيراد الجميع أنواع الأقمشة والملابس الجاهزة لسرعة تشغيل المصانع التي توقفت عن العمل. أما الثانية فهي اتخاذ إجراءات رادعة لمنع التهريب وإلغاء نظام اعتماد الفواتير من الهيئة العامة للاستثمار وإصدار بطاقات استيرادية أسوة بما هو متبع بإصدارها من الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات حتي يمكن معرفة حجم الواردات لكل منشأة مع التزام المتعاملين بنظام السماح المؤقت للمناطق الحرة. ** أيضا تعديل مدة بقاء البضاعة المستوردة بنظام السماح المؤقت إلي مدة 6 شهور بدلا من 4 شهور. أما البند الثالث هو استمرار برنامج مساندة الصادرات مع إعادة النظر في قواعد الصرف. رابعاً: سداد ضريبة المبيعات من المنبع علي أن يتم سداد ضريبة 15% عند بيع الغزول المحلية والمستوردة بدلا من 10%. أما البند الخامس فهو ضرورة تطبيق المواصفات الصحية والبيئية علي جميع الواردات طبقا لما جاء بقرار مجلس إدارة هيئة المواصفات والجودة. سادسا: توفير التمويل اللازم لجميع المصانع في قطاع الصناعات النسيجية بتكلفة مقبولة مع إعادة جدولة التزامات المصانع لتعويضهم عن فترات التوقف. أوضح أنه يتمني ان تتبني وزارة البترول جذب المستثمرين لإنتاج الالياف الصناعية من البوليستر فهو البديل الأنسب للقطن والتركيز أيضا علي زيادة المكون المحلي من الصادرات للارتقاء بصناعة الملابس الجاهزة لأنها القاطرة التي تجر الصناعات النسيجية بأكملها.. ونحن نعمل كغرفة واحدة باتخاذ القرارات المناسبة التي تؤدي في النهاية إلي تحقيق الصالح العام للنهوض بقطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. ** يقول مهندس يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي ومصدري الملابس الجاهزة: يعاني قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة من مشاكل مزمنة موروثة منذ زمن بعيد وحتي الآن ذلك لأن المصانع والشركات كانت تعتمد علي الدولة اعتمادا كليا في تصريف منتجاتها في ظل وجود القطاع العام أو من خلال تصدير السلع النسيجية لدول أوروبا من خلال اتفاقيات التبادل السلعي المتكافئة التي اعتادت مصر توقيعها مع دول الكتلة الشرقية في الماضي. ثم اتبعت الدولة بعد ذلك سياسة الدعم أو البيع بسعر التكلفة فكان ذلك من أهم العوامل التي ساعدت علي تعثر صناعة النسيج في ظل عدم توافر سيولة مالية. "هيئة قومية للملابس" لدي المصانع والشركات بالإضافة إلي الاهمال الشديد في إحلال وتجديد الآلات والمعدات وعدم وجود إدارة علمية تطبق مبدأ الثواب والعقاب وتضخم حجم العمالة.. فهذا كان سببا من الأسباب التي رفعت سعر التكلفة وضربت الصناعة الوطنية في الصميم مما ترتب عليه تراكم حجم الديون علي هذه المصانع والشركات. طالب بضرورة إنشاء هيئة قومية خاصة بقطاع الملابس الجاهزة فقط لتتولي بحث وتحديد ك يؤكد أن صناعة الملابس تحتاج في هذا التوقيت إلي رفع مستوي الأقمشة المحلية وإنشاء غرفة منفصلة للملابس عن غرفة الصناعات النسيجية لقلة عدد أعضاء شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة وحتي يكون لنا سيطرة علي القرارات التي تؤخذ بشأن قطاع الملابس الجاهزة. "كارثة القطن" ** يقول د.أحمد العارف أستاذ بشعبة الصناعات النسيجية بالمركز القومي للبحوث: أن صناعة الغزل والنسيج تعتبر من أهم وأعرق الصناعات المصرية فهي تمثل 25% من اجمالي الصادرات ويعمل بها 950 ألف عامل يمثلون حوالي 30% من حجم القوي العاملة في السوق المصري موزعين علي ما يزيد علي 4000 مصنع تتفاوت ملكيتها ما بين القطاعين العام والخاص والقطاع الاستثماري. أضاف أن السياسة القديمة في العهد البائد أدت إلي إغلاق كثير من مصانع الغزل في مصر بسبب تصدير القطن الخام المصري الذي يعتبر من أجود أنواع الاقطان عالميا واستيراد الاقطان قصيرة التيلة من أمريكا والهند وتصنيعها محليا لإنتاج منتجات متوسطة الجودة مما يضر بالإنتاج المحلي. ** أشار د.العارف إلي أنه يتمني النهوض بصناعة النسيج والملابس الجاهزة خاصة بعد الثورة ذلك بتوفير عمالة ماهرة مدربة علي التكنولوجيا الحديثة لإنتاج منتجات لديها القدرة علي التنافس وتوفير مستلزمات الإنتاج من خامات القطن والأكريلك وبعض المواد الكيماوية والتأكد من سلامة الماكينات والمعدات وصيانتها لتقديم أفضل أداء.. مضيفا ضرورة إعداد دورات تدريبية للعاملين في جميع المصانع علي مستوي الجمهورية للارتقاء بمستوي المنتج المحلي وأيضا ضرورة توافر إدارة خاصة بالتسويق السليم لتجنب ما كان يحدث في العهد السابق فالمشكلة لم تكن في الإنتاج بقدر ما كانت في التسويق وكانت النتيجة هي تخزين للمنتج ثم بيعه بأقل من التكلفة.. وقد آن الأوان بعد الثورة للتوقف عن هذه الاساليب المرفوضة التي تضر بالصناعة المصرية. يقول المهندس سمير رياض صاحب مصنع ملابس: ان مشاكل معظم مصانع الملابس عديدة أهمها الاعتماد علي تقليد تصميمات البضائع المستوردة مما أدي إلي خمول العقول في ابتكار أفكار وتصميمات جديدة لمحاولة خلق منتج محلي جديد متطور له القدرة علي المنافسة في السوق الخارجي.. فمن الضروري أن يتم إحلال وتجديد الآلات والمعدات بالمصانع من أجل دوران عجلة الإنتاج وإعداد العاملين لتقديم أفضل أداء يساعد في النهوض بالصناعة. أضاف أن ارتفاع أسعار الغزل ساهم في تسابق منتجي الغزل علي زيادة الأسعار حيث قام بعض التجار بتخزينه بكميات كبيرة وهذا أدي إلي نقص المعروض وارتفاع سعره وترك السوق تحت رحمة منتجي الغزل مشدداً علي ضرورة إعادة فتح المصانع المغلقة بأقصي سرعة والعمل علي تطويرها. "دعم الفلاح" ** عرض المهندس طارق توفيق صاحب مصنع ملابس: حلولاً سريعة لعبور أزمة صناعة النسيج في مصر والنهوض بها بعد الثورة أولها دعم الفلاح بطريقة منظمة عن طريق امداده ببذرة قوية ونقية وسماد له جودة عالية وكيماويات نظيفة خالية من الملوثات والمسرطنات بسعر رمزي لتقليل تكلفة المنتج.. بالإضافة إلي الشراء منه بسعر عادل ومجزي لتشجيعه علي زراعة القطن وتحسين مستوي القطن متوسط وقصير التيلة في مصر وزراعته في الأرض الصحراوية المعالجة بعد تجهيزها لمدة 3 أو 4 سنوات.. أيضا إعداد مكاتب تطوير خاصة بصناعة الغزل والنسيج لدراسة اذواق المستهلك المصري والأجنبي وتصميم رسومات جديدة ومبتكرة للمصانع. أشار إلي أن الحال المثالي للنهوض بصناعة النسيج هو زيادة الدعم للتصدير وفرض رسوم اغراق علي المنتج المستورد لحماية المنتج المصري وأيضا تفعيل دور جمعيات الغزل الموجودة بالمحلة الكبري وشبرا الخيمة والإسكندرية وتعظيم دورها كشريك استراتيجي لحماية الصناعة من التدهور عن طريق إضافة أعضاء جدد أو التعاون مع رابطة صناع النسيج. أشار إلي أن ضرورة تشجيع رجال الأعمال علي بناء المصانع مع تنظيم دعم الصادرات وإزالة الغزول المستوردة وتأجيل ضريبة المبيعات للمصدرين. كما ساند أيضا القرار الخاص بخفض أسعار الغزول المحلية إلي 27 ألف جنيه بدلاً من 31.5 ألف جنيه وشدد علي أهمية اتخاذ بعض الإجراءات لإصلاح هياكل الإنتاج والتي تبدأ بزيادة المساحات المخصصة لزراعة الاقطان بما يكفي احتياجات الصناعة المحلية. وعلي النقيض يقول مجدي طلبة رجب رئيس اتحاد منتجي ومصدري الملابس الجاهزة ووكيل غرفة الصناعات النسيجية: ان تصريحات رئيس الغرفة ليس لها وجود علي أرض الواقع فهو دائم الهجوم بلا مبرر علي المصدرين وقطاع التصدير بالكامل فهو مازال يطالب بدعم إضافي علي الغزل بالرغم من خفض أسعار الغزول المحلية من 31.5 ألف جنيه إلي 27 ألف للطن الواحد. مشيرا إلي أنه يتمني أن يلتفت رئيس الغرفة وأعضائها للبحث عن أسواق جديدة في وسط أفريقيا وأمريكا اللاتينية لزيادة نسبة التصدير. ** أضاف أيضا أنه لم يلمس أي تغيير أو تحسن في الصناعة بعد الثورة فالقطاع في حالة تخبط ومازال يعاني من مشكلات لم يتم حلها حتي الآن. مشيرا إلي أنه يتفق مع الغرفة في أن السبب الرئيسي وراء انهيار الصناعة هم أصحاب النقود الذين كانوا قريبين من السلطة القديمة قبل الثورة حيث كانت الحكومة السابقة وراء انهيار الصناعة التي عانت من مشاكل متراكمة منذ 6 سنوات فلابد من حماية الصناعة الوطنية ورفع قدرتها التنافسية والعمل علي الحد من استيراد جميع أنواع الأقمشة والملابس الجاهزة لسرعة تشغيل المصانع التي توقفت عن العمل في الفترة الأخيرة