رحب خبراء اقتصاد بالإجراءات الأخيرة للبنك المركزي المصري والتي تستهدف مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية ومساندة الاقتصاد القومي علي المدي القصير والمتوسط عن طريق تنظيم وترشيد الاستيراد للسلع غير الأساسية وخفض عجز الميزان التجاري. والعمل علي خفض عجز الموازنة العامة للدولة. وزيادة الانتاج المحلي ودعم الصناعة الوطنية. فيما أكد الخبراء علي أن السياسة النقدية للبنك المركزي تسير في الاتجاه الصحيح. إلا أنهم يرون أنها وحدها لا تكفي. طالبوا الحكومة بسياسات مكملة لإجراءات المركزي لتعظيم أثرها علي الاقتصاد مؤكدين أن الحكومة تأخرت كثيراً في اتخاذ مثل هذه الإجراءات. وأن السياسة النقدية لا يمكن أن تعمل وحدها لتحقيق الاصلاح الاقتصادي. كان البنك المركزي قد اتخذ العديد من السياسات والقرارات الجريئة خلال الشهر الأخير حيث قام برفع سعر الفائدة علي العديد من الأوعية المصرفية إلي مستويات كبيرة بلغت 5.12%. وأكد هذا التوجه من خلال قرار لجنة السياسات النقدية الأخيرة برفع العائد علي الايداع والاقراض لديه بواقع نصف في المائة. كما قرر البنك رفع قيمة الغطاء النقدي للواردات من 50% إلي 100% باستثناء الأدوية وعدد من السلع الأساسية بهدف ترشيد الاستيراد. وأعلن المركزي عن برنامج مع الحكومة يستهدف استقرار الاقتصاد من أجل تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الانتاج المحلي وخلق فرص العمل. ويتضمن برنامج تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة إلي مستويات مستدامة لتخفيف الضغط علي السيولة المحلية وإتاحة المزيد من الموارد للقطاعات الاقتصادية مما يؤدي إلي زيادة الانتاج المحلي وبالتالي تخفيض الضغوط التضخمية. يتضمن البرنامج المحافظة علي استقرار الأسعار باستهداف معدلات التضخم لا تتجاوز ال 10% علي المدي المتوسط والعمل علي تقليص عجز الميزان التجاري من خلال وضع استراتيجية تهدف إلي زيادة الانتاج المحلي لتغطية احتياجات السوق. وتنفيذ الاصلاحات الهيكلية التي تستهدف زيادة الناتج المحلي الاجمالي غير التضخمي. خطوة في الاتجاه الصحيح يري الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق أن تحرك البنك المركزي في الاتجاه الصحيح خاصة رفع سعر الفائدة والتأمين النقدي مشيراً إلي أن مصر في ظروف استثنائية ولابد من إجراءات استثنائية لمواجهة ما يعانيه الاقتصاد من مشاكل خاصة ما يتعلق بالعجز الكبير في الميزان التجاري فضلاً عن تراجع فائض ميزان الخدمات علي خلفية ضرب السياحة وانخفاض مواردها مشيراً إلي أن هذه الإجراءات لا تكفي وحدها ولابد من سياسات واضحة تعمل علي تخفيض فاتورة الواردات ومنع واردات السلع الترفيهية والكمالية لعام أو عامين إلي أن نخرج من هذه الظروف الصعبة. أكد "أبوعلي" علي ضرورة خفض عحز الموازنة خلال العام المالي الجديد ليصل إلي نحو 7% إلي جانب دعم مناخ الاستثمار لاستعادة الاستثمارات الخارجية ومساندة المصانع المتعثرة والمتوقفة وتعويمها من جانب البنوك. توفير البديل الجيد فيما يرحب الدكتور شريف قاسم رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بقرارات المركزي ويصفها بالجيدة إلا أنه بدوره يري أنها لا تكفي لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي نواجهها لافتاً إلي أن الاقتصاد المصري لا يملك الموارد الدولارية الكافية لتمويل فاتورة الواردات الباهظة وأكد علي ضرورة اتخاذ قرارات سريعة لخفض هذه الفاتورة بنسبة مؤثرة مشيراً إلي أن هناك فئات من المجتمع قادرة علي شراء السلع مهما ارتفع سعرها فاذا ارتفعت الرسوم الجمركية عليها تجد من يشتريها ولذلك لابد من منع مثل هذه السلع من المنبع حتي لا تتحمل الدولة عبء تمويلها ويمكن أن يتم طرح قائمة السلع المزمع منعها للحوار المجتمعي للاتفاق علي أنواع هذه السلع ويكون ذلك لفترة مؤقتة علي أن يتم تشجيع الصناعة المحلية لتقديم البديل الجيد بسعر مناسب للمستهلك. ويطالب قاسم الحكومة بحزمة من الحوافز للمنتجين المحليين الذين يدخلون في مشروعات مهمة للاقتصاد القومي توفر فرص عمل كثيفة للشباب. دور الجهاز المصرفي بحسب "بسنت فهمي" الخبيرة المصرفية فإن هذه الإجراءات كان يجب اتخاذها منذ فترة طويلة مؤكدة أن الجهاز المصرفي هو المحرك والعمود الفقري للاقتصاد وليس مجرد ممول له. مشددة علي ضرورة الاحتفاظ باحتياطي مناسب من النقد الأجنبي لدي البنك المركزي. تتحفظ "فهمي" علي الدور الحكومي الذي لم يقم بأي إجراءات حاسمة لمساندة الاقتصاد القومي وطالبت بحكومة جريئة تستطيع أن تتخذ القرار وتدافع عنه ولا تتراجع عند أي هجوم عليها من مجتمعات الأعمال. كما طالبت أن يكون الخط الأحمر للإجراءات الحكومية هو الفئات الفقيرة والمتوسطة. أشارت إلي أن ضرورة ترشيد الواردات ليس فقط من خلال زيادة الغطاء النقدي للبنوك ولكن من خلال إصدار قوائم من السلع يتم استيرادها تماماً وقوائم أخري ترفع الرسوم الجمركية عليها. وطبعا هذا لا يتعارض مع اتفاقيات دولية ولا منظمة التجارة العالمية والتي تستثني مثل هذه الإجراءات خلال الظروف الاستثنائية للدول خاصة الدول النامية. تري أن أية اعتراضات من جانب قطاع الأعمال الخاص لابد أن تدار وتواجه في إطار صالح الاقتصاد الوطني معتبرة أن استقرار الاقتصاد يعد أهم خطوات استقرار الدولة والذي يعد المحفز الأول لجذب الاستثمار سواء المحلي أو الخارجي. تنسيق مع الحكومة كان طارق عامر محافظ البنك المركزي قد أكد وجود تنسيق حالي مع الحكومة من خلال المجلس التنسيقي الذي يرأسه رئيس الوزراء مشيراً إلي أن الحكومة بصدد اتخاذ اجراءات وشيكة تهدف إلي خفض عجز الميزان التجاري وعجز الموازنة وزيادة الانتاج المحلي. وأعلن عن برنامج يعمل عليه البنك المركزي لدعم وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة من خلال اتاحة التمويل اللازم لها وحفز البنوك علي تقديم التمويل لهذا القطاع. من جانبه أشار جمال نجم نائب المحافظ إلي أن العام المالي الأخير شهد زيادة ملحوظة في الواردات الاستهلاكية لافتاً إلي أن الواردات من احدي الدول الآسيوية ارتفعت بنسبة 70% خلال العام الأخير مقابل نسب زيادة تتراوح بين 10% و15% خلال الأعوام السابقة. وشدد علي ضرورة تنظيم سوق الاستيراد وترشيده حفاظاً علي موارد النقد الأجنبي.