في يوم العاشر من رمضان في العام الثامن من الهجرة خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في عشرة آلاف مقاتل في طريقهم لفتح مكة لأن قريشا نقضت العهد مع رسول الله وقد استحلوا بني خذاعة ونالوا منهم رغم انهم كانوا في عهد رسول الله وعقده وذلك عقب توقيع صلح الحديبية حين قال رجالات قريش من أحب ان يدخل في عقد قريش وعهده أو عقد محمد صلي الله عليه وسلم وعهده فدخل بنو بكر في عهد قريش ودخلت خزاعة في عهد سيد الخلق وعندما ضاقت خذاعة بما تفعله قريش خرج عمرو بن سالم الخزاعي الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فاخبره بما تعرض له مع بني قومه من اضطهاد وتعذيب وبطش. خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم قاصداً فتح مكة فقسم الجيش وجعل علي رأس كل قسم قائداً. وانطلق جيش المسلمين في طريقه الي أم القري. وعندما وصل الخبر الي ابي سفيان توجه الي الرسول صلي الله عليه وسلم طالبا الصلح لكن خاب مسعاه. ففي أول لقاء له مع ابنته ام حبيبة في هذه الرحلة حين دخل عليها فاستقبلته باعتباره والدها وعندما أراد الجلوس علي فراش رسول الله منعته ابنته وقالت له: انك مشرك نجس لا يحق لك ان تجلس علي فراش رسول الله. فقال لها: لقد اصابك الشر بعدي. معتبراً ذلك نذير شؤم باخفاقه في هذه الرحلة. وبعد لقاء ابنته التقي بكبار الصحابة ابوبكر وعمر وعلي في محاولة لانجاح مهمته بلا جدوي فعاد الي مكة كاسف البال حزيناً. وحصلت الجيوش الي مشارف مكة وابوسفيان لم يكف عن محاولاته فالتقي بالعباس عم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الذي كان قد هم بالهجرة مع عياله. وعندما طلب الاذن بالدخول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم رفض الرسول الإذن وقال لأم سلمة حين اخبرته بأن العباس وابوسفيان بالباب فقال لا حاجة لابن عمي فقد هتك عرض وأما ابن عمتي وصهري فهو قال لي ما قال في مكة. وهنا قال العباس والله لاخرجن فأهيم علي وجهي فأموت عطشا وجوعاً في محاولة لاستدار عطف رسول الله صلي الله عليه وسلم. ولم تمض فترة قصيرة حتي رق لهما قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم فأذن لهما بالدخول وكان اسلامهما في هذه الجلسة. تحقق الانتصار ودخل رسول الله مكة وتوجه نحو البيت الحرام وحين دخل المسجد جاءه ابوبكر ومعه والده ابوقحافة يقوده فلما رآه الرسول صلي الله عليه وسلم قال لأبي بكر: هلا تركت الشيخ في داره حتي أكون انا الذي آتيه. فقال ابوبكر: يا رسول الله هو أحق ان يمشي اليك من ان تمشي إليه أنت. ثم اجلس ابوبكر والده بين يدي سيد الخلق. فمسح رسول الله صلي الله عليه وسلم علي صدره ثم قال له: اسلم فأسلم. وهنا ارتفعت هامة ابي بكر فرحاً بإسلام والده ودخوله في دين الله. وفي المسجد أزال الرسول الأصنام وأخذ يردد جاء الحق وزهق الباطل. ثم التقي رسول الله بأهل مكة بكل طوائفها وعندما شاهدوا رسول الله وهو يتحدث بينهم قال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم. فقالوا وهم في موقف الضعف والقهر: أخ كريم وابن أخ كريم. وأخذوا يتطلعون الي تصرف رسول الله حيال ما سمعه منهم. فجاء كلامه ليبدد كل خوف هؤلاء ويذهب عنهم كل نوازع الخوف. مبديا سماحة لم تعرفها البشرية من قبل ومن بعد فقد قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عنهم جميعاً. فاشرأبت اعناق هؤلاء الرجال واندهشوا لهذا العفو العام دون انتقام أو تصفية حسابات من الذين اخرجوه وتآمروا علي قتله وتناولوه باقبح شتائم وأخس الصفات. هذا الموقف نضعه نصب اعيننا هذه الأيام ونحن نري هذه الأيام بعد ثورة 25 يناير من يردد تصفية حسابات. ومنع بعض الاشخاص من حقوقهم وتطهير الساحة من كل الذين كانوا يمتون بصلة الي النظام الفاسد الذي سقط نتيجة ثورة الشعب وطالب البعض بعودة قانون الغدر لتطبيق نصوصه بحرمان الذين ينتمون الي النظام السابق من الحقوق السياسية رغم ان هذه التصرفات سوف تحدث شرخاً بين ابناء شعب مصر. وجدير بنا الا ننزلق الي هذا المنعطف وعلينا ان نقتدي برسول الله في يوم فتح مكة. حفاظا علي وحدة شعبنا وحمايته من خطر الانقسام.