من الواضح ان أمريكا لا تريد تهدئة الأجواء معنا.. كل فترة تشعل الدنيا بقرار أرعن أو تصرف غبي لا يخدم المصالح المشتركة والعلاقات بيننا. تارة يلاعبوننا بالمساعدات ويهددون بإلغائها أو خفضها.. وقلنا كثيرا يغوروا بيها وتارة أخري يوزعون ملايين الدولارات علي بعض جمعيات المجتمع المدني بحجة دعم الديمقراطية.. وقلنا هذه خيانة وطالبنا بالكشف عن أسماء هذه الجمعيات وتارة ثالثة يبدون آراءهم في الشئون الداخلية للوطن كأمور مسلم بها وقرارات وجوبية بلا حياء أو خجل.. وقلنا لهم في كل مرة احترموا أنفسكم ولا تتدخلوا فيما لا يعنيكم.. وهكذا. في كل مرة ننبه عليهم بأن هذه السلوكيات الشاذة التي ينتهجونها تضر جدا بالعلاقات الثنائية ومستقبلها.. وكثيرا ما ساءت العلاقات وطلبنا منهم عدم التدخل في شئوننا.. ومع ذلك يعودون وكأنهم لا يحسون أو أن لحمهم سميك أو يعتقدون ان ما يفعلونه حق أصيل لهم حيث يظنون انهم شرطي المنطقة أو بلطجي المنطقة أو حضرة ناظر مدرسة الشرق الأوسط وكل دول المنطقة ما عدا اسرائيل تحت وصايتها!! آخر ما تفتق عنه ذهن الأمريكان الهيمنة علي دول المنطقة خاصة مصر من خلال مشروع قانون يدعو لاستحداث منصب مبعوث أمريكي خاص إلي الشرق الأوسط للأقليات الدينية!! وكعادة كل قوي الاحتلال والامبريالية العالمية فإن أي قرار أو تصرف لها يكون له سبب ظاهر وآخر باطن. مهزلة الكاوبوي الأمريكي عن هذا المبعوث من المؤكد ان لها هدفا ظاهرا كما أعلنوه وهو الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية بالدول العربية وآسيا الوسطي!! لكن.. من المؤكد أيضا ان لهذا المبعوث هدفا خفيا كلنا نعلمه وهو دس الأنف في كل كبيرة وصغيرة.. والحجة جاهزة "يضر بالأقليات"!! انه مشروع قانون للاحتلال بطريقة شرعية وليس لحماية أو رعاية الأقليات كما يقال. هذا المشروع وأمثاله وأشباهه غطرسة مقززة ومحاولة لفرض الوصاية علي دول وشعوب عريقة لها من التقاليد والعادات والحضارة ما يعري تلك الأساليب الهمجية الغاشمة ويصفعها علي خديها وقفاها لأنها أساليب وسلوكيات تتنافي مع أبسط قواعد حقوق الانسان والحضارة والتمدين. ان أمريكا التي هدمت أفغانستان والعراق دون وجه حق بحجة الحرب علي الارهاب تتغافل ان مجرد التفكير في تعيين مبعوث أمريكي للشرق الأوسط يختص بالأقليات الدينية ما هو إلا إرهاب تمارسه الدول الكبري وبطش يتنافي مع الأعراف والقوانين الدولية. ثم.. أي حقوق سيدافع عنها المبعوث في دول الشرق الأوسط خاصة مصر التي لم تشهد في يوم من الأيام ولم يحدث بها في ظل الاسلام وحضارته ما غاصت فيه أقدام الغرب من حروب طائفية ومجازر عرقية.. وان كانت أمريكا تنسي أو تتناسي فإنني أذكرها بمذابح البوسنة والهرسك والشيشان التي جرت خلالها دماء المسلمين أنهارا وارتكبت فيها أبشع جرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. يا "طنط" أمريكا.. اتركينا في حالنا ولا تتدخلي في شئوننا.. نحن كمسلمين وأقباط نسيج واحد لا يخضع لمقاييس الأكثرية والأقلية.. تلك الحجة التي تحاولين بها فرض وصايتك علي خلق الله. تأكدي.. لن نسمح لك بشيء يمس سيادتنا وأمننا وكرامة شعبنا الواحد.. أكرر: شعبنا الواحد.. والله المستعان.