مصر رائدة دائماً في منطقتها العربية والقارة الإفريقية في مختلف المجالات يضاف إليها مجال آخر مؤخراً ستكون فيه مصر استشاري المشروعات والمصمم والتنفيذ والخبرة ألا وهو مجال شق الأنفاق الضخمة وذلك بعد امتلاكها الخبرة الهندسية والمعدات والعمالة الماهرة في هذا المجال بعد تنفيذها لمجموعة الأنفاق الضخمة أسفل قناة السويس والتي يصل عددها إلي ستة أنفاق بدأ العمل بها بالفعل بخبرة مصرية أجنبية مشتركة في البداية تمهيداً لاستكمال بقية الأنفاق بخبرة مصرية خالصة وهو الأمر الذي يدعم هذا المجال في عمليات التنمية التي ستجري في مصر خلال المرحلة المقبلة والمساهمة في إقامة مشروعات مماثلة في الدول العربية والأفريقية التي تشق طريقها نحو التنمية الشاملة واحتياجها لهذه الخبرات. هذا ما تؤكده صورة المشهد علي الطبيعة في تنفيذ النفق الأول من سلسلة الأنفاق المزمع إقامتها تحت قناة السويس وذلك في منطقة الإسماعيلية حيث تستطيع أن تلمح خلية النحل من كتائب المصريين التي تعمل بكل حماس ونشاط وهمة لإنجاز المشروع في فترة زمنية تقل عن المعدلات العالمية وبأعلي كفاءة تمهيداً للعمل في بقية الأنفاق الستة علي التوالي ليصبح في نطاق كل محافظة من محافظات القناة الثلاث نفقان ضخمان أحدهما للسيارات والآخر للسكك الحديدية لربط سيناء بالوادي وتسهيل حركة تنقل الأفراد والبضائع والمواد الخام في الاتجاهين بما يدفع حركة التنمية الواعدة خاصة في محور قناة السويسوسيناء. في زيارة لموقع المشروع الذي تشرف عليه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أكد اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة انه تم استدراك التأخير في تنفيذ هذه المشروعات التي تأخرت عن موعدها ما بين عشر إلي خمسة عشر عاماً وهو الأمر الذي تدركه العين ببساطة عند النظر إلي اصطفاف السيارات والحافلات في طوابير طويلة أمام المعديات في محافظات القناة ونفق الشهيد أحمد حمدي بعد ازدياد الحركة بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية خاصة حركة نقل البضائع والمواد الخام التي بدأ استغلالها في سيناء مشيراً إلي أن تنفيذ هذه المشروعات أصبح ملحاً بعد الزيادة المطردة في الحركة. خلال التواجد في موقع تنفيذ مشروع نفق السيارات في نطاق محافظة الإسماعيلية ووسط الحركة الدائبة للمعدات والعاملين بالمشروع لاحظنا تواجد أعداد كبيرة من طلبة الجامعات خاصة كليات الهندسة فأكد اللواء كامل الوزير ان ذلك يأتي في إطار اطلاع الطلبة علي الجهود المبذولة والمشروعات الضخمة الجاري تنفيذها علي أرض مصر ونقل انطباعاتهم إلي زملائهم وأهاليهم بالإضافة إلي متابعة طلبة الهندسة لعمل هندسي ضخم وكبير يضم جميع أنواع الإنشاءات والتصميمات بما يحفزهم علي دراستهم ويعطيهم بعض الخبرات العملية في نطاق دراستهم. طمأن رئيس الهيئة الهندسية المواطنين وأبناء الشعب المصري علي أهم المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها لربط سيناء بالوادي وحركة التنمية بالمنطقة مشيراً إلي أن المشروع يتضمن إنشاء مجموعتين نفقيتين الأولي في شمال الإسماعيلية تشمل نفقاً للسيارات والشاحنات والثانية في جنوب محافظة بورسعيد وتشمل نفقين أيضاً ثم الانتقال بعد ذلك إلي محافظة السويس لتشييد وشق نفقين في نطاقها أيضاً. أوضح اللواء كمال الوزير وصول أول ماكينتين لحفر الأنفاق إلي موقع المشروع بالإسماعيلية وجاري تجميعهما تمهيداً لبدء العمل في نفق السيارات الذي سيمتد علي مسافة أكثر من ستة آلاف متر يتضمن اتجاهين ذهاباً وإياباً يتسع كل اتجاه لحارتين بقطر 5.14 متر وانه بانتهاء عمل الماكينتين بهذا النفق سيتم نقلهما تباعاً للعمل في نفق السكك الحديدية. أشار رئيس الهيئة الهندسية إلي أهمية الأنفاق رغم تكلفة إنشائها العالية حيث أوضح انها ستسهل نقل الأفراد والمنتجات من وإلي سيناء وتحقيق الاستفادة من الخامات المتواجدة بوفرة في سيناء خاصة التعدينية منها للمساهمة في حركة التنمية بالإضافة إلي دورها في تقليل تكلفة المشروعات من خلال تسهيل النقل وسرعته مؤكداً أن أهالينا في سيناء سيشعرون بعد إقامة الأنفاق بربطهم بالوادي. وعن أهمية اختيار مناطق تنفيذ الأنفاق تحت قناة السويس أوضح اللواء كامل الوزير انه تم اختيار المواقع بدقة لربطها بشبكة الطرق الموجودة حالياً وكذلك الجاري تنفيذها في إطار المشروع القومي للطرق حيث سيتم ربط مجموعة أنفاق بورسعيد بالطريق الساحلي الدولي من الحدود الغربية إلي الحدود الشرقية وتنفيذ طريق جديد علي مخرج النفق.. أما مجموعة أنفاق الإسماعيلية فسيتم ربطها بطريق القاهرةالإسماعيلية الصحراوي الذي تم تطويره وتوسعته حتي الحدود الشرقية في العوجة موضحاً انه سيتم إنشاء طريق يربط المخرج الغربي للنفق بطول ستة كيلو مترات يطلق عليه طريق "تحيا مصر" حتي طريق المعاهدة علي طريق الإسماعيلية بورسعيد. أشار رئيس الهيئة الهندسية إلي أنه سيتم تنفيذ نفق للسكك الحديدية شمال نفق السيارات بالإسماعيلية بحوالي كيلو مترين لربط سكك حديد الفردان شرق القناة حتي الحدود الدولية الشرقية. أوضح اللواء كامل الوزير أنه تم اتخاذ قرار مهم عند عرض دراسات تنفيذ مجموعة الأنفاق هذه وهو الاستعانة بالخبرة الأجنبية في هذا المجال مع أول نفق ثم الاعتماد علي أنفسنا والخبرة التي سنكتسبها والمعدات التي نستوردها وماكينات الحفر في استكمال باقي الأنفاق بخبرة وأيد مصرية خالصة حيث تم استيراد ماكينات الحفر والتعاون مع الشركات المصرية ذات الخبرة والعمالة المصرية المدربة في هذا المجال مما يؤدي إلي تقليل التكلفة واكتساب الخبرة خاصة انه تمت الاستعانة بأحسن استشاريين في العالم لتنفيذ المشروع والاشتراط علي الشركات المصنعة لماكينات الحفر التواجد بالموقع حيث تعهدت الشركة بالاستعانة بالعمالة المصرية في تنفيذ الأنفاق التي يتم إنشاؤها خارج مصر. تطرق رئيس الهيئة الهندسية إلي قصة شراء ماكينات الحفر التي سيبلغ عددها أربع ماكينات وقال إنه بعد التفاوض مع الشركة المصنعة تم تخفيض ما قيمته 25 بالمائة من السعر وبعد تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رئيس الشركة واستقباله له تم تخفيض 10 بالمائة أخري بالإضافة إلي الاتفاق علي تدريب المصريين عليها وإقامة محاكي للتدريب عليها وكذلك الاتفاق علي إقامة مصنعين للمهمات النفقية بمواقع العمل لمواكبة سرعة حفر الماكينات. أشار اللواء الوزير إلي أن هناك أربع شركات مقاولات وإنشاءات مصرية كبري تعمل في هذا المشروع الضخم وتعمل معها حوالي 30 شركة مغذية من الباطن الأمر الذي وفر المئات بل آلاف فرص العمل للشباب والمهندسين والفنيين من أبناء مصر. عن موعد افتتاح الأنفاق قال رئيس الهيئة إنه سيتزامن مع تنفيذ محور تنمية قناة السويس موضحاً ان أول ماكينة حفر عملاقة ستبدأ العمل في 25 أبريل المقبل في نفق الإسماعيلية وانها تقوم بحفر عشرة أمتار طولية يومياً وانه يمكن إنهاء العمل في نفق الإسماعيلية للسيارات خلال عام ونصف العام. ورداً علي سؤال عن تلافي العيوب الفنية كالتي ظهرت بعد تنفيذ نفق الشهيد أحمد حمدي أكد رئيس الهيئة الهندسية انه يتبع أحدث أساليب ومواد إنشاء الأنفاق في العالم ويعمل معنا استشاريون عالمين وان الأنفاق ستكون آمنة تماماً حيث تمت مراعاة أعلي الأساليب العالمية وأعلي معدلات الأمان. بعد التجول وسط العمال والمهندسين الذين يعملون علي قدم وساق في تجهيز مدخل النفق وتجهيز نزول ماكينة الحفر تم الانتقال إلي مصنع المهمات النفقية الذي أقيم بموقع تنفيذ النفق ويتم خلاله صب اللوحات الخرسانية التي يتم استخدامها في جسم النفق حيث تم إقامة المصنع وفق أعلي النظم العالمية والتقنية الرفيعة.. وشاهدنا خلال الزيارة عملية حية لصب اللوحات وكيفية نقلها والمواد المستخدمة فيها حيث يعمل المصنع بطاقة 30 متراً طولياً من اللوحات اللازمة لجسم النفق يومياً بمعدل 15 متراً لكل اتجاه حتي يكون معدل الإنتاج أسرع من معدل الحفر الذي يبلغ عشرة أمتار يومياً. يبلغ عرض القطعة 60سم بطول مترين ويعمل المصنع علي إنتاج 80 قطعة كبيرة و10 قطع صغيرة تسمي "سيجمت" لتحديد اتجاهات النفق وغلق الدائرة التي يستخدم فيها ثمانية قطع كبيرة دائرية. أشار القائمون علي المصنع إلي ان الأسمنت المستخدم في عملية الصب ذات مواصفات خاصة ويتم إنتاجه بمصر وان هناك مصنعاً آخر يجري تجهيزه حالياً لخدمة مجموعة أنفاق بورسعيد. في نهاية الجولة شعر الجميع بمن فيهم طلبة الجامعات الذين زاروا المشروع بالفخر لإقامة مثل هذه المشروعات علي أرض مصر وبخبرة مصرية مشتركة مؤكدين تفاؤلهم بالمستقبل لما رأوه من حركة التنمية التي تبدأ أولاً بفتح شرايين الحركة والطرق.. كما أبدوا ثقتهم في تنفيذ مشروع مجموعة الأنفاق تحت إشراف القوات المسلحة ذات الانضباط والدقة في التنفيذ.