البراعم الصغيرة من المشاركين في مسابقة القرآن الكريم التي تجري في شرم الشيخ باشراف وزارة الأوقاف اسعدني الاداء الممتاز في حفظ القرآن الكريم ونطق الآيات باتقان يثير الانتباه ويؤكد ان نور القرآن العظيم يفتح آفاق الرحمة وتبدو أكثر اشراقا عندما تستمع إليها من هؤلاء الأطفال.. تلاوة تنافس كبار القراء ورغم حداثة السن فإن الوقار والسماحة والهدوء الذي بدا واضحا في تلاوة هؤلاء الأطفال اضفي الكثير من الفرح والسرور في قلوب عشاق ومحبي آيات القرآن العظيم وانطلقت الألسنة بالدعاء للآباء والأمهات وكل من شارك في تشجيع الاطفال والاشراف عليهم ومتابعتهم في حفظ وتلاوة الآيات بصورة تحفز كل إنسان علي المضي في هذا الطريق والحرص علي تهيئة الأبناء وتشجيعهم بكل الأساليب علي حفظ القرآن الكريم لأنه اقوم طريق للتربية وتعويد الاطفال علي نطق الآيات بأفضل الطرق بالاضافة إلي احياء اللسان العربي فمن فضل الله علي العرب ان نزل القرآن بلسان عربي مبين. لقد أعادني هؤلاء البراعم وتلك النماذج المبهرة إلي أيام الطفولة حينما كنا نذهب إلي الكتاب في القرية لحفظ القرآن واتقان تلاوة آياته لكن أين كتاب القرية هذه الأيام لقد اختفي من القري ولم يبق سوي جهود الآباء والأمهات وهؤلاء يبذلون جهودا مضنية لجذب الابناء للحفظ وابتكار احدث الأساليب لاغرائهم باستغلال الأوقات في حفظ آيات القرآن بدلا من اللهو واللعب وهي بلا شك مهمة شاقة في عصر الفضائيات والتليفزيون الذي يقتحم المنازل ببرامجه ومسلسلاته!! بلا شك فإن كتاب القرية لعب دورا هائلا في تربية الأطفال في كل القري علي التسابق في حفظ القرآن الكريم وتجويد آياته واتقان نطقها وقد تخرج في كتاب القرية أعداد كبيرة من العلماء وكبار الأدباء والشيوخ وكلهم يدينون بالفضل لكتاب القرية وشيخه القائم علي هذه المهمة الجليلة وقد حفظ هؤلاء ل "سيدنا" دوره في رعايتهم لنطق الآيات بلسان عربي سليم وقد كان من هؤلاء الادباء والمفكرين والعلماء عميد الأدب العربي طه حسين والشيخ الجليل عبدالمجيد سليم وذلك علي سبيل المثال وقد سجل ذلك عميد الأدب في كتابه القيم "الأيام" الذي سجل به دور الكتاب في صقل لسانه ودوره الرائد في التربية. ومن التجارب التي عايشتها مع العديد من الرفقاء وتتمثل في الحرص علي الذهاب مبكرا لكتاب الشيخة نفيسة وقد كانت سيدة في منتهي الحصافة.. نذرت حياتها لتحفيظ القرآن الكريم وقد كان شغلها الشاغل بجانب الحفظ تربية البراعم بأفضل الأساليب قلب الأم يرعي الابناء واللين والشفقة في معظم الأوقات لكن لا مانع من الشدة حين يسيطر الاهمال واللعب علي أطفال الكتاب الذي ترعاه وقد كانت هذه السيدة علامة بارزة في محافظة الشرقية وكم تخرج من الاساتذة والعلماء علي يديها وبفضل تربيتها وقد كانت الشيخة نفيسة مع ثلاثة من اخوتها يقومون بهذه المهمة في قري مركز أبوحماد بالشرقية وقد تعلمت من سيدتي الشيخة نفيسة الكثير من الفضائل وترسخت في النفس منذ الصغر العديد من العادات الطيبة ولعل أهمها الشدة في وقت الإهمال والركون إلي اللعب وقد كانت كثيرا ما تردد قول الشاعر العربي: فقس ليزجروا ومن يك حازما فليقس أحيانا علي من يرحم سمعت منها هذه الحكمة حين عاقبتني بشدة لاهمالي في حفظ القرآن وقد كانت الفلكة هي وسيلة التأديب وبعد أن تلقيت هذا الدرس القاسي انطلقت في حفظ القرآن حتي تمكنت من استكماله في أقل من 10 أشهر كما تعلمت من هذه السيدة الفاضلة رحمها الله.. النظام والاهتمام باستغلال الوقت في الأعمال والحرص علي عدم ضياعه في اللهو واللعب.. أسلوب جميل في التربية. حقيقة ان عودة كتاب القرية واحياء دوره ضرورة في هذه الأيام وابتكار احدث الأساليب لجذب الأطفال للاقبال علي "الكتاب" وان يكون لدينا رجال وسيدات للمشاركة في هذا العمل الجليل مع تنظيم المسابقات واعداد الكثير من الجوائز للفائزين في تلك المسابقات وكذلك تشجيع الاطفال واغراؤهم بالجوائز النقدية والعينية أحيانا حتي يتكون لدينا أجيال من هؤلاء الأبناء وهذه أفضل وسيلة لاحياء لغتنا العربية والعودة إلي أدب القرآن وتعاليمه التي تنير القلوب وتساهم في التربية ولابد من تضافر الجهود لاحياء وعودة كتاب القرية وقد احسنت وزارة الأوقاف بتنظيم هذه المسابقات.