جاء إعلان وزير القوي العاملة عن قرب إقرار قانون الحريات النقابية وتقنين أوضاع النقابات المستقلة ليجدد الخلافات بين الاتحاد الرسمي والقيادات المستقلة التي وجدتها فرصة للبحث عن الشرعية حيث ترفض التفريط في حقها في التواجد الذي اكتسبته بعد ثورة 25 يناير. القيادات العمالية تصر علي أن هذه الشرذمة كما وضعتها تعمل بلا سند ودمرت مواقع الانتاج وزادت من تفتت الحركة النقابية حيث تحصل علي تمويل خارجي وهدفها خلق حالة من الصراع بين العمال. قالوا ان هذه النقابات المستقلة يجب أن تخضع للقانون إذا تم الاتفاق علي وجودها علي أن يتم التفتيش عليها ومراقبة ميزانياتها أسوة بما يحدث مع النقابات الرسمية. أما الممثلون للنقابات المستقلة فأعلنوا أنهم لن يسقطوا في فخ التناحر واضاعة الوقت مع البعض الذي يريد اشعال الأمور بدون سبب واضح وأنها تستمد شرعيتها من المواثيق الدولية. قالوا انهم ظهروا للنور بديلاً عن الكيانات الهشة التي فشلت في اجتذاب الطبقة العاملة بدليل الاقبال الشديد عليهم من جانب العمال. أضافوا أنهم ليسوا السبب في تفتت الحركة النقابية بل العكس يمارسون دوراً وطنياً في الدفاع عن الوطن ولا يمارسون أي ضغوط علي الدولة. * محمد وهب الله الأمين العام لاتحاد العمال يؤكد أن الظروف الراهنة التي تمر بها مصر لا تتطلب تراشقاً بين الاتحاد العام والنقابات المستقلة وعلي الراغبين في خدمة الحركة العمالية التوحد حتي نصل إلي كيان نقابي قوي يهدف للاستقرار في جميع مواقع العمل. أضاف: لكن في نفس الوقت يجب أن نؤكد أن النقابات المستقلة التي ظهرت عقب ثورة 25 يناير لم تؤد إلي نتيجة حقيقية في صالح العمال في وقت من المفترض أن تكون النقابات العمالية إحدي أدوات تنظيمالعمل وهو بصراحة ما لم يحدث من هذه "الشرذمة" التي تصدعنا ليل نهار بدون أي سند قانوني أو شرعي ومن واقع خبرتي فإن هذه النقابات ساهمت بشكل كبير في تدمير العديد من مواقع العمل وأصبح الجميع في دائرة صراع والاشتباك كنتيجة حتمية لتعدد النقابات العمالية. أوضح أنه كبرلماني في نفس الوقت سوف يعمل علي اقرار قانون النقابات العمالية في شكله الجديد لتحقيق الاستقرار وعلي هذه النقابات إذا كانت راغبة كما تقول في خدمة الطبقة العاملة فعليه أن يتقدم للترشح من خلال النقابات العامة الرسمية وإذا كان جيداً فبالتأكيد ستختاره القاعدة العمالية لأننا نرفض الكيانات الموازية التي تؤدي للبلبلة والتشتت. تساءل: هل من الطبيعي أن تكون هناك منشأة تضم 1000 عامل وفي نفس الوقت يوجد بها 10 نقابات فهذا في رأيي يمثل خلطاً بين حرية العمل النقابي من ناحية والتعددية النقابية من ناحية أخري والذي أدت إلي إعاقة العمل وعرقلته ولم تحقق أي نتائج ايجابية للعامل المصري. خطر كبير * حسن حكيم المستشار السابق بمنظمة العمل العربية سابقاً - يري أن اتفاقية 87 لسنة 1948 التي يعتمد عليها أصحاب النقابات المستقلة والتي كانت تدعو إلي التعددية النقابية مر عليها ما يقرب من 70 عاماً ولم تطبقها دول عديدة مثل أمريكا وانجلترا وألمانيا حيث يوجد بها تنظيم نقابي واحد وأيضاً نفس الأمر ينطبق علي الأغلبية من الدول العربية التي لا تطبق التعددية أيضاً. يؤكد أن التعددية النقابية تضر بالاقتصاد القومي والأخطر اضاعة حقوق العاملين فعلي سبيل المثال مصنع مثل الحديد والصلب يوجد به أكثر من 300 ألف عامل ولنا أن نتخيل إذا تم السماح لكل 100 عامل كما ينص القانون علي انشاء نقابة فمعني ذلك وجود أكثر من 3000 نقابة في مكان واحد مما يؤدي للتناحر وعند حدوث مشكلة خاصة بالعمال من الممكن أن يتم استمالة احدي هذه النقابات من جانب الإدارة وبالتالي تتحول مساحة العمل إلي فوضي وصراع وهو ما يضر في النهاية بمصلحة العامل نفسه والاستقرار والانتاج وخير دليل علي ذلك ما شهدناه من أحداث عقب ثورة 25 يناير حيث شاركت النقابات المستقلة في احداث قلاقل وتوترات. طالب بأن تكون يد الدولة قوية في منع ظهور النقابات المستقلة وليس مطلوباً القلق من منظمة العمل الدولية ووضعنا في القائمة السوداء لأنه لا توجد أي عقوبات يمكن أن تفرض علي مصر إذا خالفنا هذا الأمر. أضاف أننا نعيش مرحلة خطيرة تحتاج إلي الاصطفاف والتصدي للتقسيم والتجزئة للحركة النقابية وعلي البرلمان الحالي أن يتم بالوضوح والشفافية ويرفض النص علي ذلك في قانون الحريات النقابية المنتظر صدوره. أشار إلي أن النقابات المستقلة تحصل علي تمويل من الاتحاد الحر الدولي وهذا الاتحاد هدفه تفتيت العمال وخلق حالة من الصراع وسط الطبقة العمالية وتاريخه معروف في مجال الانشقاق وكلما تسببت النقابة المستقلة في احداث حالة من الفوضي من الصراع في المجتمع حصلت علي دعم أكبر كما أنهم في رأيي لايعبرون تعبيراً حقيقياً عن الطبقة العمالية. تقنين الأوضاع * سحر عثمان نائب رئيس اتحاد العمال سابقاً - ترحب بوجود قانون للحريات النقابية يسمح بوجود نقابات مستقلة يتم التفتيش عليها ومراقبة ميزانياتها أسوة بما يحدث في النقابات الأخري وفي نفس الوقت يعطيهم الفرصة للعمل وسط العمال ومعرفة دورهم الحقيقي. أضافت: لكن هذا التشريع يجب أن يراعي الوضع الحالي للنقابات المستقلة ويتلاءم أيضاً مع الظروف التي تمر بها البلاد فعلي سبيل المثال يجب عدم التعددية في القواعد بمعني ألا يسمح بوجود أكثر من نقابة في مصنع أو مكان عمل وانتاج ولكن يمكن أن هذه التعددية في المستويات النقابية الأعلي مثل النقابات العامة لأن عكس ذلك يؤدي إلي تعنت العمال كما أن منظمات العمل الدولية نفسها لم تتحدث عن التعددية في المستويات النقابية الصغري. أشارت إلي أن النقابات المستقلة ظهرت في ظل عدم التواجد للنقابات الرسمية التي يجب أن نعترف أنها كانت بوقاً للنظام في بعض الفترات ولكن ليس معني ذلك أن تتحول الساحة العمالية إلي فوضي بل يجب تقنين عمل كل التنظيمات بما فيها النقابات المستقلة. أوضحت أنه إذا كانت النقابات العمالية المستقلة راغبة في العمل بشكل واضح فعليها أن تلتزم بالقواعد التي يضعها القانون بحيث تطبق علي الجميع وليس علي النقابات الرسمية فقط التي تحتاج هي الأخري إلي هزة وغربلة بحيث تعود تنظيمات نقابية حقيقية نابعة من وسط العمال أنفسهم وليس بقرارات فوقية وبالتعيين كما حدث في مجلس 2006 الذي كان 90% منه بالتعيين و10% فقط بالانتخاب. قمة الديمقراطية * محمد زكريا حسونة وكيل نقابة المعلمين المستقلين للتعاون الدولي يؤكد أن النقابات المستقلة لا تبحث عن مصالح خاصة ولكن اهتمامها الأول من خلال لوائحها الأساسية التي يقوم الأعضاء بوضعها بأنفسهم في دليل علي الديمقراطية أحداث تقدم في جميع المجالات فعلي سبيل المثال نحن كنقابة مستقلة في مجال التعليم هدفنا الأول والأساسي الحق في تعليم جيد ومتكافئ للجميع وتطوير البيئة التعليمية حتي يأخذ التعليم مكانه الطبيعي كقاطرة لتنمية الوطن. أضاف أننا نمارس هذا الدور سواء علي المستويين الداخلي أو الإقليمي فمؤخراً كنا ممثلين كنقابة في لبنان في اجتماع المجموعة العربية للتعليم لبحث التصدي لسياسات الخصخصة في التعليم والحفاظ علي التعليم والمدارس العامة. أوضح أن النقابات المستقلة لم تكن يوماً سبباً في تفتيت الحركة النقابية كما يردد البعض فهذا الوضع لا يمكن أن ينطبق علي مصر ولكن يمكن أن نطلق هذا المصطلح إذا كنا نتحدث عن حالة تونس مثلاً حيث يوجد فيها اتحاد التشغيل الذي يعبر حقيقة عن الطبقة العاملة هناك أما لدينا فاتحاد العمال اتحاد فوقي ليس له علاقة بالعمال فالنقابة العامة الرسمية التي توجد في الاتحاد المسئولة عن التعليم والبحث العلمي نقابة هشة بدليل الاقبال الكبير من العاملين علي الانضمام إلينا خلال 4 سنوات هي عمر النقابة. تساءل ما المانع أن يكون في أي موقع عمالي نقابتان أو أكثر يختار العمال منها للانضمام إليها كمعبر عن حقوقهم وفي هذه الحالة سيكون هناك لجنة نقابية قوية سوف يقبل الجميع عليها لأنها تعبر عن مصالحهم ونحن هنا نأخذ بمبدأ التنوع والاتحاد حيث يوجد 3 نقابات مستقلة في مجال التعليم هي نقابة المعلمين المستقلة ونقابة العاملين بالتعليم واتحاد المعلمين المصريين ونبحث الآن دمجها في نقابة واحدة بعد أن اكتشفنا أن قوتها في الاتحاد خاصة أنه لا توجد اختلافات جذرية بينها. رفض اتهام البعض للنقابات المستقلة بأنها تلعب دوراً غير وطني قائلاً: نحن علي العكس من ذلك تماماً فنحن لم نمارس أي ضغوط علي الدولة في أي لحظة من لحظات ضعفها بل علي العكس كنا داعمين لها فبعد ثورة 30 يونيو ووصف العديد من الدول لما حدث في مصر بأنه انقلاب سارعنا بالاتصال بالمفوضية الدولية للتعليم من خلال عضويتنا بها لتصحيح الصورة بأن ما حدث في 30 يونيو ثورة قام بها الشعب وساندها الجيش وبدورها قامت المفوضية بالتحدث إلي حكوماتها التي تستمع لها جيداً وكانت النتيجة أننا نجحنا في تعديل موقف دول كثيرة منها الدانماركوتونس والجزائر وبالمناسبة لعبنا هذا الدور من خلال الاتفاق مع الحكومة المصرية. قال أننا سنظل نمارس دورنا في اطار من القانون والدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر وتسمح بتعدد العمل النقابي وأصبحت جزءاً من القانون المصري بعد التوقيع عليها ولهذا نحن ننتظر قانون الحريات النقابية لتأكيد أحد مكاسب ثورة 25 يناير وهو ظهور النقابات المستقلة التي نعتبرها حقاً من الصعب التفريط فيه. إنقاذ موقف * محمد أحمد رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب يري أن النقابات المستقلة لم تظهر للنور من فراغ ولكن بعد ادراج مصر تضمن قائمة الملاحظات الدولية من منظمة العمال الدولية المعروفة بالقائمة السوداء في الحقوق والحريات النقابية أي أنها لم تظهر من أجل مصالح ولها شرعية تستند إلي مواثيق دولية قامت مصر بالتصديق عليها. أضاف أن التعددية هدفها ايجاد منافسة نقابية هادفة تحقق مصالح العمل والعمل في نفس الوقت ولكن للأسف بدأت حرب من جانب الاتحاد الرسمي دون أي سبب واضح وتم كيل الاتهامات لنا بالعمالة رغم أننا نعمل في النور وفور تأسيس النقابات المستقلة قمنا بوضع صورة من التأسيس والنظام الأساسي في القوي العاملة أي أننا لا نعمل في الخفاء. أضاف: صحيح أن قانون العمل المصري لم يتم تعديله ليسمح بالنقابات المستقلة ولكن هناك ما سمي بإعلان المبادئ الذي صدر في عهد د. أحمد البرعي ويجب أن يتم تدارك هذا الأمر بوجود قانون شامل وموحد بحيث لا نصل إلي طريق مسدود يؤدي إلي وجود كيانات متضاربة تتبادل الاتهامات فأنا أرفض اتهام الاتحاد الرسمي بأنه حكومي تابع لأجهزة أمنية أو اتهامنا بالعمالة لأن هذا يؤدي إلي السقوط في فخ الصراع مما يضعف مؤسسات الدولة في وقت أحوج ما نكون فيه إلي تصويب المسار. أوضح أن هناك 1500 نقابة مستقلة قد لا يكون بعضها بالفعل فاعلاً ولكن الأغلبية يؤدي دوره لتعظيم دور العامل في الصناعة والانتاج. سمعة مصر * طلال شكر أحد قيادات النقابات المستقلة يتعجب من موقف العداء الذي تتخذه بعض القوي في مواجهة النقابات المستقلة التي تشكلت علي أساس قانوني تمثل في وثيقة اعلان المبادئ الذي أقرها الوزير الأسبق أحمد البرعي عقب ثورة يناير. قال انهم لا يدعون إلي الاضراب عن العمل كما يتهمهم البعض فأسلوب الاضراب آخر أسلوب يمكن أن نلجأ له لحل الخلافات مع الإدارة. أكد أن التفكير في الحد من دور النقابات المستقلة أو في الغائها لن يضطر بقطاع ومصالح العمال ولكن يضر بسمعة مصر حيث يعطي انطباعاً للعالم بأن دولتنا لا تحترم المواثيق ووصمة عار أن نكون من أكثر الدول انتهاكاً للحريات العمالية. أضاف أن المادة 76 من الدستور تتعهد بتحقيق الحريات النقابية وكذلك المادة 93 تلزم الدولة باحترام المواثيق الدولية ومن ثم فإن القيام بالغائها في القانون المنتظر يدخلنا في متاهات لا نهاية لها.