ليست الأزمة في الدروس الخصوصية وحدها. المنظومة التعليمية في مصر بالكامل تحتاج إلي إعادة هيكلة. بعد أن أصبحت في حيص بيص. الطالب لا يرغب في الذهاب إلي المدرسة. والمدرسة غير مجهزة لاستقباله. والمعلم لا يوجد ما يحفزه علي العمل داخل الفصل. والإغراءات الخارجية من أموال الدروس الخصوصية تدفعه خارج المدرسة. "المساء" استطلعت آراء خبراء "التعليم" من ناحية وخبراء "التربية" من ناحية أخري. لنتعرف علي أصل المشكلة وسبل حلها. تراجع محافظ الشرقية د. رضا عبدالسلام عن الخطوات الجادة التي اتخذها بإعلانه الحرب علي الدروس الخصوصية حقق انتصاراً لأباطرة الدروس بعد أن رضخ للأمر الواقع نتيجة الغضب الشعبي والتظاهرات الطلابية ضده هذا ما حول قرارات القيادات التنفيذية إلي مسألة هزلية فلم يجرؤ أي محافظ علي مواجهة الظاهرة.. !! أكد خبراء التربية والتعليم ان المسألة تتطلب استراتيجية متكاملة للقضاء علي ظاهرة الدروس الخصوصية وإشراك المدرسين في تلك الاستراتيجية وتوفير البدائل أولاً كما يمكن الاتفاق مع المدرسين علي نقل المراكز الخصوصية إلي المدرسة حتي تعمل تحت إشراف وزارة التعليم وعين الدولة. بالإضافة إلي أهمية اتخاذ قرارات علي مستوي الجمهورية دون قصرها علي محافظة واحدة. * تقول د. صفاء سيد "أستاذ تكنولوجيا التعليم وعميد الحاسب الآلي ونظم المعلومات والإدارة": قرار محافظ الشرقية بمحاربة الدروس الخصوصية واتخاذ خطوات جادة لإغلاق المراكز خطوة صائبة ولكن الرجوع عن هذا القرار وتجميده بسبب المظاهرات التي أطلقها بعض الطلاب في الشرقية جعل المسألة هزلية وهذا يجعل باقي محافظي الجمهورية ليس لديهم الشجاعة لاتخاذ نفس الإجراء خوفاً من التعرض إلي نفس الهجوم الشعبي ورغم ان المحافظ حاول القضاء علي هذه الظاهرة كان لابد وأن يستكمل خطته دون أن يتراجع "هتنزل المرة دي"!! لكن جرأة محافظ الشرقية د. رضا عبدالسلام كانت تحتاج إلي بعض التروي لتوفير بديل من خلال اجبار المدارس علي عمل مجموعات دراسية برسوم مخفضة حتي يجد الطلاب البديل المناسب للتحصيل الدراسي.. أوضحت انه ليس من المنطقي الرضوخ للأمر الواقع الذي يفرض ظواهر سلبية فلابد من قيام الحكومة بوضع استراتيجية متكاملة لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية وتطبيقها علي مستوي المحافظات المختلفة وتنفيذها تدريجياً دون قصرها علي محافظة واحدة وبالنسبة لمراكز الدروس فلا بديل عن اغلاقها حيث انها لا تخضع لإشراف الدولة أو تقييم أداء الطلاب المترددين عليها. * د. سعيد خليل "عميد كلية تربية جامعة عين شمس" يري ان ما قام به محافظ الشرقية لمواجهة الدروس الخصوصية واغلاقها بالقوة جاء بنتيجة عكسية فهناك نصف مليون طالب في الثانوية العامة في حاجة ماسة إلي الدروس الخصوصية وأسرهم تدعمهم لتحصيل مجاميع عالية فليس من المنطقي مداهمة مراكز الدروس بهذا الشكل العنيف لأن ذلك يتسبب في إثارة الرأي العام وهذا لا يعني ترك المسألة دون محاولة لمعالجة منظومة التعليم بالشكل الأمثل فيجب أن نضع في الاعتبار ان هناك فئة كبيرة تعتمد علي الدروس الخصوصية. وظاهرة الدروس موجودة منذ سنوات طويلة فالقضاء عليها نهائياً أمر مستحيل لكن يمكن العمل علي تقليصها ويكون ذلك من خلال إشراك المدرسين في الإصلاح والعمل علي نقل هذه المراكز إلي المدارس بالاتفاق معهم وبذلك تعمل تحت إشراف الوزارة وعين الدولة ويستفيد المدرس من الدخل الناتج من هذه الدروس المقننة وكذلك إذا تم تطوير المناهج حتي تتماشي مع روح العصر وتتسم بالتكنولوجيا مثل التعليم الأجنبي فسوف يسهم ذلك أيضاً في تقليل التوافد علي الدروس الخصوصية ويجعل الطلاب أكثر تقبلاً لها من الناحية النفسية والاقبال التعليمي. * السيد سويلم "وكيل مديرية التربية والتعليم بسيناء" أكد ان ما فعله محافظ الشرقية في العزوف عن تنفيذ قراره سوف يدفع جميع المحافظين والقيادات التنفيذية للتفكير ومراجعة أنفسهم ألف مرة قبل تطبيق أي قرار وحدث نفس الأمر من قبل عندما قرر وزير التربية والتعليم تقييم 10 درجات للطلبة علي نسبة الحضور وعندما حدث نفس الهجوم والغضب الشعبي تراجع عن قراره لذلك من الأفضل للجهات التنفيذية التدقيق والتروي جيداً قبل تنفيذ أي قرار وإذا اتخذه يجب عدم العودة فيه وبالنسبة لظاهرة الدروس الخصوصية كان يجب اتخاذ آلية معينة لمواجهتها لأن تجربة الإطاحة بالدروس نشهدها للمرة الأولي ومن الضروري أيضاً في المقابل بناء مجموعات التقوية في المدارس وتوعية الطلاب وأولياء الأمور بأهداف الإصلاح حرصاً علي أبنائهم وحجم الانفاق علي الدروس الخصوصية فهذه الظاهرة تستدعي استراتيجية متكاملة لا يمكن معالجتها علي المستوي الفردي.