للقاضي العادل رب يحميه.. وللقضاء حصن مصون لا يستطيع أحد أن يقتحمه بحكم القانون.. وللقضاة منزلة سامية ورفيعة لأنهم حماة العدالة في الأرض.. ويجب أن تكون خلافاتهم سرا بينهم. ولا يخرجون بها إلي الشارع حتي لا تهتز صورتهم في المجتمع الذي وضع ثقته فيهم. ومدي علمي أن المستشار أحمد الزند وزير العدل.. رجل حق وصاحب ضمير حي.. وهو المدافع الأول عن القضاة والقضاء في مصر. وحامل لواء نهضتهم.. ولا أنا ولا غيري يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة الناصعة. ومن هنا عجبت وتعجب القراء من حدوث مشكلة بين السيد المستشار وزير العدل والقاضي محمد عبدالمنعم السحيمي رئيس محكمة قنا الابتدائية الامر الذي جعل القاضي السحيمي يتقدم باستقالته إلي المجلس الأعلي للقضاء اعتراضا كما جاء في الموقع الالكتروني لصحيفة اليوم السابع علي اضطهاد المستشار أحمد الزند وزير العدل له كما ورد في نص الاستقالة. وارجع القاضي السحيمي السبب الرئيسي لاستقالته بسبب معارضته للمستشار الزند في بعض سياساته اثناء رئاسته لنادي القضاة.. وهو الأمر الذي ترتب عليه نقله لمحكمة قنا الابتدائية بعيدا عن محل سكنه وتحميله بآلاف القضايا مما لا تتحمل طاقته الفصل فيها. ووجه القاضي السحيمي رسالة في صورة عتاب للمستشار أحمد الزند حيث قال في استقالته: إذا كان الوزير لا يحفظ عهد أبي وقد رافقه لسنوات يعبران عن ضمير القضاء في أحلك ما مرت به بلادنا فهانت عنده عظامه اذ بلت وإني من تلك العظام دما بدم فانكم حفاظون للعهود أولياء لها. واستطردت رسالة الاستقالة تحمل عتابا شديدا للسيد المستشار أحمد الزند باعتباره كان زميلا لوالد المستشار السحيمي الذي قضي من عمره خمسين عاما في القضاء كان فيها رباً لبيت من بيوت القضاة يقوم عليهم خادما وسيدا. وكان السيد المستشار أحمد الزند وزير العدل قد رفض استلام استقال القاضي السحيمي كما صرح محاميه حسين عبدالرحمن بحجة أنها يجب ان تقدم الي مدير التفتيش القضائي الذي رفض قبولها ايضا دون اسباب قانونية.. فتقدم بها إلي مجلس القضاء الأعلي. وهنا يجب أن نطرح سؤالا: هل وزير العدل من سلطته نقل قاض من مكان الي مكان آخر؟! أم أن هذا من اختصاص المجلس الأعلي للقضاء؟! فلماذا يصر القاضي السحيمي علي تحميل المسئولية للوزير. أري أن نغمة العتاب الموجهة من القاضي السحيمي للمستشار الوزير باعتبار أنه كان زميلا لوالده لمدة خمسين عاما عبرا خلالها عن ضمير القضاء في أحلك ما مرت به بلادنا.. ومن هنا فإننا نناشد السيد المستشار الوزير مع اني مؤمن بأنه لم يكن سببا في نقله بأن يعتبر القاضي السحيمي أحد ابنائه ويدور بينهما حوار لتصفية الأجواء بحضور مجموعة من القضاة من ذوي المقام الرفيع. انني اعتقد أن المستشار الزند لا يمكن أن يحمل في نفسه غضبا من القاضي السحيمي لمجرد خلاف في الرأي بينهما اثناء رئاسته لنادي القضاة فمثل تلك الامور واردة في هذه الحالات وكما يقولون ان الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. إذا لم تكن هناك أسباب أخري خافية علينا ويحتفظ بها الرجلان لانفسهما ولا يريدان الافصاح عنها ويمكن ان تتعلق بتوجهات سياسية.. فإننا نعتقد ان السيد المستشار وزير العدل قادر بإذن الله ان يحتوي هذا الموقف ويبادر باستدعاء القاضي السحيمي الي مكتبه لتصفية هذا الخلاف وعودة الأمور الي طبيعتها. ونحن ننتظر من حارس العدالة في مصر وحامي حمي القضاء والقضاة ان ينظر إلي هذا الخلاف نظرة الأب الحنون الي ابنائه واخوته القضاة. نحن أيضا حريصون علي أن تكون سمعة بيت العدالة في مصر في أعلي عليين فهذا ملجؤنا الذي نلجأ اليه جميعا كلما احسسنا بظلم وقع علينا.